مصطفى محمد أبو السعود يكتب: التوظيف السياسي لمواقع التواصل الاجتماعي


عبر التاريخ لم تدّخر الأنظمة الحاكمة جهدا في تسخير وتوظيف الكثير من الوسائل الممكنة لتحقيق غاياتها وهي ضبط المجتمع بالمعايير التي تراها مناسبة ومحققة لمآربها، المتمثلة في تحقيق أقصى درجة ممكنة من استقرارها واستمرارها.
وكثيرة هي الأدوات التي سخرتها الأنظمة الحاكمة لفرض رؤيتها وفلسفتها وهيمنتها وهيبتها على الآخرين خاصة الجهات المعارضة، فمن النفي إلى منع السفر إلى الإقامة الجبرية إلى تجفيف منابع المال عن المعارضين إلى تكميم حرية التعبير ومراقبة الإعلام بكافة أنواعه المقروء والمسموع والمرئي إلى مراقبة خطب الجمعة والتجمعات وتحديد نوعية القنوات الفضائية المسموح متابعتها والكتب المسموح بقراءتها ومواقع الإنترنت المسموح بها كما في كوريا الشمالية وغيرها.
وكانت هذه الوسائل تتطور تبعا لتطور الحياة الحديثة، وتطورت حتى وصلت بنا معطيات التقنيات الحديثة إلى فكرة مواقع التواصل الاجتماعي خاصة الفيس بوك والتي يطلق عليها البعض -منظومة قياس الرأي العام- التي ظهرت قبل عقد من الزمان وكان لها -كما يرى البعض- تأثيرات كثيرة على الواقع المعاش بكافة تفرعاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية وظهور نجم الثورات العربية.
ولأن الثورات جاءت من حيث لم تحتسب الأنظمة -مواقع التواصل- فقد شعرت الأنظمة بأنها فقدت جزءا من هيبتها.. كيف لم تكتشف الأمر مسبقًا؟!

لكنها امتصت الصدمة وأسرعت لاسثتمار مواقع التواصل وتوجيهها الوجهة التي تخدمها وتوظيفها لتقليل نسبة الخسارة أمام جمهورها، وكان لها نجاح في بعض الجولات، حيث استطاعت الأنظمة تسخير واسثتمار وتوظيف مواقع التواصل الاجتماعي لخدمة أهدافها والتي يقف على رأسها سحق الآخر المعارض كي يكون عبرة لغيره من خلال:

– استخدام مواقع التواصل كوحدة قياس الرأي العام تجاه قضية ما يريدها النظام، ليرى حجم التفاعل السلبي والايجابي معها.

– تشكيل النظام لما يعرف باسم اللجان الإلكترونية التي من مهامها شيطنة المعارضة والتسويق للنظام وتضخيم إنجازاته ليظهر بمظهر الأب الحنون للجميع.

– مراقبة النشطاء المعارضين للنظام من خلال تتبع ما يعرف بـ (Ip) الخاص بكل صاحب حساب على تلك المواقع.

– الإيعاز لشركة الاتصالات التي ترأسها الدولة بالعمل على حجب بعض الحسابات والصفحات التي تمتلكها المعارضة.

– الإيعاز لخطباء المساجد بأن مواقع التواصل ملهاة تضيع الوقت وتنشر الفتنة بين الناس.

– نشر الافتراءات عن المعارضين وتشويه صورتهم أمام جمهورهم.
– قراءة أفكار وآراء الجمهور حول قضية ما والعمل على استثمارها.

– يوجد في كل نظام سياسي جهاز يعرف -كما في مصر- هيئة الشئون المعنوية، يعمل على توجيه الرأي العام تجاه مصلحة النظام.

– العمل على تعطيل صفحات وحسابات المعارضين من خلال اختراقها أو زيادة البلاغات ضدها لإدارة شركة الفيسبوك بحجة أنها تحض على العنف والكراهية.

هذه كانت بعض أدوات توظيف الأنظمة لمواقع التواصل الاجتماعي، ومن المؤكد وجود أوجه اسثتمار أخرى، لن تعجز الأنظمة عن إيجادها.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top