مترجم: سباق التسلح في الخيانات الزوجية

ترجمة: يوسف أبو عالية  

عن: ميشيل كوتل –THE ATLANTIC

في مساء يوم ثلاثاء من أغسطس عام 2013، كان من المفترض أن تكون (آن) في عمل خارج البلدة، بينما زوجها (جاي) –وهو مدير تطوير عمره 36 عامًا- يجالس أطفاله بالمنزل لحظة اكتشافه أمرًا خطيرا، أضاعت ابنتهم الآيباد الخاص بها واضطر (جاي) أن يستخدم تطبيق (إيجاد هاتفي Find My iPhone). تمكن التطبيق من العثور على الجهاز المفقود، لكنه حدد أيضًا أماكن باقي أجهزة الأسرة، و أصبح السؤال: ماذا يفعل الآن هاتف (آن) زوجتي داخل فندق على بعد 5 أميال من منزلنا؟

 

بازدياد شكوكه، قرر (جاي) –بحكم علمه بكلمات المرور الخاصة بزوجته- أن يقرأ إيميلاتها ورسائلها على ماسينجر، لم يجد شيئًا يدينها، لكنه أيضًا لم يجد تفسيرا مقبولا لوجودها في ذلك الفندق، فقرر استخدام تطبيق (Find My iPhone) لغرض آخر: رصْد تحركات زوجته.

 

بعدها بليلتين، حين تذرعت (آن) بعملها لوقت متأخر، رصد (جاي) هاتفها في النقطة نفسها، وهذه المرة ذهب إلى الفندق بسيارته واتصل بها لتنزل إليه في موقف انتظار السيارات، قالت (آن) أنها كانت تلتقط صورا شخصية على الفراش (أو المعروفة بـ boudoir photos) لتفاجئه بها في عيد ميلاده، وأن المصور يجلس بانتظارها الآن في الغرفة. حاول (جاي) تصديقها، وبدلا من أن يطلب مقابلة المصور، دخل سيارته وعاد إلى المنزل.

 

ظل الأمر محيرًا، إذ اكتشف من إيميلاتها أن جلسة التصوير قد تمت بالفعل يوم الأربعاء، وبالتالي لم يكن لتواجدها بالفندق ليلتي الثلاثاء والأربعاء أي معنى، إلا إذا..

في الماضي، كان الزوج المُوَسْوَس، من أمثال (جاي)، غالبًا ما ينبش في جيوب زوجته أو يؤجر مراقبًا خاصًا، لكنه ما أن وجد تطبيق (Find My iPhone) كأداة مراقبة، صار يفكر في كيفية الاستعانة بالتطبيقات الأخرى، الآن ثمة برامج تجسس عالية المستوى تسجل كل ضغطة زر وتجمع سجلات مفصلة لمكالماتنا ومراسلاتنا ودردشات الفيديو الخاصة بنا وترصد أماكن هواتفنا بالتزامن، وتسترد أية رسائل محذوفة من كافة أنواع الأجهزة (دون أن نمسها) وتحوّل هواتفنا إلى أجهزة تنصت متنقلة.. إلخ.

 

بعدها قضى (جاي) عدة أيام باحثًا عن أدوات المراقبة حتى اشترى برنامجًا يسمى (Dr. Fone) مكّنه من استرداد كافة الرسائل الموجودة بهاتف (آن) –عن بُعد، وفي إحدى المرات قام بتنزيل كافة مراسلاتها على حاسوب عمله ومكث يطالعها في مكتبه يومًا كاملا، اكتشف أنها على علاقة بزميلها، وبينهم آلاف المراسلات –معظمها إباحية- والتي مثلت سجلا كاملا ومفصّلا لخيانتها.

