(1)
عشت مع سعيد صالح الله يرحمه 30 سنة في بيت واحد.. ولغاية ما اتجوزت وخرجت من بيته، مافتكرش إنه في الـ 30 سنة دول اتعصب عليا ولا زعقلي ولا زعل مني وخاصمني.. غير في موقف واحد بس.. لما دخلت عليه وقلت له: بابا.. أنا قررت أكون زملكاوية.. وبيني وبين نفسي، ده عناد فيه مش أكتر.. شوية غلاسة كدة، عشان أصله كان مقضيها ضحك علی طول.
وقامت الدنيا وماقعدتش.. بنتي أنا تبقی زملكاوية؟! منين تيجي دي؟
طب أوري وشي للناس إزاي؟ – وأنا اضحك- اقول إيه لصحابي؟ صالح سليم والخطيب وعدلي القيعي؟! – وأنا اضحك – بنت أكبر أهلاوي متعصب.. تبقى زملكاوية؟ – وأنا مسخسخة.
يومين لقيت عمو مصطفى متولي – الله يرحمه – بيكلمني، وبيقولي: يا بنتي استهدي بالله، وراجعي نفسك.. أبوكي مصدوم فيكي، وهو ماعندوش غيرك.
طب والله العظيم يومين بس عدوا، ولقيت كارنيه النادي الأهلي اتعملي وأنا ماكنتش عضوة فيه، كنوع من الإغراء يعني عشان اتراجع عن موقفي، وبعته لي مع عمو مصطفی عشان كبريائه منعه أنه يفتح معايا الموضوع – الله يرحمك- والنبي ما جاش ولا هاييجي أحلی ولا أخف دم منك.
(2)
مسرحية \”قاعدين ليه\”.. كان في فار فی أوضة إنجی علي في المسرح.. أول ما شافته خافت، وطلعت تتنطط على الكراسي.. بابا – الله يرحمه- كون فريق بحث، والحمد لله سيطر على الموقف ومسكوا الفار.. وقتلوه، وخلوا إنجي تشوفه، وهو مقتول عشان تطمن وتدخل أوضتها تستعد للعرض، وأول ما إنجي شافته مقتول، نزلت عياط علی الفار، اللي صعبان عليها، والجدع بقی اللی يسكتها.. وخلص اليوم.. لكن إزاي سعيد صالح يعديها؟!
تاني يوم، أجر كراسي فراشة، ورصهم صفين قدام أوضة إنجي وبشری، وطبع ورق مكتوب عليه: \”انتقل إلی رحمة الله، فار إنجي علي، وسيقام العزاء اليوم بكواليس مسرح السلام.. اللهم ألهم إنجي الصبر والسلوان\”، ووصی كل فرد في المسرح إنه يعزي إنجي أول ما يشوفها، وقعد هو فی أول كرسي ياخد العزا.
وتخيلوا أنتوا الباقي بقی، هو كده.. رايق.. فايق.. ضحك.. هزار.. تريقة.. أی حاجة غير الجد.. الله يرحمك يا حبيبي، حتی بعد وفاتك، لما بنفتكر ذكرياتنا معاك لازم نضحك.
(3)
أول ما تميت ١٨ سنة، كنت فرحانة أوي إني بقيت مادموزيل، وهطلع رخصة، وهجيب عربية جديدة.. كبسني هو وجابلي عربية 127، اتعلم عليها الأول.. اتعلمت وبقيت قردة في السواقة، وفضلت بيها حوالي سنتين. عربية جديدة بقى ورحمة أبوك يا شيخ.. قالي: حاضر.. إنتي كنتي قد المسئولية، وماعملتيش مشاكل بالعربية هجيبلك حاجة زيرو.. وجاب. مفيش يومين، وعملت حادثة محترمة، اتخرم فيها الرادياتير بلا رجعة.. أول مرة اخيب ظنه، ومش عارفة اعمل إيه!
دخلت قولت لماما: إلحقيني.. أنا خبطت العربية جامد عند الكبوت، والرادياتير راح في الوبا مع هنادي.. اعمل إيه؟ مش عايزاه يزعل مني ويقلب، ويقولي الناس هتقول بنت سعيد صالح ماشية بتخبط يمين وشمال ماهو طبعا أبوها اللي جايبها لها.
ماما قامت بدور الأم – وقتها- على اكمل وجه، ودخلت تتكلم معاه.
سعيد.. أنا عربيتي مكانش فيها بنزين، وكنت مستعجلة.. نزلت بعربية هند، وعملت بيها حادثة، والرادياتير مش هتقومله قومة تاني.. أنا مش عايزة ازعلها، ومش عارفة اعمل إيه؟ دي لسة جديدة وفرحانة بيها والغلطة غلطتي.
ونزلت الموسيقي التصويرية الحزينة، واتحركت مشاعر الأبوة بعنف.. دخلي الأوضة.. هند.. نعم يا بابا يا حبيبي.. أنا عربيتي مكانش فيها بنزين، وماما مكانتش موجودة، وكان في مشوار مهم لازم اعمله.. اخدت عربيتك.. بس أنا آسف والله أنا آسف جداااا، خبطتها من قدام والرادياتير باظ.. معلش اعذريني.. أنا متعود على العربيات الكبيرة، وأنتي عربيتك صغيرة، مكونتش متعود على أبعادها.. بس ماتقلقيش أبدا.. هصلحها لك بكرة الصبح إن شاء الله.
طب ده يتعمل معاه إيه والنبي؟!
(4)

في أوائل التسعينيات، مش فاكرة إمتى بالظبط..
الساعة ٥ الفجر، بابا فتح عليا باب الأوضة فتحة كبسة مكافحة المخدرات على الباطنية..
قومت من النوم مفزوعة.. في إيه يا بابا؟! إنت كويس؟! طب ماما كويسة؟!
قالي: ماتقلقيش كلنا بخير.. وقرب وهمس في وداني، وكأنه لقى كنز علي بابا!
أنا جبت لك أول ألبومات كاظم الساهر.. مين كاظم الساهر ده كفى الله الشر؟!
قالي: مطرب عراقي جديد لسه بيجرب حظه في مصر.. قابلته وأنا سهران مع صحابي وأهداني الشريط، قولت لازم تكوني أول واحدة تعرفي و تسمعيه..
وفرحان فرحة العيل الصغير اللي أبوه جاب له لبس العيد قبل أوانه.
مش قادرة افتح بقي طبعا.. الأب ليه احترامه.. و مش عايزة ابوظ فرحته. طب يا بابا، هو أنا بافهم لغة عربية فصحى عشان تسمعني عراقي؟! ده أنا ماكملتش 15 سنة؟!
في إيه يا هند.. يعني هو أنا اللي بافهم عراقي؟!
أدينا هنسمعه مع بعض وربك يكرم، وشغلنا الشريط.. و في نص أول اغنية، اتحول لسلطان السكري، وهو بيسمع كمال أخوه في \”العيال كبرت\”، وبص للكاسيت كده وقاله: ما تكلمونا بالهجايص.