مروة بقية تكتب: عزيزي ربي.. أين يذهب الدعاء؟

هل خُلقنا لنعذب بحبنا وتعلقنا؟ لِمَ الموت؟
ألم يكن هناك اختبارات أقل قسوة أو بها شيء من الرحمة؟
لا أقصد الإساءة أو التطاول بأسئلتي أو حتى قلة الإيمان، لكني لم أعتد أن أسأل غيرك ولا أحد يملك تلك الإجابات سواك.
ألا يوجد حديث عن النبي صلي الله عليه وسلم \”لا يرد القدر إلا بالدعاء\”
لماذا لم تستجب لي ولأمي وعائلتي بأكملها، بل ولكل من دعا؟
سهرنا ليالٍ لا نفعل شيئا سوى الدعاء كي تؤخر قضاءك وتشفي لي خالي.
ألم يكن دعاءنا كافيًا؟ هل لم يوجد فينا قلب واحد قريب منك تستجب له؟
لقد دعوتك أن تتقاسم صحتي بيننا أو حتى تأخذ من صحتي ما يكفيه للشفاء،
لِمَ أعطيتنا أمل الدعاء إذًا؟
قلت أيضًا \”أنا عند حسن ظني بي فليظن بي ما شاء\”
وكنت حسنة الظن بك دائما، عندما قال جميع الأطباء \”إنها مسألة وقت\”
كنت أحدثك يا ربي وأقول \”إنك خلاف الظنون\” وسوف تشفيه.

كنت واثقة لدرجة جعلتني أتعامل مع حالته المتأخرة كما لو أنه مصاب بدور برد بسيط، فدعائي لك صنع لي معجزات من قبل، لا يعلمها سوانا.

لِمَ لم تعطنا فرصة الوداع حتى؟
لماذا تكون آخر ذكرى لي معه وهو جثة هامدة، أحدثه لليالٍ طويلة بدون أي رد أو إشارة حتى، غير قادرة على احتضانه لكي أشبع منه ومن رائحته؟
دائمًا نردد \”لو علمتم الغيب لاخترتم الواقع\”
وأنا لا أريد أن أعلم الغيب، أو أعيش في هذا الواقع.

أنت وحدك تعلم بدعوتي اليومية قبل نومي، وتوسلي إليك أن تجعل موتي قبل كل أفراد عائلتي وكل من أحب، لأنك وحدك تعلم ضعفي وقلة حيلتي وعدم قدرتي على تحمل حقيقة موت أحدهم خاصة من أحب، أو حتى التعايش مع تلك الحقيقة. في كل مرة تأخذ أحدهم تأخذ من روحي جزءا لا يعوض، وتتركني شبه إنسان خاوية من داخلي، وروحي معلقة.
تمنيت أن أحفر القبر وأخرج خالي وكل من ماتوا مرة أخرى، تمنيت أن يكون كل هذا كابوسا.. لِمَ تعرضني له؟ كل ما يشعرني بالعجز وعدم قدرتي على فعل أي شيء لي ولهم.
أتمنى كثيرًا أن أموت أنا وجميع أفراد عائلتي ومن أحب في لحظة واحدة، حتى لا يحزن أحدنا على الآخر، ويجمعنا الموت مرة أخرى، كانت دائمًا أمي هي الحائل بيني وبين الموت، كنت أشفق عليها من لحظة فراقي، وما قد يحدث لها من الحزن، حتى رأيت ما حدث لها بعد فراق أخيها، وشعرت بالعجز أكثر لعدم قدرتي على إرجاعه، أو على الأقل تخفيف حزنها، وشعرت لأول مرة بحاجتي للتمسك بالدنيا من أجلها هي فقط، فنصف روحها ذهبت مع أخيها وتوأم روحها، والنصف الآخر باقٍ من أجلنا، من أجلنا فقط!
أتمنى أن يكون دعائي محفوظا لديك لمناسبات أخرى أقل قسوة.

تعلم أن إيماني بك ودعائي لك أبدًا لم يكن مشروطا بالإجابة أو بقضاء حاجة لي، فوحدك يعلم أن معظم دعائي ليس لي، وسوف أظل أدعوك دائمًا لقضاء حاجات الناس وحاجتي، فأحيانًا كثير لا نملك سوى الدعاء.
أخيرًا، أتمنى منك أن تلهمنا صبرًا وقدرةً على تحمل فراقهم، بقدر حبنا لهم.

رحم الله خالي وجدي وعمتي وجميع موتانا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top