مينا عادل جيد يكتب: هل اكتفت أوروبا من اللاجئين.. ولماذا؟

أوروبا في مأزق صعب، بعد خمس سنوات من الحرب المستمرة في سوريا والتي أثمرت عن \”تسونامي المهاجرين\” النازحين إلى أوربا.

من منا لا يتذكر منظر الطفل السوري الغارق الذي تحل ذكراه هذه الأيام \”إيلان كردي\” صاحب الثلاث سنوات ذي الجسد الملائكي، التي هزت صورته غريقا شعوب وحكومات العالم بأسره، وبالأخص شعوب أوروبا، وزادت من تعاطفهم مع اللاجئين حينذاك.

بعدما وصل مستوى الترحيب الأوروبي إلى ذروته العام الماضي، وكانت أوروبا توجه رسائل إنسانية للعالم كله باستقبالها للاجئين وتقديم المساعدات المادية والطبية والمعنوية لهم، وليس ذالك فحسب بل كانت تشجع الدول الأخرى على مساعدة اللاجئين في محنتهم مثلها. أنقلب الأمر الآن، وأصبحت نبرة التذمر من اللاجئين هي الأعلى والسائدة.
– تُرى ماذا حدث!
– هل أُغُلق الباب الأوروبي في وجه اللاجئين أم أن اللاجئين هم من أغلقوه في وجه أنفسهم من خلال بعض التصرفات والحوادث الفردية التي كونت عنهم صورة سلبية لدى الشعب الأوروبي؟
– هل هذا هو عصر اليمين المتطرف في الغرب والصوت العالي والكلمة أصبحت له الآن؟
– هل اكتفت أوروبا من اللاجئين؟
– وما البديل أذًا، إن كان هناك بديل؟
لنستعرض معا أبرز وأهم الأسباب التي أدت إلى هذا التراجع الواضح في نسبة استقبال الأوروبيين للاجئين:

أحزاب المعارضة في أوروبا:
دائمًا ما تقوم أحزاب المعارضة في أي نظام ديموقراطي في العالم بالانتقاد الدائم والضغط الكبير على حكوماتها، وهذا ما يحدث بالطبع في أوروبا، وبالأخص من اليمين المتطرف هناك، الذي يقوم بالضغط الكبير بورقة اللاجئين على الحكومات الأوروبية التي ما زالت تدافع عن استقبالها لآلاف اللاجئين، وبهذه الورقة الرابحة تحقق أحزاب المعارضة الأوروبية مكاسب سياسية خصوصا في فترات الانتخابات، وقد رأينا نتائج ذالك الضغط من جهة أحزاب المعارضة الأوروبية واضحا بشكل كبير مؤخرًا في اتجاهات وقرارات بعض الدول الأوروبية كالسويد التي رحلت عشرات الآلاف من طالبي اللجوء، وذلك بالإضافة أيضًا لما قالته المستشارة الألمانية \”أنغيلا ميركل\” إن بلادها ستعيد اللاجئين إلى بلادهم فور استقرارها.

الحوادث الإرهابية:

بعد أحداث باريس الإرهابية التي وقعت نوفمبر الماضي التي هزت العالم، وبعدما صرح مسؤولون فرنسيون أنهم وجدوا جواز سفر للاجئ سوري في مكان الهجمات، تحركت أصوات أوروبية مناهضة للاجئين في استغلال الحادثة والمناداة بوقف استقبال بلادِهم للاجئين واتهامهم بالإرهاب وتهديد أمن المجتمع الفرنسي، وبالطبع مثل هذه الاتهامات أشعلت الموقف وأثارت مخاوف الرأي العام الأوروبي وجعلت المزاج الأوروبي ينقلب على اللاجئين بشكل واضح وكبير.


التحرش:

حدثت ليلة رأس السنة الماضية حادثة \”كولونيا\” والتحرش الجماعي بالفتيات الألمانيات، وتم القبض على بعض اللاجئين واتهامهم بارتكاب انتهاكات بحق الفتيات، ورغم أن التحقيقات قد برأتهم، إلا أن الرأي العام الألماني كان قد اتخذ الانطباع الأول منذ يوم الحادث وأنتهىَ، ورسم ذلك صورة سلبية عن اللاجئين السوريين، أثرت بشكل كبير على مستقبل اللاجئين في أوروبا ووضعت حواجز نفسية كبيرة بين الأوروبيين واللاجئين.

 

فيديو: تقرير قناة \”الآن\” تحرش جماعي يهز ألمانيا وتخوف من تداعيات اتهام اللاجئين.. هنا

فيديو: مقابلة قناة \”DW\” مع فتاة ألمانية تروي قصة التحرش بها من شباب عرب.. هنا

توتر العلاقات بين أوروبا وتركيا:
تناقصت أعداد اللاجئين بشكل كبير منذ اتفاق الهجرة بين تركيا والاتحاد الأوروبي وحتى الآن فهناك آلاف اللاجئين عالقون في اليونان بعد توتر العلاقات بين أوروبا وتركيا، فلا يزال أكثر من 57 ألف لاجئا عالقين في اليونان اليوم.

