أنا عندي دلوقت ٣٩ سنة.. باعيش آخر شهور التلاتينيات وداخل على الأربعينيات أهو بالراحة
سنة ١٩٩٣: زمان وأنا صغير، كنت باحلم ابقي كبير واوصل ١٨ سنة عشان يبقة عندي رخصة بقى واعرف اسوق براحتي! بعدها العمر بقى بيجري.. بس أنا لسه في دماغي حاسس إني لسه عندي ١٨!
والأسئلة دي كانت بتدور في دماغي عن أي حد سنه فوق الـ ٤٠ سنة:
هي الناس دي بتصبغ شعرها ليه؟
هي الست دي لابسه كده ليه.. هي فاكرة نفسها عندها كام سنة؟
الكبار دول هما اللي ودونا في داهية.. لو كانوا عملوا حاجات كويسة وهم قدنا كان زمان البلد بقت حاجة تانية!
وشايف أي حد أصغر مني إن شاء الله حتى بسنة واحدة إنه عيل صغير مش فاهم حاجة!
سنة ٢٠٠٠: أي حد باشوفه في أي مكان واحس إن شكله أكبر مني افترض إنه عنده ٤٠ سنة فما فوق.. أي حد باشوفه شكله أصغر مني بافترض إنه لسه في المدرسة أو مش فاهم حاجة.
سنة ٢٠١١: أهي ثورة الشباب جت – ده التعبير المرفوض اللي بلوره النظام القديم عن ثورة الشعب عشان يوصل للمرحلة اللي إحنا فيها دلوقت- طبعا أنا باقول كده عشان احسس نفسي إن العامل الأكبر كان الناس اللي قدي مش اللي أصغر مني.
استفتاء مارس.. العواجيز ودونا في داهية.. محمد محمود.. مفروض الشباب الصغيرة يهدوا شوية.. بس أدينا واقفين جنبهم مش حنبيعهم.
انتخابات البرلمان.. العواجيز عايزين يدخلوا الجنة، فانتخبوا الأحزاب الإسلامية واللي أصغر مننا مشغولين في محمد محمود فاحيودونا في داهية.
٢٠١٣: العواجيز عايزين يرجعوا النظام القديم، فطيروا الأحزاب الإسلامية.
٢٠١٥: بقى عندي ٣٩ سنة.. الشعر الأبيض كتر، وفيه ناس بتقولي ما تصبغ شعرك – أنت لسه صغير!- وبالبس اللي نفسي فيه، وفي يوم ماشي أنا وواحد صاحبي في شارع في أوروبا، وقدامنا ست شكلها أكبر مننا، باقوله تلاقي عندها ٤٠ سنة.. وفجأة أنا وهو ضحكنا.. لما افتكرنا إن إحنا كمان بقى عندنا ٤٠ سنة
إيه ده؟
ده إحنا لسه فاكرين إن عندنا ١٨ سنة! مش كده بس.. هو إحنا متأكدين إن إحنا عندنا ١٨ سنة.. الزمن وقف بينا عند ١٨ سنة!
طيب ما نحط نفسنا في جزم الناس اللي أكبر مننا:
put ourselves in their shoes
أكيد الشخص اللي عنده ٥٠ سنة ده برضه فاكر نفسه لسه عنده ١٨ سنة، وشايف إن شعره بقى أبيض قبل وقته، وشايف إنه من حقه يلبس اللي هو عايزه، وشايف إن الناس اللي أكبر منه حيودوه في داهية، وإن الناس اللي أصغر منه عيال مش فاهمه حاجة.
ثانية واحدة.. أيوه.. بالظبط.. معظمنا عنده التفرقة العنصرية دي.. بنفرق بين الناس بعامل السن.. اللي أصغر مننا مش فاهمين حاجة واللي أكبر مننا حيودونا في داهية.
مش كده بس.. اللي أصغر مننا لما يوصلوا سننا، برضه حيبقوا شايفين إن اللي أصغر منهم مش فاهمين حاجة، وإن اللي أكبر منهم – إحنا- حيودوهم في داهية!
واللي إحنا شايفينه غريب – هو بيصبغ شعره ليه.. هي بتلبس كده ليه؟- حانعمله وحانبقى شايفينه عادي.. بس حانفضل نسأل نفس الأسئلة على اللي اكبر مننا، ونفترض نفس افتراضات الضياع عن اللي أصغر مننا.
كلنا عمرنا العقلي بيقف عند ١٨ سنة.. كلنا زي بعض، ولا اللي أكبر مننا حيودونا في داهية، ولا الأصغر مننا مش فاهمين حاجة.. إحنا كنا بنعمل زي دول، وإحنا قدهمن وحانعمل زي التانيين لما نوصل سنهم، والقاعدة الأساسية هي: the good die young
إحنا مامتناش وإحنا صغيرين.. نبقى أكيد إحنا not that good