إسراء سيف تكتب: الصدق قبل الإتيكيت

أطلت علينا مُدرسة جديدة بإحدى المدارس التي عملت بها بابتسامة صفراء من هذه الابتسامات التي تشعر أن مصدرها المعدة لا القلب، لم أعرف طبيعة عملها بالضبط حينها، كل ما كنت أعرفه أنها تقاطع حصتي صباحًا كي تدخل للأطفال لثوانٍ معدودة تُصّبح عليهم بنفس الابتسامة التي لا روح لها، عرفت فيما بعد أن حصصها لأطفال مرحلة رياض الأطفال عبارة عن توزيع نفس النوعية من الابتسامات مع بعض قواعد الذوقيات باللغة الإنجليزية، قيل لي إنها تعلمهم الإتيكيت، ولكن لم أجد إجابة شافية لسؤالي: وما ذنب الإتيكيت في ابتسامتها الجافة التي يعلق عليها الجميع؟

وما ذنب الأطفال أيضًا في أن تتصدر لهم ابتسامة مصدرها البطن؟

هذه الابتسامة التي تشعر من ورائها ببغض غريب ونظرة دونية في التعامل تقول بالفُم المليان (أنا أفضلكم هنا. فأنا من تعرف الإتيكيت).

الغريب أن إتيكيتها كان يلزمه مع الابتسامة نظرة احتقار، هذه النظرة التي تأخذك على بعضك من تحت لفوق لمن لا تهضمه أو لا تهضم كلامه، فلم أر في حياتي إتيكيتًا كهذا إلا منها في الحقيقة.
الابتسامات خاصة كنظرات العين، إن لم تكن صادقة فلن يصبح لها تأثير ملموس أبدًا.

كنت أتعجب لأمرها، كيف لا تقدر على منح أطفال صغار في هذا السن ابتسامة صادقة من القلب؟ فظهورهم في طرقات المدرسة صباحًا مع صوت ضحكاتهم ولعبهم يثير في نفسك أيًا كانت حالتك المزاجية بهجة وطاقة تتجدد بعملك معهم، فكيف لك أن تبخل عليهم بابتسامة صادقة كلها حب بمنتهى التلقائية؟ الأمر لا يحتاج لمجهود!
الصدق قبل التعلم، قبل الإيتكيت وقبل أي شىء آخر، الود والحب الحقيقي الذي يحتويك ويغّير من مزاجك ولو بابتسامة واحدة صباحًا أهم من مليون حصة إتيكيت بلا حب.

لا أقدر على تقبل من يفهمون في ذوقيات ما ولا يتقبلونك كما أنت، فيصدرون ابتسامة صفراء بلا معنى كي يخفوا مشاعرهم الحمقاء، وأكم من هذه النوعيات نقابلها يوميًا، من يشعرون بذواتهم وينظرون للآخرين نظرة دونية لخلل ما بعقلهم.
تخلصت المدرسة يومًا ما من مُدرسة الإيتكيت المزيفة، فأتمنى أن تتخلصوا أنتم أيضًا من هؤلاء المزيفين الذين لا يعرفون المشاعر الحقيقية، ولكن ربما يصدرون ابتسامات لا معنى لها فقط من أجل المظهر العام والإتيكيت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top