وقال: \”كأني كنت حرفيا أشاهد تطور علاقتها مباشرة أمامي، وكان هذا في حد ذاته مؤلمًا.\”

 

يمكننا الافتراض بأن لوسائل التجسس هذه تأثير سلبي على تلاعبات الأزواج والزوجات خارج بيت الزوجية، لكن الزوج الطموح المتلاعب لا يعرف اليأس، ويعمل مطورو البرمجيات –من الجهة المقابلة- على استحداث تكنولوجيا أكثر تطورا يمكنها مساعدة الناس على إخفاء علاقاتهم، فيمكن اختيار أدوات متخصصة مثل (Vaulty Stocks) التي تخفي الصور والفيديوهات داخل مخزن ظاهري يبدو وكأنه تطبيق للبورصة، أو تطبيق (Nosy Trap) الذي يعرض شاشة آيفون رئيسية مزيفة تلتقط صورًا لأي شخص يحاول التفتيش في الجهاز، ويخفي تطبيق (cate) المراسلات والمكالمات الخاصة ببعض جهات الاتصال ويقدم ميزات أكثر صعوبة مثل المسح السريع لأية أدلة إدانة بمجرد هز الهاتف، ويقوم تطبيق (Cover Me) بمهام كثيرة كهذه بالإضافة إلى إمكانية تشفير المكالمات للأغراض العسكرية، وفي حالة الطوارئ يمكن استخدام الحل النووي: تطبيقات تسمح للمستخدمين بمسح محتويات الجهاز كليا عن بعد.

 

لكن كل تطبيق يؤّمن سريّة مثل هذه التلاعبات يفتح الشهية أيضا إزاء إيجاد طرق أذكى لكشف هذا التلاعب، لكن بعض التطبيقات تلعب لصالح الطرفين، وتسمح للزوجة بتثبيت برنامج (cate) نفسه على هاتف زوجها لتخلق سجلا سريا لمكالماته ومراسلاته، قد يبدو هذا أمرًا عظيما من وجهة نظر السوق القائم على العرض والطلب، لكنه غالبا ما يكون له أثر غير صحي على الثقافة الأوسع انتشارًا، لأن البارانويا المتسارعة تخلق سباق تسلح بأسلحة تتوجه فوهاتها إلى صدر المستهلك نفسه.

ولكل توجه تكنولوجي جديد طليعة من أوائل المستخدمين، وكان (جاستن) واحدًا منهم، إذ سمع عن تطبيق (cate) للمرة الأولى في حلقة من (Shark Tank) عام 2012، وكانت رفيقته –سنطلق عليها اسم (سكارليت)- غيورة ودائما ما تفتش في هاتفه وحاسبه (لدرجة أنها تمكنت ذات مرة من ضبطه يضاجع امرأة أخرى)، وأي امرأة عموما كانت ستستثني عددا من المراسلات مثل: المراسلات \”الكاجوال\” -المغازلات- والمراسلات \”الهارد كور\” -الإباحية بشكل صريح- بل ومراسلات التواعد، لكن (جاستن) وبمساعدة تطبيق (cate) أصبح قادرا على تشكيل قائمة بكل جهات الاتصال التي لا يرغب في معرفة (سكارليت) بأمرها أبدًا وجعل كافة مراسلاته ومكالماته مع جهات الاتصال هذه تتوجه مباشرة إلى مخزن محمي برمز مرور.

 

كان تطبيق (cate) مجرد تطبيق واحد فقط من عدة تطبيقات يستخدمها (جاستن) في السياق نفسه، فمثلا وسيلته في تبادل الصور الإباحية هو (Snapchat) وهو تطبيق يجعل الصور والفيديوهات تدمر نفسها ذاتيا بعد استلامها (طبعا، وكما يعرف ذوو الألباب، لا تُمسح الصور في الحقيقة، ولكنها تُخفى في أمعاء الجهاز المستقبل، واعتاد (جاستن) التنقيب عنها باستمرار)، أما المواد المرئية الجذابة التي لا يستطيع مشاهدتها تتلاشى في الأثير، فقد استعان عليها بتطبيق (Gallery Lock) الذي يخفيها داخل معرض خاص في هاتفه.

 

افترق (جاستن) و(سكارليت) في النهاية، وهذا أمر تكرر مع كافة رفيقاته، صحيح أنه كان يستمتع معهن بالارتياح الاجتماعي الذي تمنحه العلاقات (\”من اللطيف دائما أن تتواجد في حياتك فتاة يمكن اعتبارها فتاتك\”)، ويدرك معاناة رفيقاته لأنه ذاق مرارة الخيانة من قبل، وأحيانا يشعر بالندم عن كل مرة تلاعب فيها، لكنه لا يزال عاجزا عن مقاومة الأدرينالين، \”النساء لسن جميعًا نفس الشيء، ودائما ما تشعر أن هناك امرأة في مكان ما تستطيع القيام بفعل جنسي لم تذقه من قبل، هذا بخلاف متعة التلاعب والتخفي والخوف من انكشاف أمرك.\”

