كم نحن بحاجة إلى مساحة من الأمل.. مساحة حرة جريئة، تتناول انتكاساتنا وأخطاءنا وخطايانا بكل شفافية.. مساحة خالية من النفاق والسقوط الذي ملأ المشهد، حتى أصبح المجال العام ملوثا بتمجيد أحمق للذات، وتأليه وفرعنة لمن داس ببيادته على أحلام زهور التحرير.
أمدني موقع \”زائد 18\” خلال الأسبوع المنصرم، بوجبة دسمة وصحية من الحرية.. من النقد الذاتي، والجلد للجهل والعنصرية، التي صبغت المجال العام. مجموعة رائعة من الأقلام تتناول نقاءصنا وخطايانا.. مساحة من الاختلاف الراقي، نحن مختلفون ومتنوعون، ولكل منا فلسفة خاصة في تناول اختلافه، دون تحقير أو إلغاء لاختلاف الآخر.
هنا.. تتكلم \”وسيلة\” عن قرارها بارتداء الحجاب، و\”أميرة\” تكتب عن الحجاب أيضا، ولماذا خلعته.
\”دعاء\” تكتب بألم – في نقد محمد منير- عن سقوط وابتذال أيقونة.
وعن العاصمة الجديدة يكتب \”محمد حسين\” عن مدن الحكام.. عن المدن التي تتمرد وتتوسع خلف أسوار الحكام، وتبقى المدينة حالة حية في عشوائيتها، ويُحاصر الحكام في قلاعهم غير قادرين على كبت المدينة، فيكررون بشكل ممجوج المحاولة.
\”باسل رمسيس\” يتناول العنصرية، و\”مينا نجيب\” يقرر البقاء تحت الكوبري.. هذا بعض من الكثير الذي نشر في فترة قصيرة للغاية، والذي يعدنا بسقف عال للحرية في تناول أي شيء، وفي تفتيت المفاهيم وقصف الواقع بحمم الحلم، الذي يعدنا \”زائد 18\” بأنه باق ولن ينحسر.
سقف الحرية ارتفع وانخفض على نبض الثورة وصعودها وانتصاراتها ثم تراجعها، لعوامل كثيرة – لا مجال للخوض فيها في هذه العجالة وانتكاسها ووهم هزيمتها. امتلأ الأفق بأصوات تنهش في حلم ثورة يناير ومبادئها، وبدأ البعض يعد العدة لإعلان وفاة الحالة الثورية، وتجفيف منابعها.
مساحة الأمل التي يوفرها موقع \”زائد 18\”، هي دليل على أن الحالة الثورية والإصرار على التغيير، ما زالت حاضرة وبقوة، و لن تنتهي، بل هي تتجدد وتبدع في إيجاد منافذ للتعبير عن حضورها.
\”زائد 18\” وفي فترة قياسية، استطاع أن يفرض وجوده وحضوره.
ابدأ يومي بقراءة لما هو جديد في الموقع.. هنا لا وجود للمهادنة.. أقلام تسلط الضوء على أمراض توطنت، ولا يمكن التغاضي عنها، والانضمام لجوقة التصفيق الأهبل أو غض الطرف والاستكانة للسلامة بانتظار مرحلة أقل خطورة.
أقلام تحفر عميقا في عفن الجرح، فبدون إزالة العفن لا يمكن معالجة الجرح وسيجتاح العفن كل الجسد لينهيه.
مباضع كتاب زائد 18 هي بداية العلاج، وهي الحالة الإبداعية التي ترفض الخنوع والتهميش.. هي إرهاصات الثورة على العفن الذي ملأ الأثير.
اشعر بالفخر أن انضم إلى هذه المجموعة الرائعة، وشكرا للصديقة المشاغبة دعاء سلطان على هذا الجهد الرائع.