التجربة الهندية:
قصتي بدأت مع رياضة اليوجا عندما كنت في زيارة عمل إلى الهند حينما رأتني إحدى الزميلات أثناء تأديتي لصلاة الظهر، وما أن فرغت من الصلاة إذ بادرتني بطلب غريب وهو أن اشاركهم دروس اليوجا الصباحية قبل مواعيد العمل الرسمية بدلا من تأديتها وحدي في الغرفة، عاجلتها الرد بأني لم أكن أمارس اليوجا، بل إنها صلاتنا – صلاة المسلمين – ونؤدي هذه الحركات يوميا خمس مرات في اليوم.
كانت كل معلوماتي عن هذه الرياضة قد استقيتها من تجربة فؤاد المهندس في فيلم \”عائلة زيزي\” حينما كان يجلس متربعا ويتكلم بطريقة مختلفة وكوميدية أو هكذا ظننت.
قلت لها: ولِمَ لا؟ وبالفعل قررت أن أخوض التجربة بنفسي واشاركهم في صباح اليوم التالي تلك الرياضة، جئت متحمسا وكلي فضول لأعرف ما علاقة اليوجا بصلاتنا وكيف ظنت هذه الفتاة أني كنت أمارس هذه الرياضة، حسنا لا بأس هيا بِنَا نخوض التجربة.
دلفت إلى الحجرة المخصصة للتمرين. في البدايه طُلب منا خلع النعال والجلوس أرضا على سجادة أشبه بسجادة الصلاة الموجودة في كل بيوتنا وكانت الجلسة المطلوبة منا شبيهة بوضع جلوس التشهد في صلاتنا.
إذًا الفتاة كانت محقة إلى حد ما.
ثم طُلب منا تحريك الرقبة يمينًا ويسارا كوضع التسليم من الصلاة – يالها من مفاجأة!- ثم طُلب منا أن نغير إلى وضع أشبه بالسجود ثم وضع بالركوع، عجبًا إنها تشبه صلاتنا تماما، إذ جميع حركاتنا أثناء الصلاة هي تماما كل ما يحدث في هذه الرياضة، المختلف فقط هو أثناء هذه الحركات طُلب منا التنفس بعمق شديد والشهيق والزفير ببطء وعليك التركيز في حواسك وعدم التفكير في أي عامل خارجي، خرجت بعد هذه الجلسة وقد أحسست بأن الأكسجين وصل لنقاط في المخ لم تكن قد وصلها من قبل.
شعور بسعاده بعد ما توقفت عن التفكير للحظات عن الأمور الحياتية، وها أنا أشعر بنشوة وصفاء روحي لطالما اشتقت إليه. أشعر بالاسترخاء أيضا، ما هذه الراحة وما هذه السعادة الغامرة!
حسنا، سأبدأ يوم جديد بهذه الطاقة الإيجابية والسعادة. كل هذا بفعل هذه الرياضة الساحرة!
وبالفعل بعد هذه التجربة قررت أن أمارس هذه الرياضة بشكل منتظم بعد أن أحسست بسعادة بالغة وراحة، ولكني سأُمارسها خمس مرات في الْيَوْمَ أثناء صلاتي ولِمَ لا.
الآن ولا أخفيكم سرا، أحسست بأن صلاتي أصبح لها جدوى ولها تأثير على روحي، فقد كنت طيلة هذه الأعوام أدخل إلى الصلاة كما خرجت منها، أؤدي حركات بدنية وكثيرا ما كنت لا أدري ما قرأت، ولكني كنت أؤدي فرضا لطالما أحسست بأنه عبء يجب أن افرغ منه أو هكذا ظننت.
الآن وقد تغير المبدأ، أصبحت أنا الباحث عن الصلاة والسعادة الناتجة عنها بعد الفروغ منها، وبالفعل طبقت ما تعلمته في دروس اليوجا في صلاتي، تنفست بعمق أثناء تلاوتي للقرآن وأثناء الركوع والسجود، وهذا كان له بالفعل عامل على التأني والتركيز وأن اتدبر واعي كل ما اقوله. هذا وقد زاد استشعاري بالآيات والخشوع، أصبحت أشعر بالسعادة والطمأنينة وسلام نفسي لم أكن أعهده من قبل.
الآن، أصبح لصلاتي متعة.. الآن اصبحت انتظرها لتصبح هي سبب هذا السلام النفسي الذي لطالما بحثت عنه، حينها وقد فهمت قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حينما قال \”أرحنا بها يا بلال\” الآن وقد فهمت معنى هذه الراحة المصحوبة بكل صلاة وأدركت احتياج أرواحنا لهذه الصلاة، فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.
