ربما يكون الزواج الحلم الأول للكثيرين -إن لم يكن عند الجميع- فكانوا في الأساطير يبهروننا بالفستان الأبيض ولمعانه وبالزوج الوسيم والحياة السعيدة، وكم منا تغرب عن بلاده لكي يحصّل أموال زواجه، وكم من فتاة تحدت أهلها كي تتزوج فارس الأحلام وتحيا معه حياتهم الخيالية، ولكن دائما ما يكون الواقع المصري أو العربي بمثابة المنبه الذي يقطع أي حلم جميل، ليس لأنه كذلك، بل لأننا نحن من صنعناه، فهو حصيله أفكارنا ويأتي شخص يطلب مني تفسيرا لذلك، أقول له ونبتدي الحدوته الملتوته من قبل ما أنهيها، وأنا أعلم أنها ملتوتة.. لن أنتظر الرد.
الفتاة في مجتمعنا وبدون مقدمات ينظر لها كل المجتمع على أنها مجرد رحم ياتي بالأولاد ويمتع الزوج، ويد تطبخ وتغسل وتضرب الأولاد إن أخطأوا، والولد كذلك يعيش معظم عمره يتعب ويشقى كي يكون كل حلمه أن يتزوج ويستقر ويتوب عن أيام الشقاوة.
ونتخطى تلك المرحلة ونأتي لزواج الصالونات، أريد جلسة عرب واجتماع أمم متحدة وتدخل طارئ لجميع البشر، كي يقنعونني كيف لشخصين جلسا مع بعضهما لنصف ساعة في الصالون وشربا الساقع، أن يكملا بقية حياتهما سويا، لا وبكل برود وسماجة يأتي أحد الأفراد بعد لقائهما ويقول: \”حصل القبول\”!
ويا ليتها تقف على ذلك، لا ده بعده يذهب العريس لكي يكمل سفره ويكملا معرفتهما عبر شاشات الكومبيوتر والأسكايب، لأنها وافقت أن تكون سلعة تُشترى وهو وافق أن يكون المشتري، وبعد الزواج يسألون: لِمّ نحن لسنا متفقين.. لا والله؟!
أما المرحله اللذيذة المفضله إليّ حقيقة، هي مرحلة التجهيز، وخصوصا خصوصا تجهيز النيش، حيث الكاسات وطقم الصيني اللي بالشئ الفلاني والأنتيكات والفضيات.. كل ده \”دونت تاتش\”.. دي سيما يا باشا.. أخبروني ما الفن والتحفة الفنية في إني أتفرج على كاسات وأطباق، والست دست فوط التي يمتلأ بها دولاب كامل، لماذا؟!
هل سيتاجرون فيها، أم سيهربوها؟!
وخمس أطقم للمطبخ، حيث تيفال وسيراميك وستانليس وهكذا، وتلات أطقم توابل مع إن واحد كافي جدا.. هي لن تفتح محل عطارة!
والأسوأ من ذلك أنهم ينفقون كل تلك المصاريف في أشياء تافهة، إن كانوا ساعدوهم بيها لكي يبدأوا حياتهم، كان قد تغير واقعهم وأصبح أفضل بكثير، حيث يُطلب من العريس شبكة بكذا، وهو شاب في بداية حياته، إن كان قد وفرها ووفروا هم تمن الفوط والنيش والأشياء عديمة المنفعة وأعطوها لهم كي يدخروها، كان أفضل لهم بكثير، فكيف له أن يسّعر ابنته، وكيف لها أن تقبل بأن تُباع؟!
وحتى إن تخطينا كل ذلك وذهبنا لمرحلة الزواج، فإن أغلبنا يرى أن بالزواج يكون الموضوع قد انتهى وخلاص خدنا الولد للبنت وخلصنا، ولكن كلا! إن الموضوع بذلك يبتدي، فهما الاتنين يرتبطان ببعضهما البعض وهما لا يعرفان كيف يتعاملان مع بعضهما، وكيف يدبران أحوالهما وحياتهما الزوجية، وإن أنجبوا أطفالا كيف يربونهم، فهو إن لم أكن أبالغ قد تزوج في المقام الأول لكي يشبع شهوته، وهي تزوجت في المقام الأول كي لا يقال عليهاعانس، وتخلص من زن أهلها، ولكن بناء بيت سعيد وحياة متعاونة وملتزمة.. ده كله بلح!!