وليد فكري يكتب: لكم دينكم ولي دين (16)

قبل أن نستكمل حديثنا عن الآخر المتهم دوما بمعاداة الإسلام والمسلمين، دعونا نستعرض معا بعضا من كتابات مجموعة من أشهر مفكري وباحثي هذا الآخر، والتي تناولوا بها الإسلام والمسلمين.

نبدأ بالكاتبة والمستشرقة الألمانية د. زيجريد هونكه وكتابيها الأشهر \”شمس العرب تسطع على الغرب\” (والمعروف ألمانيا باسم شمس الله تسطع على أرض العرب)، و\”الله ليس كمثله شيء\” (المعروف ألمانيا باسم الله ليس كذلك).

في الكتاب الأول تتحدث د. هونكه باستفاضة عن فضل العرب -خلال فترة حضارتهم- على العالم في مختلف مجالات الحياة، سواء تلك المتعلقة بالعلوم كالكيمياء والطب والفلك والحساب والهندسة، أو تلك المتعلقة بالحياة اليومية ووسائل الرفاهية.

كذلك تعرض لدور المحتوى الأخلاقي من الدين الإسلامي في حض المسلمين على الاهتمام بالعلم، وانعكاسه على انتاجهم العلمي الغزير، فضلا عن انعكاسه أيضا على سماحتهم مع شعوب البلدان المفتوحة، بحيث تخلق عند القاريء علاقة سببية بين الإسلام ورقي العرب والمسلمين في تلك الفترة.

أما الكتاب الآخر فهو عبارة عن رد على الافتراءات التاريخية على العرب والمسلمين، والتي تصفهم بالوحشية والدموية والعدوانية، كما تعقد فيه مقارنة بين السلوك السمح للمسلمين مقابل العدوانية الفرنجية ضدهم في العصور الوسطى خلال الفترة المعروفة باسم الحروب الصليبية.

الكاتب التالي هو المؤرخ والمفكر الفرنسي جوستاف لوبون صاحب الكتاب الرائع \”حضارة العرب\”.

الكتاب عبارة عن إجابة طويلة تفصيلية على السؤال المتعصب: \”ماذا كان ليكون المصير الأسود لأوروبا إن لم يقم القائد الفرنسي شارل مارتل بإيقاف التقدم العربي لعمق أوروبا في معركة تور دو بواتييه -المعروفة عربيا باسم بلاط الشهداء- خلال فترة سيطرة العرب على الأندلس وتوغلهم في فرنسا؟، \” فنجده يرد بسخرية لاذعة \”: كان ليكون مثل مصير الحواضر العربية الكبرى الراقية كقرطبة وغرناطة وطليطلة وإشبيلية\”، مقارنا بين رقي هذه البقاع مقابل تخلف باقي المناطق الأوروبية في الفترة القروسطية.

ثم ينطلق الكاتب في تناول مختلف جوانب حضارة العرب عبر تاريخها الطويل منذ النشأة فالصعود وصولا لتدهورها وسقوطها.

أما الكاتبة والمفكرة الدينية البريطانية كارين أرمسترونج، فتتحدث في كتابها \”محمد نبي لزماننا\” عن الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- وسياساته المجتمعية باعتباره رجل سابق لزمانه بقرون، وتبرز قدرته الفذة على التعامل مع مشكلات مجتمعه المضطرب.

ننتقل لكتاب آخر هو \”الخطر الإسلامي خرافة أم حقيقة\” للباحث الأمريكي جون لويس سبوزيتو، والذي يتحدث عن نظرية اعتبار المسلمين خطرا أمنيا يهدد العالم.. ويفكك تلك النظرية ويفندها مستعينا بالأدلة والحجج ليصل بالقاريء لنتيجة بسيطة: المسلمون قوم كغيرهم، فيهم الصالح والطالح، وخطر الشرير بينهم لا يزيد عن خطر مثله عند غيرهم.

أما عن كتاب \”لماذا تقتل يا زيد\” للمفكر والسياسي الألماني د. يورجين تودينهوفر، فهو فضلا عن عرض كاتبه لتجربته في التسلل للعراق خلال فترة الاحتلال الأمريكي بعد سقوط صدام، فهو يحتوي فصلا يهاجم فيه آلة الإعلام الاستعمارية المتطرفة وقيامها بشيطنة المسلمين والعرب لتوفر للقوات الغازية للعراق غطاء إعلاميا لتفعل ما تريد بغير حساب أخلاقي، مؤكدا أن المسلمين والعرب ما هم إلا قوم من البشر كغيرهم لا يختلفون في القابلية لفعل الخير وارتكاب الشر عن غيرهم.

بقي كتاب أخير للمفكرة المصرية د. ليلى تكلا هو \”التراث المسيحي الإسلامي\”، والذي تعرض فيه رؤيتها كمسيحية لأوجه التشابه والتقارب بين المسيحية والإسلام بشكل يتحدى الثوابت والأحكام الجاهزة، لتصل لنتيجة أن ما دام منبع الدينين واحدا، فلماذا لا نبحث عن أوجه التقارب؟

هذه عينة بسيطة من كتابات مفكرين غير مسلمين وجدوا في ديننا أوجها للسماحة والتقارب والتعايش واحترام الآخر، لم يجدها كثير من أبناء هذا الدين..

فهلا قرأها أولئك الذين يختصرون الآخر في وغد لا يحمل للإسلام والمسلمين إلا الحقد والكراهية؟

للأسف فهم -غالبا- لا يقرأون كتب \”بني دينهم\” من الأساس، ليقرأوا غيرها!

(يتبع)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top