يسجل فيلم \”عندما يقع الإنسان فى مستنقع أفكاره فينتهي به الأمر إلى المهزلة\”! كأطول اسم لفيلم فى تاريخ السينما المصرية، وهو كفيل بجذب الانتباه وإثارة الفضول لدى المشاهد العادى، ولكن صاحب أي قدر من الوعي سوف يدرك أن طول الاسم وغرابته، لا يعني أي اختلاف فى الشكل أو المضمون، خاصة أن الأفيش يحمل نفس الأبطال الذين ظهروا بكثافة فى مسلسلات التليفزيون وأفلام السينما طوال الموسمين الماضيين وتم استهلاكهم بحيث يصعب أن نتوقع أن أحدهم أو كلهم مجتمعين يمكن أن ينتج منهم أو عنهم أى شىء جديد أو مختلف! فالممثل لدينا لا تختلف طريقته فى الأداء من فيلم لآخر، وإن أعتى المخرجين لا يستطيع أن يتدخل لإقناع الممثل بتغيير أسلوبه حتى لا يحترق وخاصة فى الأفلام الكوميدية!
وعلى هذا، فإن اجتماع بيومى فؤاد وأحمد فتحى ومحمد ثروت، كان لابد أن يؤدى إلى ما شاهدناه تحت هذا الاسم الطويل جدا، وداهية لا يكون الكتاب الثلاثة الذين شاركوا فى تلفيق السيناريو قد تبادر إلى أذهانهم منافسة طول اسم فيلم المخرج ستانلى كوبريك \”د. سترانجيلوف أو كيف استطعت أن أتعلم إيقاف القلق وأقع فى حب القنبلة\” الذى تم إنتاجه عام 1964!
فهذا الفيلم يسجل أطول الأسماء فى تاريخ السينما العالمية، وكان مرشحًا لأربع جوائز أوسكار، وحصل على أربع جوائز بافتا \”أفضل فيلم بريطانى\”، بمعنى أن غرابة وطول اسم عنوان الفيلم لم تكن مصيدة خادعة للمشاهد كما فعل الفيلم المصرى!
ومع ذلك فلا يمكن إغفال أن الفيلم الذى أخرجه \”شادى على\” به بعض الشذرات الكوميدية، وأنه كان فرصة جيدة للإعلان بشكل أوضح عن موهبة محمد سلام! فهو الوحيد بين أبطال الفيلم الذى لم يلجأ إلى التنميط فى الأداء، كما فعل كل من محمد ثروت وأحمد فتحى، وبيومى فؤاد الذى يستهلك موهبته ويبددها بلا أى اكتراث، حتى أصبح تواجده فى معظم الأعمال الفنية نكته يتبادلها الناس!
يعتمد فيلم \”عندما يقع الإنسان فى مستنقع أفكاره فينتهي به الأمر إلى المهزلة\” على عدة اسكتشات وإفيهات، أحيانا تطول أكثر من اللازم حتى يبهت إيقاعها، وتخفت الإبتسامة التى كانت قد بدأت ترتسم على وجهك، وأحيانا أخرى تتوقع الإيفيه قبل أن يبدأ من فرط تكراره فى نكت سابقة، مثل حكاية مشاركة أحمد فتحى الشاب الملتحى المتدين فى مظاهرة فى بيروت، ثم يكتشف أنها مظاهرة للمثليين \”قديمة قوي\”!
حكاية الفيلم تبدأ باستعراض ثلاث شخصيات لا علاقة لأحدهم بالآخر، أحمد فتحى شاب ينتمي إلى منظمة إرهابية تستدرج الشباب باسم الدين، ويطلب منه أحدهم أن يسافر إلى بيروت حاملا فلاش ميمورى، تضم بعض التعليمات والأسرار الخاصة بالمنظمة، التى لم نعرف أهميتها ولا محتواها حتى نهاية الفيلم، وإن كان التفكير المنطقى أن يتم إرسال تلك المعلومات بطريقة أكثر أمانا عن طريق الإيميلات مثلا أو الواتس آب، فهى طريقة أقل خطورة من حمل الفلاشة التى تعبر عن تفكير قديم قوى وحيلة ساذجة من كتاب السيناريو، لخلق علاقة ما، تستدعى ملاحقة \”أحمد فتحى\” أو بيبو، للشاب هانى \”محمد سلام\”، الذى يمتلك سنتر تجميل، ويسافر إلى بيروت للمشاركة فى تحكيم مسابقة ملكة جمال، وفى المطار عندما يستشعر بيبو الخطر ويخشى أن يتم تفتيشه فيضع الفلاش ميمورى فى حقيبة هانى الشاب المسيحى، أما الطرف الثالث فى المغامرة، فهو بيومى فؤاد تاجر المخدرات، وابن شقيقته \”محمد ثروت\”، وبعد وصول الأطراف الثلاثة إلى بيروت، يتم اختطافهم من قبل رجال المنظمة الإرهابية، التى تقوم بتدريبهم على حمل السلاح لتنفيذ مهام قتالية، وطبعا يكون وجود شاب مسيحى \”هانى\” أو محمد سلام داخل منظمة إرهابية ترفع شعار الإسلام فرصة لعمل شوية إفيهات تقليدية ومهروسة ميت مرة، والأهم من ذلك يقوم كبيرهم -محسن منصور- بالسماح للأبطال الثلاثة بالعودة إلى مصر بعد أن اكتسبوا ثقته، على أن يقوموا بعملية كبيرة ومعقدة وهى سرقة صندوق تحيا مصر!
أحيانا لا نلتفت كثيرا إلى المنطق فى الأفلام الكوميدية الهزلية، ولكن عندما تتسع الرُقع وتزيد جرعة الاستهبال، تقل قدرتك على التحمل، وتتساءل دون أن تجد إجابة: لماذا يفعل هؤلاء الفنانون هذا الكم من السخف باسم الكوميديا؟! ولمذا يهدرون مواهبهم وطاقاتهم لصنع فيلم \”لا حايودى ولا حايجيب\”؟! والغريب أن بعض المشاهد تضمنت مؤثرات بصرية، كأن تمتلئ غرفة بيومى فؤاد بالخفافيش أو أن يخرج من شاشة التليفزيون زلومة الفيل فى شكل خيالات وهلاوس تطارد بيومى ومحمد ثروت بعد ابتلاعهما لأقراص مخدرة!
طيب، سفر لبيروت وشغل خدع وجرافيك فى سيناريو مش راكب على بعضه.. وهذا الجهد المهدور من أجل ماذا؟!
طبعا النتيجة الطبيعية أن يقع الفيلم وأبطاله فى مستنقع السخف، وينتهى الأمر فعلا إلى مأساة سينمائية.