محمد ثروت يكتب: "ميدل فينجر" في مجلس الأمن

الأمم المتحدة، متمثّلة في مجلس الأمن، ما هي إلّا مسرح هائل يجتمع فيه اللاعبون الكبار ليُخرجوا من أفواههم قاذورات سياسية وابتسامات خفيّة ومصالح، لتتعارك الوجوه أمام الشاشات وتتصافح الأيدي \”تحت الترابيزة\” كما يُقال.
الولايات المتحدة ضربت سوريا، فصاحت روسيا دفاعًا عن أسدِها وبدأ الشجار. وعندما أتحدث عن أقوى دولتين الآن، فأنا أتحدث عن الأمم المتحدة؛ فمجلس الأمن لن يتحرك ولن يخرج أنيابه إلا بموافقة الدولتين. بحق الفيتو، وهو، بتعبيرٍ بسيط، يشبه كما نقول: \”فيها لخفيها\”. فأي قرار من مجلس الأمن يتعارض مع مصالح الولايات المتحدة أو روسيا، يضغطون زِر الفيتو وينتهي الأمر.
أجتمع مجلس الأمن ليناقش وليس ليحاسب أمريكا على فِعلتها هذه. فكيف تضرب سوريا بدون أن تأخذ إذن مجلس الأمن؟ أجُنَّتْ؟ وهذا ليس لأن مجلس الأمن له قوانين حادة لا يجب الخروج عنها، ولكن لأن روسيا متواجدة، وروسيا لديها مصالح مع نظام الأسد، فعندما تريد أن تضرب بلدًا عربيًا، وجه ضرباتك بعيدًا عن مصالح شركائك في مجلس الأمن إذا سمحت.

يجب أن نأخذ في الاعتبار أن ضربة الولايات المتحدة لم تكن الضربة الأولى، ولكنها ضربت أكثر من ٧.٠٠٠ ضربة في سوريا، ولكن لماذا لم يتكلم أحد؟

لم يتكلم أحد لأن الضربات السابقة كلها كانت موجهة إلى مواقع داعشية وإلى أي جسم متحرك ضد بشار الأسد، ولمّا لمست ذبابة أميريكية وجه الأسد، تحرك الفم الروسي للصياح. فكل هذه الصيحات الإعلامية والإدانة السياسية فقط لتضارب المصالح.
فهل بدأ مجلس الأمن التحقيق السريع في استخدام السلاح الكيميائي في سوريا؟ هل أدان الحدث؟ بالطبع لا، فروسيا قد أعطت الفيتو أو ما أسمّيه \”الـ Middle Finger\” لكل الحاضرين في الاجتماع؛ فلن يكون هناك تحقيق أو حتى إدانة فعلية لهذه الجريمة.
ذكرني مجددًا، ماذا فعلت الأمم المتحدة تجاه الكيان الصهيوني عندما أصدرت قرارا بوقف المستوطنات غير القانونية؟ \”بَلَح\” كما نقول في مِصر.

الكيان الصهيوني لم يهتم بالقرار ولم يكن هناك ردة فعل حازمة تجاه نتنياهو. فهل سيكون للأمم المتحدة ردة فعل تجاه الولايات المتحدة؟

لا أعتقد، فكيف ذلك والولايات المتحدة هي أكبر متبرع لخزينة الأمم المتحدة‪.؟! فكيف تحدث ردة فعل تجاه من يساهِموا في دوران عجلة الأمم المتحدة؟ غير منطقي بالطبع. وغير المنطقي أيضًا هو دور \”الكومبارس\” الذي تلعبه باقي الدول في هذه المنظمّة.

ألا يشعرون بالخزي والعار وهم يشاهدون سوريا تُقسَّم؟ ما هو الدور التي تلعبه مصر والإمارات والسعودية؟

لا دور سوى الإنصات إلى الكبار يتحدثون، وما عليهم إلّا أن يضعوا حذاء في فمّهم، وترك كرامتهم في الأمانات قبل الدخول.
المشكلة كلها تقع في مبدأ الفيتو، فهذا الخيار يجب أن يُلغى وفي أسرع وقت، لأنه لا يعمل إلّا لمصلحة الخمسة الكبار، فما فائدة تواجد باقي الدول إذن؟ من السهل جدا أن تُلغي عضوية البلاد في مجلس الأمن ويبقى فقط \”بلطجية\” الدول لينفّذوا ما يحلوا لهم. هذا هو الحل الوحيد حاليًا وفي ظل ما نراه من عناد سياسي مُجرم على مرأى ومسمع من الجميع. هذا هو الحل لكي نتيح الفرصة لسوريا للتنفّس ونتيح الفرصة للسوريين للبقاء في وطنهم ونتيح فرصة للحرب أن تتوقف.
ولكن هذا الفيتو الحقير والذي يتحكم في مصير أمم عدّة، في يومٍ من الأيام، سيتغيّر مساره ويلعب دورا لن يكون في الحُسبان ضد مصلحة البلطجية الخمسة.
فدوام الحال من المُحال يا بوتين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top