 

صحيح أن (جاستن) قد استخدم التطبيقات لحماية خصوصيته والمحافظة على بقاء علاقاته دون إثارة المشاكل، لكنه استخدمها أيضًا في التجسس على رفيقاته بنفس العدوانية، جرب (جاستن) كل شيء، من أول المسجلات التي تجمّع كل ضغطة زر نضغطها، مرورا ببرامج رصد أماكن الهواتف والبرامج التي تمكننا من رؤية المراسلات والصور وكل التلاعبات وحتى المجلدات التي تتدفق إليها المواد المحذوفة، لقد جرب تقريبا كل برنامج تجسس متاح في السوق، وقال إن المراقبة تمنحه سلاما نفسيا، وحين يضبط تلاعبات رفيقته، يحقق بخيانتها توازنا وعدلا في علاقتهما ويضع في قبضة يده طوال الوقت دليلا على الخيانة يسلب منها حق الغضب من خياناته لها لاحقًا. وذات مرة رصد التطبيق تواجد الفتاة داخل سيارة في الخلاء، ذهب إليها (جاستن) وتعارك مع الرجل باللكمات، ثم مارس معها الجنس للمرة الأخيرة قبل انفصالهما.

 

تأخذ مثل هذه التطبيقات مكانها في سوق مربحة سواء رضينا بهذا أم لم نرض، صحيح أن من الصعب تحديد معدلات الغش الزوجي (لأن البشر يكذبون)، لكن الأبحاث ذائعة الصيت تقدر نسبة الخيانة بـ 15% من النساء و20% من الرجال، وعلى الرغم من تذبذب جذور الخيانة (بسبب الرغبة في التجديد أو الاهتمام أو مجرد عشيقة مؤخرتها أكثر اكتنازًا..) إلا أن التكنولوجيا تغير بشكل كبير طريقة ارتكابنا للخيانة وتعريفنا لها. (صحيح أن كافة الخيانات المتناولة في هذا المقال هي خيانات جسدية على الطريقة القديمة، لكن ثمة هيكل متنامٍ من الأبحاث التي تدرس الخراب الذي يسببه انتشار الخيانات المقصورة على الإنترنت)، ويعتبر الباحثون الإنترنت بمثابة تربة خصبة لخيانات النساء على وجه التحديد، تقول (كاثرين هيرتلين)، التي تدرس أثر التكنولوجيا على العلاقات – بجامعة نيفادا أن \”الرجال يميلون إلى الخيانة لأسباب جسدية، والنساء يملن إليها لأسباب عاطفية، ويتيح الإنترنت المزيد من الإفصاح عن العواطف مع أشخاص آخرين.\”

في نفس الوقت، أصبحت الخصوصية سلعة نادرة، دعك من العصابات الروسية ووكالة الأمن القومي: لقد كشفت دراسة حديثة في بريطانيا أن 62% من الرجال اعترفوا بالتفتيش في هواتف رفيقاتهم الحاليات أو السابقات، (ومن المثير للاهتمام أن النسبة بين النساء لم تتخط 34%، على الرغم من الصورة النمطية الشائعة للرجل المخادع والمرأة الفضولية)، من الناحية الأخرى، ووفقا لمشروع الحياة الأميركية الذي أجراه مركز Pew للأبحاث، فإن 14% قد اتخذوا خطوات لإخفاء نشاطهم على الإنترنت عن ذويهم وشركاء علاقاتهم، ويرى المعالجون المزيد من الأزواج يراقبون بعضهم بعضا مع كثرة التعارك المتعلق بالتجسس عبر الإنترنت، بل وطفق المحامون ينصحون بوضع شروط متعلقة بالخصوصية الرقمية في الاتفاقيات المبرمة قبل الجواز وبعده، ومن شأن هذه الشروط أن تمنع الأزواج والزوجات من استخدام الصور والإيميلات والرسائل الشخصية ضد بعضهم بعضا عند التخاصم في أروقة محكمة الأسرة.

