نور عبد الرحمن تكتب: إتجوزوا اللي شبهكوا!

فيه مقولة مهمة جدا لـ نتيشه بيقول فيها: \”ما يتسبب في الزيجات التعيسة ليس غياب الحب، بل غياب الصداقة\”

وفي سياق جملة \”نتيشه\” فإحنا ساعات بنقابل صديق بيعاملنا أحسن من حبيب، وهتكلم هنا من وجهة نظر مختلفة شوية.
أنتِ كنت هتلاقي إن ليكي صديق بيعاملك أحسن من حبيبك هتلاقيه فاهمك ومحتويكي وخايف عليكي وبيشاركك اهتماماتك وبيعرف انتي حاسه بإيه من صوتك بيفهمك من سكوتك وبيقف جنبك وقت ضيقتك ولو شافك متضايقة بيكون أمر عظيم بالنسبة له ومش هيسيبك إلا لما تبقي كويسه وبيشجعك وبيزقك لقدام ومعندوش مانع إنك تكوني أحسن منه وبياخد بـ إيدك علشان تثبتي نفسك، في حين إن حبيبك مش فاهمك ولا قادر يفهمك وبيشوف كل اهتماماتك تفاهات وملهاش معنى ويوم ما بيشجعك بيقولك \”حلو\”!

وساعات كتير بيحبطك وبيقلل منك ومش عارف ولا قادر يشوف الحلو اللي الناس شايفينه فيكي وشايفك عاديه ويمكن أقل من العاديه!
في الوقت ده بييجي في دماغنا سؤال مهم جدًا: \”هو الغلط عند مين؟\”
هل الغلط في اختيارنا للشخص اللي بيكون حبيب وهيكون زوج بعد كده ولا أي راجل لما بيتحط جوه مسئوليات وضغط بيتحول وبيكون كده!
الحقيقة إن العلاقات ملهاش كتالوج والموضوع معقد وصعب جدًا يتحط له قواعد محددة، بس اللي متأكدة منه إن الجواز اللي بعد صداقة بيكون ناجح جدا، الجواز اللي اتبنى على توافق فِكري عالي بيكون ناجح بنسبة عالية جدًا، وبشوف إن التوافق الفكري نِتاج لعناصر مُه زي مثلًا \”إهتمامات مشتركة – أفكار متقاربة – آراء متوافقة – إنتماءات متشابهة\”، وطبعًا درجة التوافق الفكري نسبية ومش مُطلقة لأنك مش هتلاقي حد شبهك بالمللي غالبًا.
\”الحُب وحدهُ لا يكفي\” علشان كده لازم يكون في أساس أكثر قوة من الحُب، ألا وهو وجود الصداقة (الشبه).
لأن الحب بيدوب مع كتر الخلافات اللي بتتحول بعد كده لصراع مُستمر لا ينقطع، وبنسمع هنا كلام زي \”اللي بيحب هيتغاضى عن العيوب، اللي بيحب مش هيشوف الوحش، الحب قادر يخليكوا تكملوا حتى لو عكس بعض\”! وللأسف التجارب والخبرات والحياة اليومية والواقع أثبتت إن كل ده تنظير وإن كتر الخلافات والمشاكل بتنقص كل يوم من رصيد الحب ده لحد ما ينتهي ويخلص!
ليه بقول اتجوزوا اللي شبهكوا وفي نفس الوقت باتكلم عن الصداقة؟
لأني بشوف إن الصداقه أساسها الشبه، يعني محدش فينا بيروح يصاحب ناس مش شبهه، وعلشان كده علاقات الصداقة اللي في حياتنا بنبقى سُعداء فيها جدًا أكتر من علاقات الحُب وبتستمر أكتر لأنها مبنية على أساس سليم جدًا ألا وهو الشبه اللي بينا وبين صُحابنا.
كان في نصيحه اتقالت لي: \”اخلقي مع شريك حياتك ميول مشتركة هيتخلق الحُب بينكوا\”

لو ركزنا في النصيحة دي هنلاقي إنها بتبين إزاي هو عظيم إننا نكون شبه بعض لدرجة إن هيتخلق بينا حب من مفيش، طب ما نبص للنصيحة بتفكير نقدي أكتر، بمعنى إن إحنا ليه بنحب ناخد الطريق الصعب ليه بنروح لشخص مش شبهنا ونخلق معاه ميول مشتركة ونغير فيه ويغير فينا ويا إما ننجح أو نفشل في تغييرهُ، ولو فشلنا بيكون في طريقين يا إما نستحمل الوضع كده زي ما هو ونعيش وخلاص ونتنازل وروحنا تنطفي، أو الطريق التاني وهو إننا نسيب ونمشي وساعتها مش هيكون في غير الوجع لينا ولـِ اللي حوالينا، وهنا هنلاقي إن مجتمعنا الجميل بيعترف بطريقة غير مباشرة بالفكرة (ضرورة وجود الشبه علشان نعرف نكمل) لكن لما بنقول للمجتمع إن إحنا عايزين ناس شبهنا بيردوا بإن \”كل دي شكليات وهتيجي بعدين\”، وهنا بقى بنشوف الازدواجية المتأصلة في مجتمعنا اللطيف جدًا!
في النهاية علشان نتجوز صح فإحنا محتاجين صديق مناسب مش زوج مناسب، اتجوزوا اللي تتناقشوا معاهم بالساعات وماتزهقوش، اتجوزوا صحابكوا.. اتجوزوا أصدقائكم اللي شبهكوا، الصداقة هي اللي هتكمل معانا بعد الجواز مش الحب!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top