الثورة، تمامًا كحب المراهقين، مكتظة بالحماس والحيوية.
بدأت بأغانٍ جديدة، أصبحت أغنياتنا. نغماتها متسارعة ولكن دقات قلوبنا أسرع. نظن أن ثورتنا غير باقي الثورات وأننا قادرون على هزيمة الظروف وأن السكوت والظلام لن يسيطر على بيتنا يومًا.
خرجنا ضاحكين وكأن ليس في الدنيا من له قوتنا وطاقتنا وكأن شوارع مدينتنا بالحق تنتمي لنا.
نظرات آبائنا وأمهاتنا لم تتوان، بالغضب علينا تارة، وبالخوف مما لا نعلم مرات عديدة. حتمًا لا يعرفون، لا يفهمون.
خرجنا وكأن أضواء المدينة تتبعنا، حركات أيدينا الهوائية وأصوات عقولنا تغطي على أصوات كل التروس والمحركات.
علا الهتاف، أكثر وأكثر.
الآن نهلل، الآن نكبّر.
ثم أصبح تهليلنا صياحا.
ثم أنقلبت شفاهنا إلى أسفل، ورؤوسنا من سمائنا إلى أرضنا، أو أرضهم.
افترقنا، وكأن عِشقًا لم يكن؛ وكأن ثورةً لم تقم!
عاد كل منا إلى داره.
أغلقنا المذياع بصوته المزعج.
دقات قلوبنا أبطأ من أن تتحمل تلك النغمات السريعة.