لن تواجه كثيراً من الصعوبة إذا خيرت بين لفظين متضادين لتنتقي (الأفضل) بينهما. بطبيعة الحال ستختار الأكبر على الأصغر، الأجمل على الأقبح والأكثر على الأقل… إلخ.
ثم واجه \”ميلان كونديرا\” في روايته \”كائن لا تحتمل خفته\” مفهوم الأفضلية بسؤال كان الأعظم آنذاك.
قال كونديرا إن الخفة والثِقل هما اللفظتان الأصعب في الاختيار بينهما.
اليوم تطاردني فكرة (الأفضيلة) واتساءل: كيف تنعكس هذه الفكرة في مواجهة الجنس؟
كيف أن لنوعين خُلقا ليكمل كل منهما الآخر، تنقلب لكل منهما المعايير ١٨٠ درجة!
ماذا يجعل من الذكر رجلاً أفضل بين أقرانه؟
صوت أعلى.
بنية أقوى.
خبرة جنسية وعاطفية أكبر.
إذا أشرنا بأي من الجمل الثلاث السابقة لأنثى، أصبحت للتو فتاة أسوأ!
كيف انقلبت الموازين عندما أضفنا تاء التأنيث؟
لا أظن كونديرا قد شَهِد أوصافاً مثل (ابن أمه) و(الراجل المنسون) و(الست اللي بميت راجل)، وإلا كان قد ترك الثِقل والخفة وتساءل كيف أصبحت الأنثى بكل ما تحمل من أعضاء وأفكار وسيلة للسب، وأصبح الرجل بكل مشتقات الكلمة وسيلة للمدح وكيف تحولت الرجولة من اسم إلى نعت في المقام الأول؟
ما يثير تعجبي أكثر، هو أن استعمال (الرجولة) كمؤشر لجودة الشخص تزداد اليوم، وكل بائعات الخضروات اللاتي أكلت الشمس رؤوسهن نساء، ولا تمتليء مجالس الآباء ولا صفوف مشجعين الملاعب في النوادي إلا بالأمهات.
اليوم وقوائم الأوائل في جميع الصفوف بنات.
اليوم وكثير من الأسر تعيلها نساء بمفردها، نسب الرجل بأنه (امرأة)!
ليتكم جميعاً نساء، نعتاً وليس اسما.