أميرة البقري تكتب: العيد مش فرحة

\"\"

اعتذر منك يا إلهي، فأنا لا استطيع أن أدعي السعادة والابتهاج لقدوم العيد.
التمثيل هو أحد أصعب الأشياء على نفسي. بل إنني أحتاجه كثيرا ولا استطيع تنفيذه مما أوصلني ليكون الغباء الاجتماعي أحيانا هو أحد صفاتي التي بدأت الاعتراف بوجودها داخلي وأصادقها.
تعودت أن اقع في مآزق عديدة يمكن تجنبها لو أنني امتلك بعض الكياسة والقدرة على إخفاء ما بداخلي، ولكن حالت شخصيتي الغريبة أحيانا دون ذلك. كان يمكنني أن أعيش حياة أسهل في سلام وهدوء لو أني امتلك بعض التحكم في ما أقول وأشعر بدون التفكير كثيرا في تأثير ذلك على علاقتي بالآخرين وتيسير أموري المعقدة دائما.
في أوقات قليلة أشعر بالراحة حين أصادف أشخاصا يستطيعون العبور للنظر بداخلي بغض النظر عن توتري المستمر وعصبيتي وغضبي الظاهرين للكثيرين.
أريد أن أعيش في صدق وسلام داخلي وأصل إلى درجة من الهدوء النفسي لكنني أبذل جهدا كبيرا للوصول إلى ذلك.
منذ صغري وأنا لا أشعر بالارتياح لقدوم العيد وأبحث دائما عن الأسباب التي تؤدي بي إلى هذا الشعور، بل بالعكس تعودت أن أضغط على نفسي وأمثل السعادة، ولكن كثرة تفكيري في الموضوع بدأ يؤرقني ويستفزني. أنا لست مرغمة على أن أفعل شيئا لا أصدقه وأُظهر للآخرين مشاعر كاذبة لا أحسها. لن أحمّل نفسي مشقة القيام بهذا. التفكير المستمر اتعبني وأرهقني وحرمني من النوم في أوقات كثيرة ولكن التفكير مفيد أيضا ليتطور تفكيري رغم أنني لا أجزم هل هو يتطور للأحسن أم للأسوأ. ولكن الأكيد أن تفكيري يتغير بشكل كبير على مدار السنين وتتغير معه معتقداتي وما أظنه صوابا أو خطأ.
عوضتني صداقة الحيوانات عن جزء من علاقتي المتوترة بالبشر. حبي للحيوانات جزء كبير من روحي وشخصيتي لأنني دائما ما وجدت فيهم الصديق الذي لا يحكم عليّ ولا يحاسبني ولا يتوقع أي شيء مني سوى المحبة. علاقتي بالحيوانات هي حب غير مشروط. لا يشترط أن أكون جميلة أو مهندمة أو مثقفة أو محجبة أو متدينة أو غنية أو من أسرة عريقة لكي تحبني الحيوانات. هم كائنات نقية تستخدم فطرتها للتواصل ولا تعتني كثيرا بتفاصيل الإنسان الذي تتعامل معه، هي فقط تحبه وتسعد لرؤيته.
العيد بالنسبة لي هو غربة شديدة وواقع لا أريد أن أتواجد فيه. أحاول أن أعزل روحي ونفسي الآن عن تحضيرات العيد وأتجاهل المناسبة بأكملها. لا أستطيع أن أفكر في فكرة ذبح حيوان لكي احتفل. أعرف أن اللحوم من الغذاء الأساسي للإنسان لكن هذا الاختيار لا يناسبني. أشعر أن روحي تتصاعد ويضيق صدري مع النظر لهذا الحيوان الذي سوف يلقى مصيره بعد أيام. حاولت جاهدة أن أتوجه لخطباء المساجد لكي ينصحوا الناس بالبعد عن التصرفات البربرية في هذا اليوم، لكني لم أر استجابة أو تغير في سلوك الجيران والبوابين الذين يقومون بطقوس الذبح بالجراجات أحيانا ويجمعون الأطفال للعب بالحيوان واستفزازه في أشد وقت يحتاج فيه للرحمة. أعتقد أنهم لا يضمرون الشر داخلهم. ربما هم فقط لا يدركون أن هذا الحيوان يشعر ويتألم ويحزن ويخاف. اتمنى أن يمضي العيد في سلام وأنا في انفصال تام عما يحدث خارج حدود شقتي. أحاول جاهدة أن أعزل إحساسي عما يحدث وألا انظر للحيوانات المتجمعة بجوار العديد من المباني في منطقة سكني. اتمنى السعادة والسلام للجميع إنسانا وحيوانا وطيرا وأطمع أن تنتهي غربتي قريبا بسلام.. مع انتهاء العيد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top