الحمد لله الذي جعلني من الناجيات من مشرط ذبح أنوثتي وأنا في سن صغيرة، فقط لأنني وُلدت من رحم امرأة عانت من الختان، حيث تعرضت في بكارة طفولتها البريئة لمشرط الختان مرتين، حيث شعر أهلها أن المرة الأولى لم تكن كافية، فوضعوها على حجر الذبح مرة ثانية.
أثرت تلك الحادثة المُروعة على تكوينها النفسي، فقررت أن لا تفعل في ابنتيها نفس المصيبة بعد أن تأكدت من أحد الأطباء أن ختان الإناث جريمة.
لم أمر بتلك التجربة المُهينة، لكنني استمعت إلى مآسي نساء جيلي، وكيف أن تلك الكارثة حولتهن إلى كائنات بلا روح حقيقية تتفاعل مع الكون من حولها، وليس فقط مع أزواجهن، بل مع الحياة بشكل عام، فهن يسرن بحرمانهن وكبتهن وضغط المجتمع عليهن منكسرات لا يستطعن أن يعبرن بقوة عن ذواتهن، وليس فقط في الفراش مع الرجل الذي ارتضينه حلال لهن.
إنها مأساة حقيقية، لا أدري على أي أساس يدافع عن بقائها بعض ولن أقول كل الرجال، لأن الرجل الحقيقي هو الذي يرغب في امرأة قوية، ولا يرضى بأن تكون امرأته ضعيفة مهزومة لا تستطيع حتى التعبير عن حبها في أبسط حق إلهي منحه الله لها، ألا وهو ممارسة الحب مع زوجها.
إن هذه الأصوات الذكرية، لا تؤكد سوى شئ واحد؛ ألا وهو أنهم مجموعة من الرجال (المخصية نفوسهم)، لا يعرفون كيف يرضون رغبات امرأة، وبدلا من الاعتراف بهزيمتهم وضعفهم، يرمون الأمر على أن الختان طهارة وحفظ لفرج المرأة من الخطيئة.
وفي الحقيقة أتساءل: إذا كان الله أمر الرجل والمرأة سواء بأن يحفظوا أعضاءهم، فلماذا لا نقطع عضو الرجل الذكري حتى لا يقع في الخطيئة هو أيضاً؟ ألم يخلقنا الله جميعاً -رجلا وامرأة- بألباب خاطبها سواءً كي نُعملها في أمور حياتناً كافة ونفرق بها بين الحلال والحرام؟
ألم يخلقنا جميعاً سواء في قبول المسألة، وبالتالي المساءلة يوم الحساب؟
أسيحاسب الله الرجل عن أفعال المرأة يوم القيامة، وهو الذي ألزم كل إنسان سواء كان امرأة أو رجل بطائره في عنقه؟ أم ألزم الرجل فقط؟
عزيزي الرجل، أحب أن أفاجئك: أنا امرأة خلقني الله بعقل كعقلك وألزمني طائري في عنقي أنا وليس عنقك أنت، فأرجوك توقف عن محاولاتك المستميتة كي تتولى أمري وتتخذ عني قراراتي بدعوى أنك مسئول عني، لأنك لست مسئولا، بل أنا الفرد الواحد المستقل والوحيد المسئول عن نفسه، والذي سيحاسبه الله وحده بدون أن أستعين بك كي تنقذني من جهنم أو تدخلني الجنة.
عزيزي الرجل.. توقف عن سرد الأساطير التي لا أصل ديني أو أخلاقي أو تاريخي لها.
أضحكني هؤلاء الذكور المستميتين على الختان، وأغلبهم من المدعين للتدين والتقى والورع، هؤلاء الذين يدعون إلى تنفيذ سنة النبي (حاشا النبي منها سنة) بأن يعددوا في الزوجات لإنقاذ النساء من العنوسة، وعندما تجادلهم في الأمر يقولون لك: الرجل احتياجه الجنسي أقوى من المرأة ولا تستطيع امرأة واحدة أن تكفيه.
إذا يا أيها الفحل الصنديد، لماذا تخاف من قوة المرأة الجنسية إذا لم تُختن؟ فلربما اكتفيت بامرأة مكتملة واحدة غير مبتورة الأنوثة، أم أنك تحب التعديد في النساء المبتورات المهزومات؟ وتعرف في داخلك أنك أضعف من امرأة كاملة؟
القانون الجديد في رأيي خطوة متطورة ليس إلا، لأنه -في رأيي- من يرتكب هذه الجريمة الشنيعة في حق أنثى يستحق الإعدام، لأنه يعدم فيها الحياة ويتركها تتنفس بدون قُدرة على تمييز الروائح، إنهم يحولون المرأة لمجرد وعاء إنجابي وخادمة في المنزل لرجل ولأبنائه الذي سيحملون اسمه، بينما تظل هي في الظل تبذل عمرها كله من أجل آخرين، بينما هي مجرد جماد يُحركه زوجها كيفما اتفق، يعدم فيها الحياة ثم يسألها: لماذا لا تستطيع أن تُسعده؟ ويهددها بالزواج عليها ويعايرها بانكسارها وهزيمتها، وهو الذي وضع الخنجر في ظهرها، ثم طالبها بالضحك والسعادة.
ما يثير الضحك فعلاً، ذلك النائب البهلوان، الذي خرج ليقول إنه على النساء أن يقبلن بالختان، لأن رجال مصر يعانون الضعف الجنسي!
وإن كان رجال مصر عاجزون جنسياً، فلماذا أضحي أنا بأنوثتي من أجلهم؟ فليذهبوا وأنت معهم إلى أقرب جحيم يمكن الوصول إليه بسرعة، ولنستورد رجالاً نحسن بهم النسل في مصر كي ننقذ وطننا من الانقراض!
وبالطبع أنا أعرف جيداً أن هذا النائب لا يعبر سوى عن وضعه المزري ووضع من هم على شاكلته، هؤلاء الذي يهددون زوجاتهم بالزواج عليهن، وهم في الحقيقة لا يستطيعون إرضاء أنثى الذباب، في الوقت الذين يسيرون فيه في الشوارع ليتحرشوا بالنساء، بينما يجلسون على المقاهي يتباهون بفحولتهم الأسطورية.
كلامي لا يصيب بالطبع الأغلبية من رجال مصر الذين هللوا فرحاً لصدور القانون، ولكنه موجه لهؤلاء الذين خرجوا ينبحون ككلاب ضالة مهاجمين القانون ومعددين لمزايا الختان، بل إن بعضهم من حزب النور السلفي خرج علينا بنظرية الثماني أنواع للختان، يرفض سبعة منها، بينما يدعو لتطبيق الثامنة، مدعياً أنها سنة عن النبي!
ولا أدري في الحقيقة ما هي الثماني أنواع وأين درسها؟ ربما درسها في كلية طب أم عبده في بير سلم من سلالمهم المظلمة.
قانون تجريم الختان انتصار جديد في سبيل تحرير المرأة المصرية وتمكينها في المجتمع بالكامل، ومن لا يعجبه الأمر فليشرب من البحر أو ينتحر فيه.. وده آخر الكلام.