فيديو: ’’فرانس 24’’ آلاف اللاجئين عالقون في اليونان بعد توتر العلاقات بين أوروبا وتركيا.. هنا

 

البيروقراطية وتعقيد الإجراءات:

بدأت الدول الأوروبية تشدد من إجراءات اللجوء إليها، متبعة أساليب غير مباشرة تدفع اللاجئ إلى عدم تقديم اللجوء، ويشكو الكثير من اللاجئين تعقيد وتشديد إجراءات الهجرة إلى أوروبا ومن العراقيل التي تفرضها السلطات هناك، مما دعى مثلا بعض الشباب السوريين لمحاولة إيجاد حل لمواجهة البيروقراطية الألمانية، وذالك عن طريق تصميم تطبيق ذكي جديد يحمل اسم \”بيروكرايزي\” نتيجة \”كثرة الإجراءات الإدراية التي يعاني منها اللاجئون في ألمانيا\”.

تمثل الفكرة في تفسير وترجمة كل الاستمارات الإدارية المطلوبة من السلطات المحلية في مقاطعة برلين بشكل يمكن للاجئ فهمها وملئها. كما سيحتوي التطبيق على كل هذه الاستمارات وأيضا عن كل الخرائط والوثائق اللازمة لتسليمها إلى السلطات.

\”هكذا يمكن تسهيل حياة اللاجئ، كما أنه سيرفر الكثير من الوقت ويتفادى عناء الانتظار أمام مكاتب السلطات في برلين\”، كما يقول عمر الشافعي أحد المطورين الستة الذين انشئوا التطبيق في حواره مع موقع DW الألماني.
فيديو: تقرير عن تطبيق \”بيروكرايزي\”.. هنا

 

قرارات غريبة وغير مبررة بشأن اللاجئين!

هناك بعض القرارات والقوانين الجديدة غير المبررة، على سبيل المثال قررت الدنمارك مصادرة المقتنيات الثمينة للاجئين لـ\”استخدام قيمتها للإنفاق على إقاماتهم\”! حسبما برر البرلمان الدنماركي أسباب القرار!
فيديو: تقرير – DW الدنمارك: قرار تعديل بمصادرة مقتنيات طالبي اللجوء.. هنا

 

كما أن الدنمارك أيضا اتخذت قرارًا غريبا آخر بمراقبة حدودها مع السويد ورفض قبول طلب أي لاجئ على الحدود، وليس ذلك أغرب من تصريحات السويد مؤخرًا عن عزمها ترحيل آلافً من طالبي اللجوء، حيث أعلن وزير الداخلية السويدي \”أندرز إيغمان\” أن بلاده تعتزم ترحيل 80 ألفا من طالبي اللجوء، وهذا ما يزيد من الخطر على مستقبل اللاجئين في أوروبا وبالأخص بعد تزامن قرارات السويد مع الدنمارك في نفس الوقت تقريبا.
وأخيرا ووفقًا لصحيفة \”الإندبندنت\” البريطانية أعلنت الحكومة البريطانية عن بنائها جدارا بطول 13 قدمًا على حدود مدينة كاليه الفرنسية سيمتد ميلًا على طول الطريق السريع الرئيسى المؤدى إلى الميناء لوقف تدفق المهاجرين إليها.
لينك تقرير \”الإندبندنت\”.. هنا

مؤشرات خطيرة:

لقد استعرضنا أهم النقاط التي قد تكون هي أسباب اكتفاء الدول الأوروبية من اللاجئين، ولكن هناك بعض المؤشرات الخطيرة جدا التي تهدد مستقبل قبول الشعب الأوروبي للاجئين ويجب ذكرها، وهي مثلًا تقرير نشرته الشرطة الألمانية بشأن الهجمات على مراكز إيواء اللاجئين في ألمانيا، ففي عام 2014 كان هناك 199 هجوما مقابل 1005 هجوما في عام 2015 أي أن نسبة الهجمات تضاعفت بمعدل خمسة أضعاف في خلال عام.
ولكن -في النهاية- اللاجئين عالقون! والجميع يخلي يده ويغلق أبوابه، وهم بين حرب ودمار وفتنة وأسلحة كيماويه في الداخل، ومتاجرة وتعقيدات ومواقف متباينة وغريبة من الدول الأخرى في الخارج.
ماذا يفعل اللاجئون إذًا؟! هل سيغيرون وجهتهم إلى الأمريكيتين أو الدول العربية مثلا؟ أم سيتغير الموقف الأوروبي في المستقبل القريب تجاه اللاجئين ويعود إلى الأفضل كما كان؟
نأمُل أن يتغير الموقف قريبا للأفضل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top