هاني محمود يكتب: الإحساس بالأنا دينيًا (المسلمين مثالا)

(1)
لا أؤمن بأن الدين خلق ووجد إلا لسعادة الإنسان وتيسير طريقه ومسعاه في رحلته الدنيوية، وإعانته على الإجابة على غوامض الأسئلة التي تواجهه، وتوضح له التفسيرات العقلانية للأمور الغيبية، وأن الدين أحد القوائم الأساسية لبناء الحضارات والمجتمعات ولا يجوز الاستغناء عنه أو تهميش دوره أو تقليله، كما أنني لا أعتقد أنه ثمة دين أو فكر ما من شأنه أن يهدم الإنسان، كما أنني لا أؤمن ولا أعتقد بأن هناك دينا يحرض أتباعه على القتل أو الكفر أو الكره؛ حتى وإن كان دينا وضعيا أو فكرا إصلاحيا يقارب الدين في طريقته لسعادة الإنسان.
(2)
خُلقتُ مسلمًا سنيًا، فحافطت على ديني ومذهبي دون قرار مني، ولو ولدت مسلمًا شيعيًا، كنت سأدافع عن الشيعة بإستماتة، هكذا كل الطوائف، الكل يرى أنه أفضل وأنقى وأصح طريق، والكل يتهم الكل بأنه على خطأ، السنة يكفرون الشيعة والصوفية بإعتبارهم على ضلال، والشيعة يشحذون ألسنهم في أهل السنة، والصوفية تترك الكل وتأخذ جانبًا وحدها مكتفية بالصراع الداخلي لهم لنجدة الإنسان وروحه من شظف الحياة المادية، إلا أن الفكرة العامة لدى الطوائف الكبرى -والتي يشتركون جميعهم فيها- هي إحساسهم بالأفضلية وعلو الكعب لأمر لم يختره أحد منهم بمحض إرداته، ويدافع عن شئ لم يقرره بنفسه.
(3)
كنت ولازلت أسمع أئمة المساجد يدعون بأن (اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم أمواتنا وأموات المسلمين، اللهم عليك بأعدائك أعداء الدين)، وغيرها من الدعوات التي ترسخ لمفهوم الفرقة والاختلاف دون وعي أو تحكيم عقل، على الرغم من ذلك فإنني أؤمن بأن الدين الإسلامي رحمة ونور وهداية، ولم يكن يوما دين كره أو حقد، إلا أن رجال الدين حولوه من دين ورسالة بعثت للناس كافة إلى إرث للمسلمين وحدهم، لا يجوز الدعاء إلا لهم وفقط، أما الباقون فلهم النار خالدين فيها، مع أن النصوص القرآنية تصف الرجل الذي أُرسلت إليه الرسالة وأُمر بتبليغها بأنه (لو كان فظًا غليظ القلب لانفضوا من حوله) وأنه ما أًرسل (إلا رحمة للعالمين)

(4)
محاولة رفض نوع الدعاء السابق أو طريقته أو أي فكرة تقاربه أو لفظة تتداخل معه، هو أول الطريق لتنقية الدين الإسلامي من شوائب الغل والحقد التي شابته على أيدي هؤلاء، ورفض النفاق الاجتماعي الذي يحدثونه من أن النبي كان (ضحوكا بسّامًا)، بينما الأدعية التي يقولونها عكس ما يروجونه عن (النبي محمد)، فنصوص القرآن وأفعال النبي محمد، تنافي تمامًا ما يفعله أئمة المساجد وخطباؤها ووعاظها، وبالتأكيد مع ما يفعلوه مريدو هؤلاء، من قداسة حول الشيخ أو العالم لدرجة أنهم يقولون بإن
(لحوم العلماء مسمومة)، وهي قاعدة تنفي عنك المناقشة وتأمرك بطريقة خبيثة ألا تُعمل عقلك أو تسأل أو حتى تعترض أو تفكر، مع أن القرآن يُحرض على السؤال وإعمال ملكة النقد، ومحمد النبي كان يسعى للحوار دائمًا وسماع الرأي المخالف، ولم يكن يومًا ديكتاتورًا في تعاملاته –حاشاه ذلك- إلا أنهم جميعًا يعتقدون أن ذلك تفسير القرآن وتلك أفعال النبي، الكل يأول النص حسبمًا يخدم ذلك مصلحته.
(5)
الاستثئار بالدين لصالح المسلمين وحدهم وجعل نبرة العداء ولو بطريقة غير مباشرة في أدعيتهم، إحدى طرق نبذ الآخر دون وعي، لأننا نعتبر أنفسنا بالقطع أفضل من غيرنا لأننا مسلمون، بل وأفضل الأفضلية لأننا أهل السنة والجماعة، مع أن الأفضلية فصلت بين العربي والأعجمي عن طريق التقوى وحدها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top