لم يخطط المطورون التقنيون، الصغار منهم والكبار، للتورط في هذا، فكما هو الحال في الخيانات الزوجية، الأمر نوعًا ما يحدث، خذ تطبيق (Find My iPhone) على سبيل المثال، إذ لم يخطر الأزواج الشكاكون على بال شركة آبل حين خلقت هذا التطبيق، ولكن المستخدمين أنفسهم هم من اكتشفوا قدراته الجانبية، وسُوِّق لتطبيق (Dr. Fone) في الأساس كوسيلة لاستعادة البيانات المفقودة، وكذلك فإن لخدمات الرسائل، مثل (Snapchat)، استخدامات أخرى كثيرة غير إخفاء الأحاديث الماجنة والصور العارية، ولكن التطبيقات حققت صدى واسعًا مع المخادعين.

هذه الاستخدامات غير المسماة والطبيعة متعددة الأغراض لكثير من تلك الوسائل تجعل من الصعب قياس حجم هذا السوق الثري، فمثلا توفر شركة mSpy واحدًا من أرقى برامج مراقبة الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر، ويدفع مليونا مشترك ما بين 20 إلى 70 دولارا شهريا للتمكن من فعل كل شيء بدءًا من سجل التصفح مرورا بالتصنت على المكالمات ورصد تحركات الهواتف، ووفقا لأندرو لوبانوف، مدير مبيعات الشركة، يمثل الآباء الراغبون في مراقبة أطفالهم نحو 40% من المشتركين، وأن الشركة تجري أبحاثًا لمعرفة عملائها وما هي الميزات التي يودون إضافتها، وتمثل الشركات الصغيرة التي تود مراقبة استخدام موظفيها لأجهزة الشركة (وهو توجه متنامٍ) نحو 10 إلى 15%، فماذا عن النصف الآخر من المشتركين؟ قد يكونون أي شيء.

 

لا تشهد التطبيقات المسوّقة خصيصا كأدوات للمحافظة على الخصوصية، في شقها الأكبر، نفس الإقبال الذي تشهده تطبيقات جذابة مثل تطبيق (Grinder)، على سبيل المثال، الذي أُعِدّ خصيصا لتواعد الرجال المثليين وحقق 10 مليون تنزيلا و5 مليون مستخدم شهريا، بيد أن العديد منها قد حظى باهتمام المستهلكين، فلتطبيق المراسلة والاتصال (coverMe) أكثر من مليوني مشترك، ونُزِّل تطبيق (TigerText)، الذي يجعل الرسائل تدمر نفسها ذاتيا بعد فترة مؤقتة، نحو 3.5 مليون مرة منذ تقديمه في فبراير 2010 (ولقد تفشى في السوق بعد شهرين فقط من فضيحة لاعب الجولف (تايجروودز) ومراسلاته الجنسية مع إحدى الممثلات الإباحيات، رغم تأكيد الشركة بأن التطبيق لم يسمى تيمنا باسمه).

 

بمجرد ما أن يعرف السوق وافدًا جديدا حتى يندفع الجميع لتجربته، الآن يقدم كبار البائعين وصغارهم الكثير من العروض، ويقدم موقع المواعدات الإلكترونية الخاص بالمتزوجين (Ashley Madison) تطبيقًا على الهاتف يشارك به 30 مليون فردًا جاهزين للاستعانة بخدماته (شعار الشركة: \”الحياة قُصيّرة، عُط لك مرة\”)، وقدمت الشركة في العام الماضي تطبيقا إضافيا يسمى (BlackBook) يسمح للمستخدمين بشراء أرقام هواتف يمكن التخلص منها للاستعانة بها في أعمالهم غير المشروعة، وتجرى المراسلات والمكالمات من خلال الهاتف بنفس الطريقة التي يعمل بها برنامج (Skype)، ويقول مدير التشغيل الرئيسي بالشركة، رضوان جِوان، إن فاتورة الهاتف تعد واحدة من أبرز السيناريوهات التي تنكشف بها الخيانات الزوجية، ولكن باستخدام أرقام هواتف غير مسجلة فإن كافة المكالمات تجرى عبر حساب المستخدم وتظهر في بيانات بطاقته الائتمانية ضمن الأعمال غير الموضّحة دون أن تكون هناك أي علاقة برقم الهاتف المستخدم.

