ماجدة خير الله تكتب: "القرد بيتكلم".. فيلم على مقاس جمهور اتهرى أكل حمير

إن سرقت أسرق جمل.. مش قرد!
حقق فيلم \”القرد بيتكلم\” للمخرج \”بيتر ميمى\” فى ليلة عرضه الأولى نجاحا تجاريا ملحوظا، حتى إن الصالات التى عرضته كانت مكتملة العدد فى حفلاته الأولى، ويبدو أن سمعة المخرج بعد فيلمه قبل الأخير \”الهرم الرابع\”، كانت عاملاً مهما فى ترقب الجمهور للتجربة التالية، بشغف وتوقع كبير، مضافا إلى ذلك أسلوب دعاية مناسب ووجود أبطال قل أن يجتمعوا، وهم عمرو واكد وأحمد الفيشاوى وبيومى فؤاد وسيد رجب مع الجميلة الواعدة ريهام حجاج.

أصبحت الخلطة مغريه جدا، ولكنها خلطة أشبه بالطُعم، أو المصيدة!

قبل أن تناقش فيلم القرد بيتكلم، دعنا نمر بسرعة على التجارب السابقة للمخرج الذى يبدو أنه سوف يكون ظاهرة سينمائية لعدة سنوات قادمة، بيتر ميمى شاب فى الثلاثين، طبعا جمهوره تقريبا فى مثل عمره أو أقل، وهو من الذكاء الذى يجعله يراهن على هذه النوعية من الجمهور الذى لديه استعداد للانبهار بأى حاجة مختلفة عما يُقدم فى سينما العشوائيات والواد الظريف والراقصة، ثم إنه جمهور غير متابع للسينما العالمية، لأنه لو كان متابعا لأدرك أن معظم ما قدمه بيتر ميمى مش مقتبس من أفلام أمريكية ناجحة، ولكنه منقول أو مسروق بضعف وقلة إبداع،  لأن الاقتباس فى حد ذاته ليس سيئا في المطلق، ولكن يحتاج إلى حرفة ومهارة وإبداع مواز، يعنى مثلا فيلم \”يوم من عمرى\” اللى قام باقتباسه يوسف جوهر -أكثر كتاب السينما المصرية مهارة- من فيلم إجازك فى روما، كان من أرقى وأجمل الأفلام المقتبسة فى تاريخ السينما المصرية، لأن كاتب السيناريو استطاع أن يخلق مجتمعا سينمائيا مصريا خالصا وأن يتجنب سلوكيات ومنطق الخواجة فى الفيلم الأمريكى، بحيث تبدو فكرة الفيلم قابلة للتصديق، والاستطعام!

أما بيتر ميمى -وأنا أحيي- كفاحه وإصراره وخاصة بعد ماعرفت أنه درس الطب وحصل على دبلوم فى السينما، وخاض تجارب متواضعة ثم ناجحة تجارياً، بمعنى أن لديه إصرارا وعزيمة، ولكن \”العزيمة\” كان أول فيلم ينتمى للمدرسة الواقعية، وليس صفة للمخرج، لأن العزيمة اللى بنقصدها لابد وأن تكون صفة لصناعة شىء جيد، ومهما اختلفنا حول تقييم وتقدير ما هو العمل الجيد، فأقل وأبسط تعريف أنه يكون مطابقاً لقياسات الجودة، والمنطق، وعلى هذا فإن فيلم \”القرد بيتكلم\” الذى قرر صاحبه السطو على الفيلم الأمريكى \”الآن ترانى\” NOW YOU SEE ME، لم يكن حتى أمينا فى السطو، ولكن زى ما تقول كده، حوّل الفكرة الكبيرة المبهرة والأحداث الضخمة التي بذل فيها المبدع الأصلي جهدا كى تكون منطقية، إلى شبه فيلم وشبه فكرة!

ولم يكتف بالسطو من الخوا، فقد عرج على واحد من أهم الأفلام المصرية، وهو \”لصوص لكن ظرفاء\” الذي لعب بطولته أحمد مظهر وعادل إمام،  وسرق أهم منطقه فى الفيلم ونسبها إلى فيلمه، وكتب بكل جرأة على تيترات الفيلم وأفيشاته أنه  صاحب القصة والسيناريو والحوار!

حكاية الفيلم عن اثنين أشقاء.. عمرو واكد وأحمد الفيشاوى، يكتسبان رزقهما فى العمل كـ حواة وسحرة فى الملاهى والسيرك، وهو السحر الذى يعتمد على خفة اليد، والإيهام، يعنى أن توجه نظر الزبون إلى شيء مبهر فى الوقت الذى تبعد تركيزه عن شيء آخر، زى فكرة بص العصفوره، ويمتلك أحدهما \”الفيشاوى\” القدرة على التنويم المغناطيسى، وينظمان لعرض ضخم فى السيرك، ويعدان الجمهور بأعمال مبتكرة تُقدم لأول مرة فى سيرك مصرى، ولكن ينتهى الأمر إلى أخذ جمهور السيرك رهينة، ويهددان بقتل واحد من الجمهور إذا لم تتم الاستجابة لطلباتهم، وبعد كل توقيت معين يقومان بقتل آخر، ويكون مطلبهما أن يتولى ضابط الشرطة المفصول \”سيد رجب\” متابعه القضيه وتنفيذ طلباتهم، ويضطر وزير الداخلية بيومى فؤاد إلى الاستجابة لطلبهما ويكون الطلب الثاني إطلاق سراح اثنين من المحكوم عليهما بالإعدام فى قضية إرهابية، ويضطر رجل الشرطة والوزير للاستجابة لهذا المطلب رغم أنه لن يفيدنا فى الأحداث بعد ذلك مطلقا.

 

مش مهم الاستطراد فى سرد الأحداث لأنها غير منطقية، ولا تحمل أى ذكاء،  ولا حتى نية إبداع، لكن فى الحقيقه إن مشاهد وأحداث الفيلم الأمريكى المبهر بصريا وإبداعياً كانت تتراقص أمام عينيك طوال الوقت، ففرقة السحرة فى الفيلم الأمريكى المكونة من أربعة أشخاص يقدمون عروضهم على مسرح ضخم يحضره آلاف المشاهدين، وفى الفيلم المصرى قاعة سيرك كحيان وأقل من خمسين متفرج، ضاربهم السلك، تم استئجارهم من على قهوة بعرة، بعشرة جنيه للراس، وفى عز حالات الخطر والتوتر بعد تهديد عمرو واكد والفيشاوى بتفجير المكان، تتابع ردود فعل مجموعة الكومبارس اللى هم رهائن مخطوفين، تلاقى ولا الهوا، ولا أي أثر لخوف أو توتر رغم طلقات الرصاص والتهويش الذي كان يلجأ لها المختطفون من وقت للآخر!

المهم لازم احرقلك الفيلم لأن دمى اتحرق فى الحقيقة من كم الإستهانة والتهييس، سوف تكتشف فى النهاية أن سيد رجب كان متفقا مع  عمرو واكد والفيشاوى على هذه الخطة، حتى يُلهى رجال الشرطة والداخلية بقضية المختطفين ويتسنى له أن يحفر فى شقته حفرة على الجار اللى تحته ويسرق قطعة ألماس ضخمة، زى فيلم \”لصوص لكن ظرفاء\”.

الميزة الوحيدة فى فيلم \”القرد بيتكلم\” أنه حتماً حايشجعك تشوف النسخة الأمريكية وتستمتع بها، وتترحم على السينما المصرية، اللى حتى مش عارفة تسرق بحرفنة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top