لم يعُد نجاح المرأة وفرض نفسها في المجتمع خيالا أو مقتصرا على الغربيات فقط، فقد وضعت المرأة العربية لنفسها بصمة مميزة في جميع المجالات، ونجحت في أن تكسر قاعدة أنّ \”المرأة مكانها في البيت\”، فلا يعني كون المرأة أُما وأن مكانها في البيت مهم أن تلغي طموحها وأن تحطم تطلُعاتها وإمكاناتها.
تبقى الإشكالية التي تقف عائقا في وجه المرأة، هي خوف الرجل من المرأة الناجحة، فهو يعتبرها صعبة المنال أولا، وإن نالها فيصعب السيطرة عليها أو التعامل معها، ما يجعل الرجل الشرقي يخاف من الارتباط بامرأة ناجحة رغم أنها تُثير إعجابه أكثر من المرأة العادية الروتينية التي لا تحمل طموحا.
أكدت دراسة أجراها مكتب شؤون الأسرة في فرنسا أن 70% من الرجال عندما يقدمون على الزواج لا يختارون المرأة الذكية، بل يفضلون متوسطة الذكاء، ويهربون من المرأة الناجحة والمتفوقة في عملها لاعتقادهم أنها ستكون بمنزلة كمبيوتر يرصد الأخطاء ويحاسبهم على كل شىء, فإذا كان هذا رأي الرجال في فرنسا، عاصمة النور والحرية والثقافة، فما هو حال الرجل الشرقي، الذي كرست لديه ثقافة المجتمع فكرة تفوقه على المرأة، وأنه الأعلى منها شأنا، وأن المرأة الذكية أو الناجحة لا تصلح للزواج لأنها إما قد تنازعه على عرش قيادة الأسرة أو أنها قد تهمل في واجباتها الأسرية في سبيل تحقيق طموحها ونجاحها.
قد تبدأ غيرة الزوج من نجاح زوجته في عملها، بنار خفيفة في القلب، لكن سرعان ما تتحول إلى حريق لتلتهم الأمان والاستقرار الأسري.. هذه الغيرة يمكن أن تكون إيجابية، فتدفع بالزوج إلى المزيد من الجد والاجتهاد، ويمكن أن تكون سلبية فتهدم الحياة السعيدة وتقلبها إلى جحيم لا يطاق. بالرغم من كوننا أصبحنا نعيش في عصر الإنترنت والعولمة، إلا أن الرجل لم يتقبل بعد فكرة تفوق زوجته عليه في العمل، بحكم النظرة الدونية التي ينظر بها الرجل للمرأة، وذلك باعتبارها كائن ضعيف.
هناك من الرجال من يعتبرون أنفسهم أصحاب الشخصية العاقلة والمتزنة، تلك الشخصية التي تعتز بوجودها ومكانتها، ولا تخشى إطلاقا من وجود المرأة، ويعتبرها بمثابة السند له.
لكن هناك العديد من الأزواج من يشعرون بالنقص والدونية والغيرة من نجاح المرأة، فينعكس هذا الإحساس على الزوجة الطموحة، بنوع من الحسد والغيرة التي تصل في بعض الأحيان إلى الكراهية، فيحاول الرجل أو الزوج – بالأحرى – أن يحبط من عزيمة زوجته، ويحاول إرجاعها إلى الخلف بدلا من السعي بها قدما، فهذا النوع من الأزواج يفضل المرأة الكسولة والبيتوتية التي تعشق المكوث في المنزل، ليرضي غروره، ويتمكن من فرض وجوده، ويشعر بأنه الأقوى دائما.
إن التركيبة النفسية الخاصة بالرجل، تجعله فرحا وسعيدا، عندما يتكلم الناس عن حياته الشخصية، فيقولون بأنه قادر على فتح بيت الزوجية ويستطيع تغطية كل مصاريفه لوحده، فالرجل الذي يعاني من هذه العقدة النفسية، أي الرجل الذي يغير من إنجازات زوجته يعاني دائما من حالة قلق تجعله يخاف من تفوق زوجته عليه، لذلك فهو دائما يفكر باندفاعية ليخفي ضعفه أمام زوجته، فينتهز فرصة أي تقصير منها في منزلها، ليختلق المشاجرات ويتهمها بالإهمال، لأن أغلب الرجال يضنون أن تفوق المرأة في عملها خارج المنزل، يأتي على حساب عملها ومسؤولياتها داخله.
ليس الرجل وحده هو محور الحياة الزوجية، لذا لا ينبغي لأي رجل أن يشعر بمشاعر سلبية نحو زوجته، بل عليه هو الآخر أن يساندها ويشجعها، وأن يسعى هو الآخر للنجاح والتطوير من مستواه، وألا ينسى أنهما الاثنان شريكان في كل شيء وأن التفاهم والانسجام هما سر السعادة الزوجية.