 

في سباق التسلح يصر الطرفان على استكمال المعركة، ففي الوقت الذي تؤكد فيه شركة (Ashley Madison) على حماية خصوصية العملاء وأن تحول العملاء من الكمبيوتر إلى الهواتف يجعل التجسس أمرًا صعبا (أثناء ترجمة هذا المقال إلى العربية نشرت وسائل الإعلام تقاريرًا تزعم احتيال الموقع وسرقته لبيانات مستخدميه وإيهامهم بمعايير خصوصية وأمان غير حقيقية)، يرى أندرو لوبانوف، مدير مبيعات mSpy، أن كل التطبيقات يمكن مراقبتها وأن الشركة قادرة على تطوير إمكانية مراقبة أي تطبيق جديد خلال أسبوعين فقط من ظهوره، وأن الأمر كله يتوقف على الطلب، فبعد استقبال 300 مكالمة من عملاء يطلبون مراقبة تطبيق (Snapchat)، تمكنت الشركة من ذلك.

 

يعترف لوبانوف أن هواتف آيفون يصعب مراقبتها مقارنة بأنواع الهواتف الأخرى، لأن آبل أكثر تقييدا للبرامج التي تعمل على نظام تشغيلها (على الرغم من تغلب الكثير من المستخدمين على مثل هذه القيود)، ويطرح هذا سؤالا: هل يعد هاتف آيفون استثمارا جيدا للمخادعين الذين يخشون المراقبة، أم أنه يعيق استخدامهم لتطبيقات الخداع؟ هي بالتأكيد واحدة من تعقيدات الخيانات الزوجية المعاصرة.

 

بالطبع لا يمكن لأي تطبيق أن يدفع كل مخاطر الوقوع، والتكنولوجيا –في حقيقة الأمر- تولّد إحساسًا زائفا بالأمان يشجع الناس على تجاوز الحدود والتخلي عن الحذر، ولقد أجرى (جاستن) عدة مكالمات حميمية مستخدما تطبيق (cate) لإخفاء بريده الصوتي ومراسلاته الطائشة، لكنه نسي أن يخفي صوره الإباحية، وحين عثرت رفيقة له على صورة عارية له قد نسي حذفها بعد مداعبة امرأة أخرى بها، اضطر أن يدعي –سريعًا- بأنه كان ينوي إرسالها إليها، وبعد عدة شهور تخطت ترقيات نظام تشغيل هاتفه تطبيقَ (cate) حتى توالى تسرب المزيد والمزيد من الرسائل الخاصة (وتشير تقييمات المستخدمين إلى شيوع هذه المشكلة.)

 

وللمراقبة الافتراضية أيضا مخاطرها، فالتعثر في إيميلات شريكك التي نسيها مفتوحة يعد استثناءًا واحدا، أما التجسس مع سبق الإصرار فقد يودي بك إلى المحكمة – أو إلى ما هو أسوأ، ففي فترة بين عامي 2008 و2009، ثبَّت رجل يدعى (داني لي هورمان)، وكان يشك في خيانة زوجته –السابقة حاليا- له، جهازَ تعقبٍ في السيارة لتحديد موقعها وزُعِم تنزيله برنامج تجسس على هاتفها وعلى جهاز الكمبيوتر الخاص بالأسرة، وبدأت زوجته (التي أنكرت خيانتها له) تتساءل عن سر معرفته بكافة تحركاتها، حتى عثرت على جهاز المراقبة أثناء إجراء فحص ميكانيكي لسيارتها في مارس 2010 واستدعت الشرطة ولبث (هورمان) في السجن شهرا بتهمة مطاردتها (ومن الجدير بالذكر أن التهمة الثانية المتعلقة تحديدا بمراقبة سيارتها بشكل غير مشروع قد أسقطت عنه في الاستئناف عندما حكم القاضي بحق (هورمان) في تثبيت جهاز التعقب بحكم مشاركته إياها ملكية السيارة.)

