بعد سنين عديدة من محاولاتي لإقناع مؤيدي النظام بالفشل الحتمي، كان للواقع الأليم الفضل الأكبر لإقناعي بحكمتهم العظيمة التي لم أدركها حتى هذه اللحظة.
كانت الحجج قوية حين واجهني المؤيدون، فكيف كان لي أن ارد على تلك العبارات التي أفحمتني.. \”تفاءل\”.. \”انشر الإيجابيات\”.. \”كل حاجة بتاخد وقت\”.. \”مفيش دولة ما فيهاش أخطاء\”.. \”الثوار خونة وعملاء\”.. \”دول أكيد إخوان\”.
وعند سماع هذه الحجج المقنعة، لم يكن لدي سوى الرد بأخبار من مواقع صحفية موثوق فيها، لكن كانت كل الحقائق ضعيفة في وجه هذه الحجج الرائعة التي أفحمتني دون أن اعترف بذلك.
ولكن الآن، بعد ما صدمني الواقع، لم اعد استطيع محاربة مؤيدي النظام المتفائلين.
كيف لي أن لا أتحول بعد أن اثبت الجنيه المصري قدرته الشرائية وقوته أمام الدولار؟ كيف لي أن لا اقتنع بعد علاج فيروس سي والإيدز العالمي الذي ابهر العالم وعالج الملايين داخل مصر وخارجها وانعش الاقتصاد ورفع الناتج القومي؟ وأيضا مشروع المليون وحدة الذي تم تنفيذه على عكس انتقادات الثوار العملاء؟
والآن مصر في أزهى صورها، قد حفرنا قناة سويس جديدة دون أعباء على الدولة، وقد ارتفع الدخل الناتج من قناة السويس أضعاف الدولارات، وكل ذلك بفضل تفاؤل المصريين غير المغرضين.
ومن ناحية أخرى انتهت كل أعمال العنف بعد التفويض، ولم يُقتل أي سائح على يد الجيش المصري، وفي نفس الوقت احترمت الدولة عدم تهجير أي من الأهالي من منازلهم سواء كانوا أقباط أو من أهالي سيناء.
الدولة بها منتهى الشفافية، ولا أرى داعيا لانتقادها، فكلنا نعرف تماما ماذا يفعل النظام بأموالنا و بتبرعات صندوق تحيا مصر الشفاف.
وها هي الأسعار في انخفاض دائم، وحقوق المصريين مصانة مثل الحق في المياه التي تم التعامل معه بمنتهى الحكمة، خاصة في موضوع سد النهضة الأثيوبي.
والآن في مصر هناك مجلس شعب من خيرة شباب مصر ليمثلنا، غير طامعين في السلطة، معارضين للحكومة حينما تجور على المواطنين، ولو حتى عن طريق الخطأ.
وأخيرا، رغم كل المعترضين، كيف لي أن اعترض على دولة حافظت على كرامة أبنائها، فالكرامة زادت عن طريق موازنة جديدة يعطى فيها التعليم والصحة حقهما، ويتم التعامل مع الأطباء بأكبر قدر من التقدير دون سحلهم أو التشنيع عليهم، ويعامل المحامون بمنتهى الاحترام في دولة القانون، ولا يتم التلاعب بالإعلام لأغراض سياسية قمعية بالمرة.
كيف لي أن لا أقتنع في وجود دولة عادلة لا يحبس بها مظلوم ولا يحاكم فيها الخيال والإبداع؟ كيف لي أن لا اقتنع حينما نرى فرص عمل للشباب بدلا من محاكمات مسيسة غاشمة وسجون جديدة تبنى لاحتوائهم، وارى أيضا شرطة مهنية في خدمة الشعب.. لا تعذب ولا تقتل وتعيد الحق لأصحابه، خاصة إذا سرقت سيارات المواطنين؟
وفي هذه الدولة لا يختفي الشباب قسريا ولا يمنع أحد من السفر أو الدخول إلى مصر دون وجه حق.. بل يحاكم كل من يخطئ، خاصة من اقسموا على احترام وتنفيذ القانون، فلا يوجد مسؤول يتهرب من المسؤولية، وإن قتل أحد أفراد الشرطة العظيمة أي مواطن، يحاكم بأشد العقوبات ليكون عبرة لمن لا يصون كرامة المصري.
ولذلك أخي الثائر أو المعترض، من الطبيعي أن نتحول كلنا إلى مؤيدين للنظام، بعد ما هدمت عواصف الحق والحقيقة كل أفكارنا وآرائنا الثورية.. نحن الآن نعيش الحلم ولا داعي لأن نتظاهر بأن هناك حلما آخر نريد أن نحققه.. لا داعي للاعتراض على أي شيء، فنحن على الطريق الصحيح.