هدير محمد تكتب: الإيمانيات والمواريث

\"\"

منذ الصغر أشبعونا تفسيرات لأشياء محددة متغاضين عن تفسير مسائل أخرى قد يصعب تفسيرها عليهم أو لأن تفسيرها على نحو صحيح لا يصب فى مصلحة ما يدعون إليه، وكانوا يركزون على بعض الأمور ويضعوا تفسيرات واهية. ولعل أشهر مثال على ذلك الصوم، فإذا سألت لِمَ شرع الله الصوم؟ ردوا بكل ثقة حتى تشعر بالفقراء. ماذا؟ فقراء! وهل يتوجب علينا أن نشعر بهم 30 يوما من بين 365 وهل الصوم غير مفروض على الفقراء؟ بالطبع هو فريضة عليهم أيضا.
إذن هناك خلل ما.. خلل! هل تجد فى أوامر الله خللا؟!
لا بل أجده فى عقلك وتفسيرك.
وهكذا الحال كلما عجزوا عن الإجابة عن سؤال أو أيقنوا أنه فى غير مصلحتهم، استخدموا أسلحة الترهيب الدينى.. ده كلام ربنا.. لا تجادل ولا تشغل نفسك بهذه الأمور حتى لا ينتهى بك الأمر إلى الإلحاد، واجعل تركيزك على عبادتك، فيغرسوا فيك عدم التفكير والاستسلام لتفسيراتهم.
لذا كان من الطبيعى أن يترتب على ذلك الضجة التي أثيرت حول المواريث وتساوى الرجل بالمرأة، حيث ظهرت انقسامات عدة.. البعض دافع دفاعا مستميتا عن كون الأمر إيمانيا بحتا ولا مجال للنقاش أو الإقناع فيه، فى حين اتجه آخرون إلى محاولة تبيان الأسباب وراء ذلك النص وتفنيد حالاته وأنها فى عدة حالات تحصل على نصيب أكثر من الرجل، ولكن فى حالة الأخوة هى التى تحصل على نسبة أقل منه وأن الحديث حول هذه الحالة الوحيدة هو اختزال للقضية.
وعلى الطرف الآخر كان نفس الأمر، فرفض البعض فكرة الحوار مؤكدين على ضرورة المساواة بين الرجل والمرأة فى كل شئ بما فى ذلك المواريث وأن النقاش حول الأمر ما هو إلا إمعان فى الإجحاف الذى تتعرض له المرأة، فى حين بدا البعض أكثر هدوءًا وترحابا بفكرة النقاش معتمدين على أنه إذا انتفت العلة انتفى المعلول وأنه إذا كانت الحجة فى هذا الفارق تكمن فى أن الرجل هو الذى يتحمل المسئولية ويعول الأسرة، فإن حاليا المرأة تعمل مثلها مثل الرجل وتعول هى الأخرى أسرا، فلِمَ لا تتساوى معه إذا كان الأمر متعلقا بالإنفاق؟
وعلى هذا المنوال دار جدل واسع مصحوب بالاتهامات بدءا من الجهل إلى التكفير، وكان هذا نتاج تنشئة خاطئة فى إطار نظرة غير محايدة من المجتمع (فربما لو كانت التنشئة تتم من البداية على أساس إتاحة إمكانية الحوار والإقتناع وتقديم التفسيرات الحقيقية، لما وُجد كل هذا الجدل واللغط والتكفير والاتهامات المتبادلة من قبل كل الأطراف)
وعلى الرغم مما إثارة هذا النقاش إلا أنه يكشف عن حقيقة رؤى المجتمع ونظرته للدين وللآخر وكيفية تعامله مع الاختلاف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top