 

يعد البقاء في موقف سليم قانونيا أمرًا أصعب مما قد يتخيله المرء، فثمة قائمة من المحرمات، على رأس هذا القائمة: لا تثبت أبدًا برنامجًا على جهاز لا تملكه دون استئذان صاحبه. ويلقي بائعو البرامج الوزر القانوني على كاهل المستخدمين، فعلى موقع (mSpy) تحذر الشركة من أن سوء استخدام البرنامج \”قد ينتج عنه عقوبات مالية وجنائية مغلّظة\”، وعلى نفس المنوال تذكر شركة (SpyBubble) –التي تقدم برنامجا لمراقبة الهواتف النقالة- عملاءها بوجوب إخطار مستخدمي الجهاز بأنهم مراقبون، ومع ذلك تظل أسئلة الملكية والخصوصية تائهة حين يتعلق الأمر بالأزواج وتتغير الساحة باستمرار مع إصرار المحاكم على تطبيق القوانين القديمة على التكنولوجيا الحديثة.

 

في عام 2010، بُرّئ رجل يدعى (لاري باجلي) من تهمة انتهاك قوانين التصنت الفيدرالية بعد أن ثبت أجهزة تصنت حول منزله وبرنامجا لمراقبة جهاز الكمبيوتر الخاص بزوجته وقتئذ، وأشار القاضي في حكمه إلى خلاف بين الدوائر القضائية حول تطبيق القوانين الفيدرالية على حالات \”التصنت بين الأزواج\”، فقالت أربع دوائر قضائية بتطبيقها، وقالت دائرتان بعدم تطبيقها، وعلى نفس المنول يعتبر تثبيت جهاز تعقب في سيارة شخص دون إذنه بمثابة جنحة في كاليفورنيا وفيرجينيا وتكساس ومينيسوتا و-مؤخرا- نيويورك، لكن حين تكون ملكية السيارة مشتركة، تصبح الصورة مشوشة.

 

يقول (جون بول لوكيتش) خبير التحقيقات الجنائية الرقمية ومؤلف كتاب (Cyber Lies) الذي يعد دليلا شخصيا للأزواج الراغبين في التجسس افتراضيًا: \”أنصح الناس دائما بأمرين: (1) تصرفوا بشكل قانوني. و(2) تصرفوا بحذق\”، ولقد نال (لوكيتش) نصيبه من حالات الطلاق القبيحة، ولذلك يؤكد أنه حتى أشد أدلة الخيانة الرقمية فجورا ستكون بلا قيمة في المحكمة –بل وقد تورطك- إذا جمعت بشكل غير سليم، ونصيحته الأهم هي: وكِل محاميا ماهرا.. فورا.

 

لكثير من تلك التطبيقات قدرة على نسف العلاقات الزوجية، لكن ربما السؤال الآن هو ما إذا كان بالإمكان استخدامها لترميم هذه العلاقات، والعديد ممن ذاقوا الخيانة الزوجية يؤمنون بذلك.

 

منذ عامين اكتشفت (جينجر) أن زوجها (تيم) على علاقة بامرأة أخرى، (وحسب رواية جينجر: كان أمرًا تقليديا للغاية، رجل في منتصف عمره يفتن بامرأة أصغر بكثير)، واستمرت العلاقة لأقل من عام، ولكن بعد ثمانية أشهر أخرى توقفت الفتاة عن إرسال الهدايا إليه وبدأت تظهر في أماكن غير ملائمة (منها الكنيسة نفسها!).

 

قرر الزوجان التغلب على الأمر -فبينهما ولدان بالغان وعشرة دامت 35 عامًأ- ولم يحققا هذا بسهولة، في البداية كانت بعض أفعال (تيم) وأقاويله تثير حفيظة (جينجر)، حين كان يخطرها بذهابه إلى المتجر كانت تطلق برنامج تحديد موقع هاتفه لتتأكد، وفي رحلات عمله كانت تطلب منه أن  يصور غرفته بالكامل مباشرة – بما فيها دورة المياه والدولاب وأن يفتح الباب الذي يفضي إلى الرواق باستخدام تطبيق FaceTime.

 

تبدد قلق (جينجر) ولكنه لم يذب بالكامل، إذ لا تزال تستخدم تطبيق (Find My iPhone) أحيانا للتأكد من بقائه متأخرا في مكتبه، ولا يزالا يستخدمان تطبيق (FaceTime) طوال الوقت، وأدرك (تيم) أنه من الأفضل له أن يرد على مكالمات زوجته عبر التطبيق أو أن يكون لديه سببا منطقيا جدا جدا لإحجامه عن الرد.

