وهيبة صالح تكتب: عندما نقرأ التاريخ.. ثورة واحدة تكفي "2-2"

في أبريل 2011 تحدثت في الإذاعة عن الثورة الاجتماعية الأولى من 4000 سنة، والتي تتطابق مع ثورتنا 25 يناير، في أسبابها , وأحداثها, ولا اتمنى اليوم أن نصل لنفس النتيجة, ووصلت لنا أحداثها التي كتبت في بردية على لسان حكيم يدعي \”ايبور\”، كان من الطبقة الحاكمة.

منذ ثلاث سنوات وأنا لازلت منتشية بتنحي مبارك، واصدق حلم الثورة، اتهمت \”ايبور\” أنه ليس إلا إصلاحي من النظام الحاكم يبكي على زوال طبقته الحاكمة، وأنه كان ضد الثورة.. اليوم أراه كما ارى نفسي.. عاشقا للوطن.. تألم لضياع هيبة الدولة، وانتشار الفوضى واختراق حدود الدولة وانتهاكها , وسالت نفسي اليوم: بعد ثلاث سنوات من حلم ثورة يناير، وأردت أن ارصد واسجل ما حدث.. ماذا ساكتب؟

وجدتني اكتب نفس الجمل التي صاغها بمرارة \”ايبور\” منذ أربعة آلاف سنة، وحزنت! إلى هذه الدرجة يعيد التاريخ نفسة، حتى ونحن نسجل ونرصد؟! ولم اكتب شيئا وقلت: لدينا اليوم أقوال الحكيم \”ايبور\”، فهي تصلح حتى لثورتنا اليوم.. علينا فقط أن نسرد بعض منها، والتي جاءت على لسانه قائلا: .

\”والاجانب الذين كانوا يخشونها – مصر- والذين عرف الشعب تفاهتهم، أصبحوا يقولون: لن تستطيع مصر أن تاتي شيئا, فالرمال المحيطة بها هي كل حمايتها\”.

وهو يصف لنا اليوم ما يحدث على الحدود الشرقية لنا في سيناء والحدود الغربية لنا من ليبيا, ويقول: \”عجزت الدولة عن صد هجرات الأجانب وتسربوا إلى الدلتا وشاركوا المصريين معايشهم وأصبحت الدلتا كلها غير مستورة، ولكن ما الذي يستطيع الإنسان أن يفعله؟!\”

وقال بعد أن عانى الناس طويلا من الظلم: \”القيت قوانين دار القضاء في العراء, وديست في الشوارع, ومزقها الغوغاء في الأزقةالالأزقةزق, ونفي القضاة في الارض\”.

وعن حوادث السرقة والخطف التي حدثت لنا على الطرق في فترة المجلس العسكري وحكم الاخوان يقول ايبور: \”يقولون الطرق محروسة, ولكن القوم يختبأون على الأشجار حتى يأتي سار بليل، فينهبون ما يحمله ويسلبونه ما عليه, ويشوهون وجهه بالعصا, وربما قتلوه ظلما\”.

وقال: يبدو إنه اعوزتها الزعامة التي توجهها الوجهة السليمة، فاستغلها بعض الغوغاء وأهل السوء وانهارت الدولة في فوضى استمرت 150 سنة، وصل أن حكمها 70 ملكا في 70 يوما\”!

تشابهت الثورتان في الأسباب والأحداث، لأن حكامنا جهلوا التاريخ, ولكن نحمد الله حتى الآن، أن النتيجة ليست واحدة، ففي ثورة \”ايبور\” لم يكن في مصر جيش نظامي، بل مجرد فرق عسكرية عليى الحدود, لأن جيش مصر النظامي تأسس مع حرب التحرير لطرد الهكسوس، فلم تقو السلطة الظالمة على مقاومة الثوار الغاضبين والغوغاء الذين استغلوا الفرصة، وأنا اشبه الغوغاء بـ\”الإخوان\” الذين كادوا أن يسقطوا الدولة.

ولكن سقوط الدولة ليس بعيدا إذا لم يستمع حكامنا اليوم في 2015 للحكيم \”ايبور\”، وهو يقول على الحاكم المنتظر: \”أن يعمل للبناء، ولا يفرق بين هياب وجريء، ويستطيع أن يحيل اللهب بردا وسلاما, وأن يكون راعيا للناس أجمعين, وليس في قلبه ضغينة, وإن تفرقت رعيته، قضى يومه يجمعهما\”.

أليس هذا هو مطلبنا جميعا اليوم؟!

نحمد الله أنه حتى الآن قد نجانا مما حدث لمصر في الماضي لوجود جيش نظامي عقيدتة حماية الحدود, ولكن إذا لم نقرأ اليوم ونحلل تاريخنا جيدا، فلن يصمد جيش أمام شعب جائع , وشعب يرى أبناءه المخلصين داخل السجون ولصوصه خارجها بفضل غياب العدل والقانون، ويرى أن القانون لا ينفذ إلا على رقاب البسطاء.

إذا ساد العدل قامت الدولة ونهضت, وإذا غاب العدل، انهارت الدولة حتى لو كان بها جيش عظيم، وارجو ألا يعيد التاريخ نفسة اليوم في ما انتهت إليه الثورة القديمة.

ماذا لو قرأ حكامنا وأولو الأمر منا يوما عن هذه الثورة؟! لكان لنا شأن آخر.

التاريخ تراكمي حين يقرأ, ومؤسس لحضارات حقيقية حين نعتبر من أخطائه، وحين يقرأ التاريخ.. ثورة واحد تكفي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top