\”مازلنا في غرف التخدير
على سرر التخدير ننام
والعام يمر وراء العام
وراء العام وراء العام
والأرض تميد بنا
والسقف يهيل ركاما فوق ركام
والكذب يغطينا من قمة هامتنا
حتى الأقدام\”
من قصيدة \”أمنية جارحة\” للشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان.
لا أعلم إن كنت سأشكو بثي وحزني بالفصحى أم بالعامية أم بالمختلط.. أنتم وحظكم.
وأنا شايفاك ياللي كاتب التعليق تحت:
سيساوي: هي نوارة نجم لسه بتتكلم بعد ما خربت البلد؟
إخوان: هي نوارة نجم لسه بتتكلم بعد ما أيدت الإنقلاب؟
متثورج: عمري ما ارتاحت للبت دي.. من أيام استفتاء مارس.
وكنت أراكم أيضا وأنا صامتة
– يعني ساكتة بعد ما خربت البلد.
– يعني ساكتة بعد ما أيدت الإنقلاب.
– عمري ما ارتاحت للبت دي من أيام استفتاء مارس.
دوافع الصمت أقوى بكثير من محركات الكلام.. ليس رهبة من سلطة وصل بها حد الارتباك إلى اعتقال الأطفال، ولا يأسا من وجه الله الكريم، بل تخوف من حال البلاد الذي انقلب إلى مصحة عقلية كبيرة بعد خمسة أعوام من لعب المخابرات البخت في عقولنا جميعا.
الجميع يعبر عن رأيه بطريقة أقرب إلى الهذيان، فإما مؤيد للسلطة: يا خونة يا عملا يا جواسيس يا قابضين، افرم يا سيسي، اقتلهم كلهم. أو مؤيد للإسلام السياسي: مرسي راجع، وحنقتلكوا كلكوا يا شعب عبيد. أو مؤيد للثورة: هش.. هش… الثورة مش مؤامرة.. هش.. هش… إحنا مش خونة.. الدستور بيقول الثورة مش مؤامرة.. هش هش. وفريق رابع يشكل الأغلبية، ويشبه كثيرا الرجل الذي كان يتحدث مع اللمبي في فيلم \”اللي بالي بالك\” متسائلا: كويسة من أنهي اتجاه؟
هذا حال غير مطمئن، يستدعي أن نطلب من الله أن يلصم البلاد – بالطول ولا بالعرض – حتى نتعافى جميعا، أو نموت جميعا ويخلفنا من هم مازالوا يحتفظون ببقية عقل.
\”سكت الهوا والناموس طار
والسبع طاطى بعينه
خليها ده النوم أستار
لما الهلف ياخد يومينه\”
ابن عروس
لكن هناك ما لا يقوى الإنسان على الصمت أمامه.
نصمت أمام كل شيء، لكننا لا نصمت أمام محاولات مريبة لتمرير تطبيع شعبي مع إسرائيل.
لا يا فندم… المنطلون لأ.
لا أعير اهتماما للكائن العكش الذي لا يعدو قدره كونه (مرمطون) للأجهزة، يغلقون قناته ويفتحونها، يسخرون منه ثم يجالسونه، يعطونه معلومات صحيحة ثم معلومات مغلوطة.. هو كده، دي شغلته، بواس أيدين، مرمطون، وقابلها على نفسه.
لكن سيادتك تقنعني إنه تصرف من تلقاء نفسه؟ ده عند هنص الكلام ده.
منذ خمسة أعوام، تنفخ بلالين الاختبار وتفسى، ونحن لا نفهم لماذا يفعلون بنا هكذا، يقدمون على تصرف مبهم بالنسبة لنا، ولا نتبين مقصدهم إلا بعد مرور عامين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة، وقد نكون توهمنا أننا فهمنا، بينما الحقيقة أنه لم يحن وقت جني ثمار فعالهم بعد. أهم قاعدين يسلونا بدل ما إحنا فاضيين، عشان ما نلاقيش وقت فراغ نتجه فيه لطريق الضياع ونعمل والعياذ بالله ثورة تاني ولا حاجة.
ماشي.. ما جراش.
