اعتبر السيناريو الجيد أهم عناصر نجاح العمل الدرامي، الكاتب الموهوب يرسم شخصيات وخيوط درامية بعناية شديدة يحولها المخرج بلمسته لشخصيات من لحم ودم نتفاعل معها ومع أحداث العمل بشكل كامل.
تقديم حلقات منفصلة داخل العمل الدرامي فكرة قديمة وهو ما حاول السيناريست مصطفى جمال هاشم تطويره خلال مسلسل \”٣٠ يوم\”، قدم لك المشكلة الدرامية من أول مشهد في المسلسل دون أي تطويل أو تمهيد.
بمنتهى البساطة، قرر أحد الأشخاص أن يختبر تجربة نفسية على طبيب نفسي وتعريضه لأزمات نفسية ومشاكل على مدار ٣٠ يوما قادرة على تحويله لشخص آخر تماما، هكذا وضع المؤلف المشاهد داخل الأحداث المسرودة برشاقة، لتنتظر كل حلقة الكارثة التي ستحدث للبطل سواء في أسرته أو عمله أو علاقاته الغامضة وقدرته في التغلب عليها.
على الرغم من أن المشاهد ينتظر الحلقة الجديدة وهو متوقع لكارثة جديدة وهو ما قد يقلل الشغف تجاه العمل الفني، إلا أن سرعة الأحداث والمفاجآت التي تكشف عن الأبطال تكسر كل توقعات المشاهدين.
يشهد المسلسل أيضا بداية جديدة للمخرج الشاب حسام علي.
اتابع الأعمال التي شارك فيها حسام علي منذ ظهوره، مشاركته كمخرج مساعد في أعمال كبيرة ومع مخرجين لهم خبرة مثل مروان حامد في فيلم \”إبراهيم الأبيض\” ومحمد ياسين في الجزء الأول من مسلسل \”الجماعة\”، أضاف له القدرة على التحكم في أبعاد الصورة لتصبح كل مكونات المشهد معبرة عن تطور الأحداث والحالة النفسية للأبطال.. يحسب له سرعة إيقاع المسلسل ولكن يحسب عليه -حتى الآن- هو ومؤلف العمل عدم تقديم مبررات منطقية لبعض أفعال الأبطال وتطور الأحداث.
من الممكن أن يتغير ذلك تماما في الأحداث المقبلة نظرا لطبيعة العمل التي تعتمد على الإثارة والتشويق.
مهما اجتهد المخرج والمؤلف فإن الممثل الموهوب هو البرواز الذي يضيف للصورة الحميلة بتفاصيلها جمالا وإبهارا للمشاهد، أعتقد أننا أمام مباراة تمثيلية بين آسر ياسين الذي يجسد دور الطبيب النفسي وباسل الخياط الذي يجسد دور \”توفيق أو سامح\” كما عرف نفسه في أولى الحلقات.
على الرغم من اختيارات آسر ياسين غير الصائبة في بعض الأعمال خصوصا بعد فيلم \”رسايل البحر\” مع المخرج الكبير داوود عبد السيد إلا أنه استجمع جزءا من تركيزه مرة أخرى، امتلك أدوات شخصية الطبيب النفسي المتورط في تجربة غريبة، الغموض والقدرة على إخفاء ردود أفعاله وخلق مبررات تبدو قوية حتى وإن كان يكذب.
أما باسل الخياط فهذا الدور أعاد اكتشافه من جديد، لمن لا يعرف باسل، هو فنان سوري قدم عددا من الأدوار في أعمال مصرية لم تلق نجاحا كبيرا -أفضلها كان دوره في مسلسل \”طريقي\” مع شيرين عبد الوهاب- يقدم باسل في مسلسل \”٣٠ يوم\” دور غير المتزن عقليا والذي يملك ميولا لإيذاء غيره دون مقابل، هو فقط يستمتع بذلك، أعتقد أن سر نجاحه في تقديم الدور هو اهتمامه بالتفاصيل، حتى ولو كان المؤلف رسم الشخصية بتفاصيلها فهو استطاع أن يضيف لها الواقعية المطلوبة دون تكلف، ضحكته الغريبة، حبه الجنوني لموسيقى الجاز، ملابسه السوداء، تفاصيل وجهه وهو يرى ما يحدث للطبيب النفسي، كلها تفاصيل تعلق بها جمهور المسلسل، باقي الأدوار لم تقدم جديدا على مستوى الأحداث هي فقط تشارك الأبطال في تطور المشكلة الدرامية.
مسلسل \”٣٠ يوم\” من المسلسلات التي لا تحتاج لرصد ميزانية إنتاجية ضخمة، فريق العمل أغلبه من الشباب يشغله إثبات نفسه أكثر من الاموال، عكس نجوم السينما الذين اتجهوا للتلفزيون لجني مزيد من الملايين، ومع ذلك نجح \”٣٠ يوم\” في تقديم فكرة جديدة وأصبح بداية حقيقية لممثل جيد كوّن قاعدة جماهيرية اسمه باسل خياط، وهو ما يدل على أن الجمهور يحترم العمل المبذول فيه مجهودا ويبتعد عن أعمال تكلفت ملايين حتى لو أبطالها نجوم كبار.