وهيبة صالح تكتب: الشوباشي وحازم أبو إسماعيل

قامت الثورة مطالبة بالعدالة الاجتماعية, أي أن كل مواطن في هذا الوطن يكون له الحق في عمل كريم وتعليم يبني العقول.. لا يصنع قطيعا، وصحة تشعره بآدميته, حتى بدأ مسار الثورة يتحول بفضل الإخوان وأنصار حازم أبو إسماعيل.. من مطلب العدالة الاجتماعية إلى المطالبة بتطبيق الشريعة, وعندما كنا نغضب من تهميش مطالب الثورة، يتم اتهامنا بالكفر, حتى سقطت الدولة في يد الإخوان مستغلة الجهل والفقر ومتعمدة إلهاء الناس في مطالب سطحية, وعندما تكشف للشعب خداع الإخوان وشراهتهم للتمكين، ونسوا مطلب الشريعة الذي نجحوا في حشد الناس لها, بدأ حراك دفع الشعب ثمنه من دم أمثال جيكا ومحمد الجندي والحسيني أبو ضيف، وكانت 30 يونية لتصحيح المسار.

واليوم تعاد الكرة بالدعوة لمليونية لخلع الحجاب, وماذا بعد ان ننجح في إقناع المرأة خلع حجابها, ومن أين أتى الشوباشي والقطيع الذي يتبعه أن المحجبات ينتظرن دعوته الكريمة ليخلعن الحجاب؟!

لو كلف الشوباشي ورفاقه أنفسهم بدراسة ظاهرة الحجاب بشكل حقيقي، لأدرك الجرم الذي يدعو له.. هناك نسبة ليست قليلة من المحجبات من الطبقة ميسورة الحال، والتي لا تعاني من قمع المجتمع ولا الإجبار, وهناك امرأة عاملة اختارت الحجاب ليس لأنها مجبورة عليه، لكن لسبب اقتصادي بحت، لأنها لا تملك القدرة على الذهاب للكوافير الذي تمتلكها أسرة الشوباشي، ويرتديه بعض النساء لحمايتهن من تحرش المجتمع، فاختارت أن تريح نفسها بتغطية شعرها بطرحة لن تكلفها شيئا، ولأنها لا تملك رفاهية الوقت للتزين في دولة أجبرتها أن تنزل الشارع وتركب أربع أو خمس مواصلات لتلحق بعملها وتعود مسرعة للحاق بابنائها وتلبية طلباتهم التي لا تنتهي.

وهناك فتيات تخرجن من الجامعة محبطات.. يجلسن بدون عمل، ويعانون من تسلط إخوتهم أو أبائهم، لأنهم يكفلونهن اقتصاديا، وكل ما تتمناه هو انتظار ابن الحلال الذي سينقذها من قهر عائلتها. لتفاجأ أنها انتقلت من قهر لقهر أكبر.. ربما تنفث عن نفسها في أن تورث هذا القهر لبناتها.

وهنا اؤكد للشوباشي ورفاقه اصحاب دعوة خلع الحجاب.. لن يستجيب أحد لهذه الدعوة الفجة الصدامية، فالطبقة الميسورة تحجبت عن اقتناع، لأنها كانت تملك رفاهية التفكير والاختيار, أما المرأة المطحونة، فلن تصلها الدعوة، لأنها ليس لديها رفاهية حتى مشاهدة التلفاز، ولا الوقت لتفكر هل تحجبت عن قناعة أو لأي سبب آخر، لكنها ستميل بالقطع لرأي أن الحجاب هو طريفها للجنة، حيث تحصل فيه على العدالة الاجتماعية.

أما الشابات الصغيرات المجبورات، فلن يتبعن دعوتك، لأنك لو سألتها, ستجيب: وماذا بعد أن اتحرر من هذا القهر؟ هل ستوفر لي وظيفة استقل بها اقتصاديا عمن قهروني؟ هل ستطمعني؟ هل ستأويني؟ أم ستتركني لكلاب السكك.

ما الفرق بين دعوة الشوباشي ودعوات الإخوان وأبو اسماعيل؟ لا شىء غير مزيد من الإلهاء، وربما خلق صراع غير مبرر.. لن يكون لصالح أحد، إلا ترسيخ الاستبداد وإلهائنا عن المطالبة بالعدالة الاجتماعية وحق الجميع في حياة حرة كريمة.

كنا نخرج السنوات الماضية ضد الإخوان والسلفيين.. ضد مطالبهم التي تشبه دعوة اليوم لأنها كانت تبعدنا عن مطالب الثورة الحقيقية, وتجرنا لصراع طائفي ديني نحن الآن وفي هذا التوقيت في غنى عنه.. لأن هناك أولويات اقتصادية وثقافية وتعليمية وصحية، ولن نجني من ورائه إلا مزيدا من التعثر للأسف هذه المرة، ومن الطرف الآخر الذي يطالب بحرية العقيدة، وأرى أن كلاهما ضربا الثورة في مقتل.

كنت اتمنى أن تكون الدعوة لتحرير المرأه اقتصاديا, لتتمكن من تحرير نفسها، وليكون لديها رفاهية الاختيار.. لأنها حين تختار ستدافع عن اختيارها.. إلا اذا نجحت دعوتكم المغرضة, فعليكم بعدها الوقوف خلفهن حتى لا يسقطن نهبا لكلاب السكك.. اقول هذا وأنا امرأة اختارت أن تخلع الحجاب بمحض إرادتها منذ أكثر من عشرين سنة، وقت أن كان هذا القرار صعبا، لكن صمدت في مواجهة المجتمع، لأنه خرج عن قناعة معرفية واستقلال اقتصادي احتميت به.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top