البلد بلدهم وهم أحرار فيها، وإحنا ضيوف، وضيوف تقال كمان، مضايقينهم، بناكل ونشرب وعاملين زحمة.. كتر خيرهم مضايفينا.
إنما إسرائيل لأ يا فندم.. المنطلون لأ يا فندم.
تحدث الكائن العكش معلقا على استقباله لسفير الكيان الصهيوني الغاصب، وقال إنه أخطر الأجهزة بهذه المقابلة قبل انعقادها. ولم تصدر أي من الأجهزة بيانا يكذب كلام الكائن العكش.
تحدث عن إن إسرائيل من بيدها حل أزمة سد النهضة، وأننا في المقابل سنعطيها ترعة السلام، وأن ذلك فيه صالح لنمو سيناء والقضاء على الإرهاب.
ولم يبرق أحد، أو يشخط أحد، أو يزمجر أحد ويقول: ده أمن قومي.
تحدث عن الرئيس السيسي، وقال إنه أشار عليه بأن يطلب تدخل إسرائيل لإقناع واشنطن بأن ما حدث في 30 يونيو هو ثورة شعب وليست انقلابا عسكريا، ثم أردف مؤكدا أن الرئيس السيسي اتصل بنتنياهو وطلب منه التوسط لدى واشنطن، وبناء على وساطة نتنياهو اعترفت واشنطن بشرعية 30 يونيو.
لأ يا فندم… إسرائيل لأ يا فندم… المنطلون لأ يا فندم.
ماذا حدث لعكاشة؟ تم سحب عضويته، مع تنويهات إعلامية بأن هذا التصرف غير قانوني وغير دستوري، وأن عكاشة يمكنه استعادة منصبه في البرلمان.
نشر تسجيل مصور لزوم التشفي في عكاشة الذي كان يمثل التذلل للميس جابر.
تم إيقاف قناة الفراعين التي أوقفت من قبل، ثم عادت.
ولا ياكل معايا الكلام ده خالص على فكرة.. هي دي العقوبات الرادعة اللي بتعاقبوا بيها واحد بيقول على رئيس الجمهورية إنه استمد شرعيته العالمية من وساطة إسرائيلية؟
ليه؟ من حنية قلبكوا قوي؟ هو أنتوا سايبين حد؟ عيل لابس تي شيرت حبستوه أكتر من سنتين خارج مدة الحبس الاحتياطي بشكل غير دستوري، واحد وزنه خمسين كيلو لفقتوا له تهمة حرق المجمع العلمي ولبستوه مؤبد، واحد نزل مظاهرة لبستوه تهمة سرقة لاسلكي وهفتوه خمس سنين، واحد كتب رواية طستوه سنتين، وفي الآخر واحد بيدعي على أجهزة الدولة إنها تواطأت معاه على خيانة البلاد، وبيقول إن مصر حتشرب من تحت خير إسرائيل، آخره تسقطوا عضويته وتقفلوا القناة عادي؟! وحيرجع البرلمان وحترجع القناة عادي؟!
والتمثيلية اللي معمولة دي وراها حاجة.. مش عارفة إيه؟ لو وراها إنكم تزغطونا إسرائيل.. يبقى لأ يا فندم.. إسرائيل لأ يا فندم… المنطلون لأ يا فندم.
حادثة الكائن العكش تأتي بعد مقابلة الرئيس السيسي لوفد من الجمعية اليهودية – الصهيونية – بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي ليست المرة الأولى التي يقابل فيها الرئيس هذا الوفد، وتساءلنا من قبل بأي صفة يجالس هذا الوفد رئيس مصر؟ أيوه عايزين منا إيه بالتحديد يعني؟ ثم قال الرئيس السيسي عن نتنياهو إنه رجل عظيم يمكن أن يساهم في تقدم المنطقة والعالم، هكذا كتبت الصحف الإسرائيلية.
ثم يخرج علينا ألعوبة الأجهزة مرمطون السلطة، ليخبرنا عن حب الإسرائيليين لنا، وعن أهمية ترعة السلام لتنمية سيناء، وعن دور إسرائيل في إنقاذ مصر من العطش.. ما عننا ما شربنا ولا عشنا من أساسه، نشرب فضلة خير إسرائيل يا ولاد؟ ده اللي ناقص… لأ… إسرائيل لأ… المنطلون لأ.
