منذُ أيام فقط، وتحديدًا في اليوم الثامن من شهر مارس، احتفل الناس حول أنحاء العالم باليوم العالمي للمرأة، وكان من ضمنهم هؤلاء الذين لا يعترفون بالمرأة كإنسان كامل الأهلية لها حقوق وعليها واجبات، بل منهم رجال لا يجدون أدنى مشكلة في ضرب زوجاتهم أو بناتهم ويرون أنهن ناقصات عقل ودين.
ومن ضمنهم أيضًا أحد مشاهير الفيس بوك الذي نشر منذُ فترة ليست بالبعيدة فيديو يسخر فيه بشكل مُهين من الفتيات ومظهرهن ويطالبهن بأن يحاولن التغير –من وجهة نظره- للأفضل، ولكن يبدو أنه أراد أن يتصنع التحضر واحترام المرأة في هذا اليوم، أو ليجذب المزيد من المتابعين، ثم لا بأس أن يعودوا جميعًا كما كانوا في اليوم التالي.
كل هذا العبث يجلعنا نتساءل عن ما هي الفائدة من اعتراف المجتمع بالنساء وإنجازاتهن يوما واحدا فقط في السنة، ويهمشهن باقي الأيام؟ ولماذا يوجد قبول كبير تجاه ذلك؟
أليس من الممكن أن يكون هذا القبول هو الذي جعل من سبق ذكرهم في البداية يشاركون في هذا اليوم دون أن يشعروا بحرج أو تناقض، فهو مجرد يوم استثنائي بالنسبة لهم فقط لا غير، يوم واحد للنساء وباقي الأيام لهم!
فلماذا إذا نرضى أن يكون الأمر إستثنائيًا وحدثا لا يتكرر إلا مرة كل سنة بدلا من أن يكون دائما؟
تاريخ اليوم العالمي للمرأة:
في الأساس اليوم العالمي للمرأة جاء على إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي، والذي عقد في باريس عام 1945، إلا أن بعض الباحثين يرجحون أن اليوم العالمي للمرأة كان على إثر بعض الإضرابات النسائية التي حدثت في الولايات المتحدة، حيث خرجت آلاف النساء عام 1856 للاحتجاج على الظروف الصعبة واللا إنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها، ورغم المحاولات الوحشية التي قامت بها الشرطة لتفريقهن، إلا أنهن نجحن في تحقيق مطالبهن، وتم فرض مشكلة المرأة العاملة على جدول الأعمال اليومية. وتكرر الأمر في 8 مارس 1908 حيث خرجت العاملات مرة أخرى، وهن يحملن شعار \”خبز وورد\”، وكان لديهن مطالب أكثر، وبقين صامدات حتى تحققت، وتم بعد ذلك تعميم هذا اليوم ليصبح 8 مارس هو اليوم العالمي للمرأة.
الغرض الأول من ذكر سبب جعل هذا اليوم هو اليوم العالمي للمرأة، أن نُدرك معاناة النساء ونضالهن منذ سنوات طويلة، وأنهن قادرات على صُنع التغيير وإحداث إنجازات وفروق كبيرة، وليس فقط من بداية ذلك التاريخ، بل منذ زمن أبعد من ذلك بكثير. والغرض الثاني هو التساؤل حول إذا كانت النتيجة التي يستحقها النساء بعد كل سنوات النضال هو يوم واحد فقط في السنة للاعتراف بهن وبإنجازاتهن وحقوقهن!
يوم واحد فقط يعاملن خلاله معاملة خاصة وليست معاملة مساواة وحق!
(رفع المرأة إلى منزلة التقديس هو الوسيلة الأخبث للحط من منزلتها).. مريد البرغوثي
دائمًا ما كنت أجد صعوبة في تقبل العبارات من نوعية \”المرأة الحياة\” أو \”الأم مدرسة\”، فكلاهما القصد يكون عند قولهما هو الرفع من منزلة المرأة، ولكن كلاهما لا يصلحان للاستخدام إذا كنا نهدف إلى خلق مجتمع متوازن، تحكمه المساواة بين الجنسين بناءً على الكفاءة بعيدًا عن الهوية الجندرية.
المرأة كالرجل تماما، كلاهما إنسان حُر له حقوق يجب أن يحصل عليها، وعليه واجبات يجب أن يلتزم بها، لذا فإن تخصيص يوم للاحتفال بالمرأة، هو تمييز يأصل لفكرة اختلافها ونقصها عن الرجل، حتى وإن كان تمييزا إيجابيا وتستفيد منه بشكل أو بآخر، ولكنه يظل تمييزا.
علينا أن ندرك جيدًا أن النساء هن شريكات الوطن، يبتكرن ويعملن وينتجن طوال أيام السنة، يواجهن الصعوبات والعقبات بشكل مستمر، لذا فهن يستحققن أكثر من مجرد يوم في السنة.