وسيمة الخطيب تكتب: أعراض انسحاب التدخين

لم يخطر بقلبي أن يهجرك.. أنهكه الالتصاق بك فقط، حين قرر الابتعاد عنك قليلا بعد اندفاع دقاته وجفاف حلقي.

تخيل أنك تحبينه مثلما يحبك، وأنك ستعطينه ما يحتاج من سلام ليعود إليك نقيا محبا.

لم أصدق يوما ما يروجه مبغضوك بأنك إدمان، وأن الهرب منك له أعراض انسحاب شديدة.. أذكر اﻵن غضبي على الطبيب حين نهرني بسبب التصاقي بك.. أذكر كيف دافعت عنك أمام أصدقائي وهم يوصمونك بالمميت ويلصقون بك أسباب المرض وجفاف البشرة وسوء المزاج والكسل.

لم أصدق يوما أن التدخين إدمان، فكل عائلتي يدخنون، ولم يمت أحدهم بسبب التدخين! اﻹدمان يدمر حياة البشر.. أعلم ذلك، ولم يدمر التدخين حياة عائلتي أبدا.

لم أصدق يوما أن علاقتنا إدمان، حتى بعدت عنك يوما كاملا.. دخنت منك ما يقارب الستين سيجارة الليلة السابقة، وعندما استيقظت وجدت أنفاسي تأبى الخروج من صدري، وبالرغم من ذلك مددت يدي أبحث عن سيجارة الصباح التي ما إن سحبت أول أنفاسها حتى ضاق صدري بي، ولعنني وإياها.. أطفأتك وأنا أقسم بألا أعود إليك.

كان قسم الحبيب.. اتعرفين قسم الحبيب بألا يعاود وصل محبوبه لما يلاقيه من قسوته؟! إلا إنك أبيت ألا تعطيه ذلك، ودخانك الذي كان ملاذه في أصعب اﻷوقات، قلبي لم يرد التخلي عنه.. فقط أنهكه حبك.

أراد القلب أن تطمئنيه بأنك رفيقته المحبة، إلا أنك أبيت سوى أن تظهرين سطوة وقسوة عبر رسلك اﻷشرار.. ذلك الصداع.. ضيق اﻷفق.. عدم التركيز.. نوبات الاختناق.. العنف اللفظي، وآلام معدتي التي لا تهدأ إلا بأنفاسك.

أريد أن أحطم رأسي اﻵن.. لا أستطيع الكتابة بدون عبقك في جسدي.. أشتاق إلى لمستك لشفتي اللتين جفتا بسببك، وأتوق إلى حضن دخانك الذي لا أجد أقرب منه في خيباتي، وأكره رعشة يدي بدونك.

لم أصدق سطوتك علي، إلا عندما قررت الابتعاد عنك.. ماذا تفعلين بي وأنا التي لم تحكمني عادة يوما.. أدركت اليوم فقط أنك إدماني.. لا أريد علاقات مشوهة.. لا أريد ذلك.

ما يسببه ابتعادك من غضب وحزن ورغبة في التحطيم هو تحديدا ما يجعلني ازداد رغبة في الهروب منك.. أفاق قلبي على رفضه الانصياع لاحتياجك، فالقلب المانح لا يجب أن يشعر بالافتقار والاحتياج.. لا أريد ذلك.. أريد علاقات سوية بلا أعراض انسحاب.

ملحوظة: هذه أول كلمات أسطرها في حياتي بدون دخان السيجارة الذي لازمني ما يقارب العشرين عاما.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top