\”سبب خراب مصر الستات\”.. حكمة خلص لها شخص امتهن التدريس وعمل طوال سنين عمره مدرسا خصوصيا!
\”كل السنين دي مفيش أب جه كلمني.. كلهم ستات\”.. وهكذا وصّف هذا المدرس اهتمام الأمهات بأولادهن ومسارهم التعليمي، بالهيستريا وأن هذه الهيستريا هي اللي جايبة البلد لورا!
ماشي يا سيدي.. أمهات مصر هيستيريات مقولناش حاجة.. بس خليني أقولك الأسباب التي دفعتهن للهيستريا والتحول لأمهات بائسات بتجري 14 ساعة في اليوم للحاق بالمدرسة والدروس والتمارين وكورسات اللغة دونا عن أمهات العالم.
نقلا عن صديقة انتقلت لبريطانيا من سنة، وتخيلوا تخيلوا تخيلوا، دخلت ابنها مدرسة حكومية تقدم تعليما مجانيا.. آه والله مجاني.. بس أنا هنا مش حاقارن بين إمكانيات الدولتين منعا للإحراج، وعشان مصر أم الدنيا وإحنا بنكافح الإرهاب وأولوياتنا مختلفة عن أولويات الدول المتآمرة علينا.
مش عايزة أصلا أقع في فخ المقارنة، لأنه شيء مبتذل، ولكن ما يهمني توضيحه لماذا تحولت الأم المصرية للهيستريا المجسدة.
عند التقديم للمدرسة.. أرسلت الصديقة الأم جوابا للحي الذي تسكن فيه، تطلب تقديم ابنها للمدرسة.. كل طفل مقيم في بريطانيا من حقه التعليم في مدرسة لا تبعد عن منزله – أو أقرب محطة أوتوبيس لمنزله – بأكثر من خمس عشرة دقيقة مشي، وكمان كل فصل في المدرسة لا يزيد عدد طلابه عن 30 طفل في الفصل.
نظرا لقدومها بعد الانتهاء من وقت التقديم في المدارس، لم يعد لابنها مكان في المدارس القريبة منه، فقدمت له في مدرسة خاصة.. اللي هي بفلوس في متناول الأسر البريطانية المتوسطة.. مش مبالغ فلكية برضه، ورغم ذلك نصحتها صديقة مقيمة في بريطانيا من زمان إنها \”تتخانق\” مع الحي.
الخناقة في الحي البريطاني مختلفة شويتين عن خناقاتنا في المصالح الحكومية المصرية.. صديقتنا استخدمت ألفاظ من نوعية: \”أنا غير سعيدة\”.. \”مصلحة ابني فوق كل شيء\”.. \”لن اتمكن من امتلاك سيارة لتوصيله يوميا لمدرسته الخاصة البعيدة\”.. \”صحته النفسية تأثرت بعد النقل لبلد جديد\”.
وفي ظرف ثلاثة أيام بالعدد، جالها الجواب من الحي بقبول ابنها في إحدى المدارس الحكومية القريبة منها.
راحت الأم لمديرة المدرسة واخدتها معاها جولة في المدرسة ونظامهم التعليمي وشكل الفصول إلى آخره، وبعدها اقترحت عليها أنها تستنى ثلاثة أيام قبل ما تبعت ابنها المدرسة، لأن مدرسة فصله رايحة في الوقت ده مؤتمر، وماينفعش الطفل يتعرض لتغيير وجوه المدرسات اللي ممكن يضايقه ويأثر في نفسيته!
ليه الأم المصرية هيستيرية.. أنا مش حاقولك لو دخلت مدرسة حكومي اقولهم أنا مش مبسوطة، ممكن يترد عليّ بإيه، لأن عمري ما تجرأت افكر في التعليم المجاني في مصر، ولا أعرف شكل المدارس الحكومية من جوه عاملة إزاي.
لكن أنا حتكلم على الفرق بين الحكومة البريطانية اللي بتهتم بالصحة النفسية لطفل غير بريطاني، لا وكمان من الأقلية المسلمة المغضوب عليها عالميا اليومين دول، ونظرت لشكوى أمه الأجنبية، وحققت طلبها وراحتها النفسية، وبين المدارس الاستثمارية الخاصة المصرية اللي بتمص دم قلبنا عشان المفروض تقدم خدمة تعليمية وتربوية لأولادنا.
صديقة أخرى ساكنة في حدائق الأهرام زي كل الأمهات على جروب المدرسة بيناقشوا أحوال المدرسة ومشاكلها، أثارت مشكلة بخصوص طرد المدرسة لمدرس علوم في وسط السنة الدراسية وترك الفصل بدون مدرس لحد ما التيرم قرب يخلص والعيال مخدوش حاجة، اقترحت الأم نوع من الشكوي الجماعية ضد المدرسة، ففوجئت \”بجواسيس\” في الجروب نقلوا اقتراحها للإدارة، فبدل ما المدرسة تخلي عندها دم ويستجيبوا.. بعتوا للأم دي يزعقولها! وكمان لما جه وقت التقديم للسنة الجديدة رفضوا قبول مصاريف البنت!
مش جديدة على فكرة إن مدرسة تسحب مصاريف من أولياء الأمور بقيمة 16 ألف جنيه في السنة وتهزأهم كمان لو فتحوا بُقهم واعترضوا على حاجة.. الإبهار هو أداء المدرسة الحاسم في عدم تقبل النقد، ويوصل لدرجة طرد الطالب من المدرسة لو أهله فتحوا بُقهم!
من فضلكم.. دعونا ندفع أموالا طائلة على خدمة تعليمية زبالة من غير ما توجعوا دماغنا.. وللحديث عن التجربة البريطانية بقية ما دامت المرارة متحملة.