من بين الشخصيات المتعددة، التي وقعت في \”وحلة\” الإدمان والضرب، والضياع، أجد نفسي مشغوله بمصير حكاية \”هانيا\” و\”علي\” أو جميلة عوض، والموهوب الفذ أحمد فراج، فهما الثنائي الجاني والمجني عليه في مسلسل \”تحت السيطرة\”، هانيا تقريبا طفلة، قد تكون لديها بعض البجاحة، والرغبة في كسر التابوهات وتحطيم القيود، وإلحاق أكبر قدر من الألم والأذى لأمها التي أهملت في رعايتها، وكأنها تعاقبها على إخفاقها في حياتها الخاصة، الأم جيهان فاضل لا تجيد إلا الصراخ، وإصدار الأوامر، وتخفي عجزها بتهديدات لا تقوى على تنفيذها، حتى إن الفتاة هانيا رغم حداثة سنها، إلا أنها استوعبت نقاط ضعف أمها، لكن الأم لم تفهم ابنتها، ولم تحاول، وبالتالي عجزت عن التفاهم معها، وهو الأمر الذي جعل هانيا تندفع بكل ما لديها من شغف للمغامرة واكتشاف الحياة إلى حضن \”علي\”، الذي يعيش بلا هدف إلا الاستمتاع باللحظة، ومع ذلك فهو يعامل هانيا كأنها لعبة صغيرة مسلية، تشاركه جنونه ومجونه، ويقلق عليها ولا يريد أن يمسها سوء، أو إهانة، رغم أنهما معا يسيران، بل يهرولان إلى طريق النهاية، دون أن يحاول أي منهما أن يمنع الآخر من الاستمرار في السقوط.
اتابع حلقات \”تحت السيطرة\” باهتمام وإعجاب، وطبعا أداء نيللي كريم وأحمد وفيق وصل إلى درجة من النضج تجعل خطوتهما القادمة أكثر صعوبة، لكن مشاعري وقلبي مع حكاية \”هانيا\” و\”علي\”، وأخشى أن تفاجئنا الكاتبة مريم نعوم بوفاة أحدهما، حاتبقى مصيبة فعلا، لأن صدق الأحداث يمكن أن يجعل المشاهد يتورط في حب بعض الشخصيات، رغم أنها غارقه في الضياع، لكنها مع ذلك بريئة، أو قابلة للانكسار نظرا لهشاشه تكوينها الاجتماعى، أو لعدم قدرتها على التعامل مع الواقع!
وكما حدث مع \”زينات اللي بتزوق البنات\”، التي أحبها الجمهور وتعاطف معها رغم أنها تمارس الدعارة في مسلسل \”سجن النسا\”، فإن المؤلفة جعلت المشاهد يتعاطف مع هانيا و\”علي\” في مسلسل \”تحت السيطرة\”، الذي يعاني معظم أبطاله من ذات المشكلة بكل تبعاتها، ومع ذلك فهو عمل مشوق للغاية، ومش حاقول إنه إرشادي أو تعليمي، أو بيقدم المشكلة وطرق علاجها، لأني لا اعتقد أن المؤلفة أو المخرج تامر محسن يقصدان ذلك، وليس من دور الفن أن يعالج القضايا، ولا حتى يقدم نصائح للجمهور أو يقوله شوف حصل إيه في هؤلاء، فماتعملش كده، لأن لو حدث هذا، لكان عيبا خطيرا وخرج من كونه فنا، إلى محاضرة تلقيها سيدة في جمعية الأمومة والطفولة.
\”تحت السيطرة\”.. الجواد الأسود في سباق رمضان، ويبدو كأنه يجري في الحلبة، ويأتي بعده بخطوات قليل من الأعمال الجيدة!