 

وقرر (جاي) وزوجته (آن)، التي عرف بأمر ذهابها إلى الفندق، أن يحاولا إصلاح حياتهما معا، وحين واجهها بتسجيلات مراسلاتها للمرة الأولى، أنكرت (آن) أن يكون لحديثها الماجن مع زميلها أي أساس في الواقع، ولكن حين رتب موعدا لخضوعها لجهاز كشف الكذب، اعترفت بوجود علاقة جنسية كاملة بينهما.

 

ورغم تألم (جاي)، إلا أنه أقر بعد عام بفائدة أدوات التكنولوجيا، ورأى أن علاقة (آن) بزميلها إنما أنبتها إحساسها بالإهمال، \”هي لم تنل الاهتمام الذي أرادته مني، حتى وجدت شخصا يمنحها إياه\”، ولتعزيز علاقتهما، استخدما تطبيق (Couple) الذي يعزز من حميمية العلاقات من خلال إنشاء خط خاص للتواصل عبر الصور والرسائل ومقاطع الفيديو و-بالطبع- تحديثات بأماكن وجود الطرف الآخر. ولا يزال (جاي) بين الحين والآخر يختلس النظر إلى تطبيق (Find My iPhone) ويعد جهازه لاستقبال نسخة من مراسلات (آن)، ولا يعرف إن كانت تدرك ذلك أم لا، ولكنها في العموم تتفهم رغبته في المزيد من الرقابة، ولسان حالها يقول: \”افعل ما يحلو لك\”.

في الواقع تبدو المراقبة بعد ارتكاب الخيانة الزوجية وصفة مشهورة، وحتى لو تبنى المعالجون المتخصصون بشؤون الزواج والأسرة نظرة قاتمة إزاء التطفل غير المبرر، يبدو الجميع متحمسين لمثل هذا التطفل حين يشمون رائحة الخيانة الزوجية، ويساعد مثل هذا التطفل في البداية على كشف حقيقة سلوك الطرف الآخر، لكنه بعد ذلك يساعد في التوفيق بين الزوجين ببناء الثقة والمسؤولية بينهما، ويرى الطبيب النفسي والكاتب الصحفي (بارتون جولدسميث) أنه يبرر المراقبة الافتراضية عقب وقوع الخيانة الزوجية، وحتى إذا لم يفتش أحدهما وراء الآخر، يظل امتلاكها سببا للإحساس بالأمان، أو على حد قوله: \”إنها بمثابة رباط زوجي إلكتروني\”

 

ويقول (فرانك) إنها يمكن أن تصبح رادعًا قويا، ولقد علمت زوجته (كارول) بولعه بالعاهرات بعدما نسي إغلاق صفحة تبادل فيها إيميله مع عاهرة، وتضمنت عملية التبادل صوره الشخصية ورقم هاتفه، رغم إدعائه بكونها رسائل غير مرغوب فيها (سبام). ووافق (فرانك) على تجربة الاستشارات الزوجية وسُجَّل في برنامج للتعافي من الإدمان الجنسي عبر 12 خطوة، وتعقب (كارول) الآن هاتفه وتفحص الرسائل على هاتفه وجهاز الكمبيوتر الخاص به بانتظام.  ويرى (فرانك) بدوره أن اكتشاف زوجته لخيانته لها كان أمرا صاعقا، لكنه يبدو غاضبا أيضا من الثقافة الشهوانية التي حطت به في هذه الفوضى، وأبدى تذمره حول قدرة الإنترنت –بطبيعته السلسة التي لا تكشف عن هويته- على تسهيل تلبية رغباته.

 

واستوعب (فرانك) العديد من دروس العلاج بوضوح، وقال لي: \”إذا كان من الممكن تعلم الانحراف، فمن الممكن تعلم الاستقامة أيضًأ\”، وعلى الرغم من رؤيته للمراقبة الافتراضية كأداة قوية، إلا أنه لا يزال يراها محدودة، ومهما ازدادت براعة التكنولوجيا فهناك دائما طرقا للاحتيال عليها، ويقول بشكل قاطع: \”لا شيء سيوقف شخصًا يرغب في الانحراف. لا شيء على الإطلاق\”.

 

رابط المقال الأصلي (بالإنجليزية): هنا

مصدر الصور: The Atlantic

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top