هبة الله أحمد تكتب: الهبل والهبل المضاد

تتزامن اليوم ذكرى عزل \”محمد مرسي\” 30 يونيو.. الرجل الذي أضاع حلم  الـ 82 عاما وعمل تحت الأرض وفي السراديب والأزقة لجماعة الإخوان المسلمين، مع سُعار الإرهاب وشهوة الانتقام وشلال الشماتة  ونهر من الدماء يراق في شهر الرحمة.

اغتيال النائب العام \”هشام بركات\” صباح أمس، ذكرني باغتيال القاضي \”أحمد الخازندار\” في 22 مارس سنة 1948 وحادثة اغتيال 3 قضاة في شمال سيناء في السادس عشر من الشهر الماضي، وقبله اغتيال نجل مستشار في محكمة استئناف القاهرة \”محمد محمود السيد\”.

في سلسلة متزامنة من اغتيال القضاة المشهورة بها جماعة الإخوان منذ نشأتهم على يد المخابرات الإنجليزية، بالإضافة لسعيها المستمر في  إفاضة أنهار من الدماء لعمل ربكة في أركان الأنظمة الحاكمة في مصر على مر العصور.

ليظهر شبح مسخ الجماعة الرئيس السابق \”محمد مرسي\” على عرش خيبة أمل الجماعة في الحكم لعشرات السنين، وتعويض ذلك بشهوة الانتقام ليس من النظام الحاكم فقط، وإنما من كافة أفراد الشعب، فحادث الاغتيال أمس أودى بحياة النائب العام وخمسة أفراد من طاقم حراسته وحارس عقار.. الغلابة الذين لم يولهم الإعلام اهتماما.. العامل المشترك بينهم جميعا استشهادهم وهم في طريقهم لعملهم، الذي يؤدونه وهم صائمون.

ومن قتلهم سيرفع يده بالدعاء إلى الله ساعة الإفطار: اللهم إني لك صُمت!

لكن لمن قتلت؟ سؤال تصعب الإجابة عليه.

ووفقا لتداعيات الحادث – كما نشرتها المصادر الرسمية للدولة- استوقفتنى عدة أشياء

أولا:

التصريح الرسمى لوزارة الصحة بأن المستشار \”هشام بركات\” بصحة جيدة ومصاب بجروح بسيطة، ليُكتشف بعد ذلك بأن الرحل رحمه الله مصاب بنزيف داخلي وتهتك بالرئة وأعضاء الجهاز الهضمي، ليفتح ملف آخر من الإهمال الطبي، وإن تم تداركه بسرعة نظرا لمكانة الفقيد في الدولة، لنتساءل ما كان سيكون مصير رجل بسيط تضرر من الحادث؟

ثانيا:

تم الحادث بجوار سور الكلية الحربية  \”المرشقة\” بكاميرات المراقبة ووسائل التأمين على أعلى مستوى، كما هو المتوقع، وإلى الآن لم يتم الإعلان عن أي مشتبه به حتى!

ثالثا:

كالعادة تم تجاهل استشهاد أفراد الأمن وحارس العقار من قبل وسائل الإعلام، وكأن من مات خارج الصفوة من رجال الدولة، ليس لهم ثمن!

رابعا:

تعليقات المواطنين على الحادث على مواقع التواصل الاجتماعي \”فيس بوك وتويتر\”.. المعارض للنظام ورجالة تفيض منهم الشماتة برائحتها العفنة، وإعلان الفرحة وتبادل التبريكات بما حدث والوعيد لكل من هو مؤيد للنظام والفتاوى الشرعية بجواز القتل للظالمين ولو في عقر دارهم، والمؤيد للنظام يطالب بتطبيق الإعدامات الفورية للإرهابيين جميعا، ووصل الأمر إلى المطالبه بتطبيق الأحكام العرفية وحظر التجوال!

لندرك أننا نعيش أزهى عصور الإنسانية الاقصائية بطريقة دراماتيكية مخيفة.. اتعاطف مع كل من يؤيد فكري واتمنى الشر لكل من ينتمي للمنظومة المضادة، ليجثم شبح الخوف فوق الجميع بلا استثناء، والبعض فقط يدرك أن الإرهاب لا يقيم عدلا ولا يرفع ظلما، وإنما يعطي شرعية للانتقام والانتقام المضاد ويجلب الدم، دم أكثر غزارة منه، لندرك أننا في قلب مرحلة الهبل، والهبل ليفل تكسير العظام بين النظام الحاكم وجماعة المتأسلمين.. العنف الذي ننتظر توليد عنف مضاد أكبر منه، وأحكام جزافية يدفع ثمنها من رماهم حظهم العثر في خضم الأحداث.. نحن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top