بقى أنا حاطة في بقي مصنع جزم وساكتة.. بس إسرائيل لأ، والموضوع ريحته وحشة.
أنا ولا يهمني عكاشة، ولا قناة عكاشة، ولا عضوية عكاشة، ولا لميس جابر، ولا المصدر الذي تستمد منه حياة الدرديري صبرها على رغيه.
أنا يهمني بلدي وأجهزة بلدي ورئيس بلدي ولدي بعض الأسئلة كمواطنة أريد إجابة عليها:
– عكاشة قابل سفير الكيان الصهيوني بعلم أجهزة المخابرات والأمن الوطني كما ادعى؟
– السيسي طلب وساطة نتنياهو لدى الولايات المتحدة وتمت الوساطة وعلى هذا الأساس اعترفت أمريكا بشرعية النظام القائم؟
– إحنا بنسعى إن إسرائيل تحل لنا مشكلة سد النهضة وحنديها مية في المقابل؟
– عكاشة صادق ولا كذاب؟
– كذاب؟
يبقى أفرم يا سيسي بجد بقى.. دي المرة الوحيدة اللي يبقى لك حق فيها تفرم.. ما بتفرمش ليه؟ ده أمن قومي.. وماحدش يتحجج ببتوع حقوق الإنسان، الشماعة اللي بتعلقوا عليها كل حاجة، هو أنتوا عاملين حساب لهم قوي؟ لأ بقى.. أفرم يا سيسي.
ما هو مش معقولة تهمة التخابر لصالح حماس حتبقى أوحش من واحد بيقول إن جهاز المخابرات المصري تواطأ معاه عشان يقابل السفير الإسرائيلي ويطلب منه يبني لنا مدارس ومصانع ويعزم عليهم بالمية بتاعتنا.
مش معقولة تي شيرت وطن بلا تعذيب أخطر على مصر من كلام عكاشة عن استجداء الرئيس لوساطة نتنياهو.
مش معقولة أحمد ناجي خدش حياء الناس أكتر من كلام عكاشة عن حب الإسرائيليين لمصر وأهمية دورهم في تنمية سيناء.
لو هو كداب يبقى أفرم يا سيسي.. ولو ما فرمتش يبقى هو مش كداب.
وبما إنه كداب بقى.. أحب أعرف إيه سر إصرار السيد الرئيس على مقابلة وفد الجمعية اليهودية الأمريكية الداعم الأول للصهيونية في العالم، وأحد الأعمدة المؤسسة لدولة الكيان الصهيوني، قابلهم بدل المرة اتنين.. ليه؟!
وإيه نتنياهو اللي رجل عظيم ده، وحيساهم في تقدم العالم؟
طب شوية معلومات كده عن نتنياهو اللي مسمينه بيبي.. ده راجل في إسرائيل ما يتخيرش عن عكاشة، مراته طلعت قالت عليه متحرش وبيتدارى وراء ستار الدين، واتحرش بأعز صديقاتها، وإن زملائه في الحزب تحرشوا بيها، وهو عارف ومطنش، وهو ما ردش عليها، مش عشان بيخاف من مراته لا سمح الله، بس هو مش ميال للمشاكل!
يعني فوق إن نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني، فهو لا يتمتع بالاحترام في المجتمع الإسرائيلي.
مش كفاية لما إسرائيل كانت بتضرب غزة، كل لجان النظام الإلكترونية قالت: أحسن عشان يخلصونا من حماس الإرهابية؟!
لا يا فندم… إسرائيل لأ.. المنطلون لأ.
بقى إحنا قاعدين في الإعلام يقولوا لنا يا خونة يا عملا يا جواسيس يا قابضين، وفي الآخر يترموا في حضن إسرائيل؟!
الثورة المؤامرة اللي عملها الجواسيس العملا الخونة، قفلت سفارة إسرائيل، واللي أنقذ البلد من مؤامرة الخونة بيقول على نتنياهو رجل عظيم!
مش باقولكوا البلد بقت مصحة عقلية كبيرة.. وكلها عنابر خطرين.
بس إسرائيل لأ… المنطلون لأ.