300 كلمة مع ماجدة خير الله:
بعد فيلم \”حنفى الأبهة\” الذى قدمه عام 1990، أعتقد البعض أن أسطورة عادل إمام قد انتهت وبدأت رحلة سقوطه، ولكنه فاجأ جماهيره بمجموعة من الأفلام \”اللعب مع الكبار، الإرهاب والكباب، طيور الظلام، النوم فى العسل\” التى حققت نجاحًا تجاريًا وفنيًا أكدت مكانته فى قائمة أهم نجوم السينما المصرية والعربية، ولكن عندما تغير حال السينما فى العشرة سنوات الأخيرة، تأكد عادل إمام بذكائه أنه لم يعد مطلوبا فى السينما فنقل نشاطه إلى التليفزيون، ولكنه للأسف لم يتسطع أن يقدم عملا تليفزيونيا فى نفس مستوى \”أحلام الفتى الطائر\”، أو \”دموع فى عيون وقحة\”، تلك التى قدمها من ثلاتثن سنة، وتعتبر حتى الآن من أهم ما قدمته الدراما المصرية، ومن السهولة أن تلحظ أن خلال السنوات الثلاث الأخيرة لم يقدم عادل إمام مسلسلا يليق بتاريخه، ومع ذلك فالجماهير تنتظره من باب العِشرة والوفاء، ولكنه استنفذ كل درجات العشم مع مسلسل \”عفاريت عدلى علام\”، الذى يزداد ارتباكا مع كل حلقة، فقد كانت مقدمته تشي بعمل جيد مع عجوز أفنى عمره مع الكتب والثقافة، وقبل أن يكون الكاتب الشبح ghost writer صحفيا كبير المكانة ولكنه معدوم الموهبة \”مثل كثيرين نعرفهم\”، ولكنه على المستوى الشخصى يعيش جحيما مع زوجة بشعة المنظر، مع أداء كاريكاتيرى مزعج لهالة صدقى، ولا نعرف من أين أتت بهذا الأداء الذى لا ينتمى لأى مدرسة من المدارس المتعارف عليها لأداء الممثل، وهو ما يجعلك تترحم على زينات صدقى ومارى منيب وخيرية أحمد، فقد تخصصت كل منهن بتقديم شخصية الزوجة المزعجة اللحوحة، ولكن بخفة ظل وشكل مقبول.
وينحدر السيناريو بعد ذلك إلى منطقة ما بعد العبث والتهريج، حيث يعثر عدلى علام على كتاب بالغ القدم به تعاويذ غير مفهومة، بمجرد أن تلاها ظهرت له جنية \”غادل عادل\” أسخف كثيرا من زوجته، ترمى جتتها عليه، وكأنها طلعت لكريس هيمسوورث بطل \” THOR\” وليس لرجل عجوز، ويبدو أن غادة عادل أفرطت فى الفرجة على فيلم \”عفريتة هانم\”، رغم أن سامية جمال كانت أكثر جمالا وخفة دم وألقا ومنطقية أيضا، فقد كان هناك سببا أن تقع فى هوى فريد الأطرش باعتباره شديد الشبه بعفركوش حبيبها منذ آلاف السنين!
ثم يزداد المسلسل انحدارا عندما يلجأ الرجل المثقف المحترم الذى يعمل فى دار الكتب إلى الدجال \”أحمد حلاوة\” طالبا منه أن يساعده فى صرف الجنيك التى تلاحقه وتطارده بل وتطلب منه الزواج!
طبعا الفانتازيا لون من الفنون له أبجدياته، والسينما العالمية تقدم كثيرا أفلاما تعتمد على السحر والخيال المفرط، ولكنها تعتمد على سيناريو محكم يناسب هذه النوعية، وقد قدمت السينما المصرية بعضا من هذه الأفلام فى سنوات الخمسينيات وكانت أكثر طرافة ومنطقية وحرفية أيضا مثل \”الفانوس السحرى\” لـ \”إسماعيل يس\”، \”سر طاقية الإخفاء\” لـ \”عبد المنعم إبراهيم\”، و\”عفريتة هانم\”، وكانت تلك الأفلام تعتمد على خدع تم تقديمها بمهارة تتفوق كثيرا على ما قدمه رامى إمام فى مسلسل \”عفاريت عدلى علام\”، بل بدت هذه الخدع بدائية جدا وخاصة فى مشهد زواج ملك حبيبه عدلى السابقة وحضوره فرحها، فقد استعان رامى بمشهد لوالده من أحد أفلامه التى يعود تاريخ إنتاجها لثلاثين عاما سابقة، ولكن بدا المشهد هزيلا مخزيًا!
للأسف معظم من شاركوا فى مسلسل \”عفاريت عدلى علام\” كانوا فى أسوأ حالاتهم، والغريب أن عادل إمام بتاريخه الفنى الطويل، لم يلحظ سوء مستوى السيناريو الذى كتبه يوسف معاطى.
حتى لو سارت الأحداث بعد ذلك فى اتجاه أن عدلى علام كان يعيش فى خيال أو حلم أو حالة إحباط صورت له ما رآه، فإن ما قدمه السيناريو خلال الإحدى عشرة حلقة الأولى كفيل بإحباط المشاهد وانصرافه عن المتابعة، وأعتقد أنه آن الأوان أن يفكر عادل إمام في تغيير أن العتبة، لينقذ تاريخه الفنى من سيطرة كاتبه الملاكى وابنه البِكري.