نهى الجندي تكتب: انتحرت!

أشعر بالخوف، قصة غريبة تم تداولها لعدة أيام على مواقع التواصل الاجتماعي عن فتاة انتحرت، وكم كانت محبة للحياة ومبهجة وتعزف للناس.. كل ما فيها تمنيته لنفسي.. اسعى للوصول إليه، آمنت أن الرضا في الأثر الطيب الذي اتركه للناس، ثم جاءوا يقولون إن من كانت كذلك، انتحرت.

أشعر بالهشاشة، هل سأصمد؟ هل ستنهار ميكانزمات دفاعي النفسي المستميت؟ اعرف أنني بالنسبة لأبناء وطني مرفهة منعمة، وأن كل مشاكلي النفسية وإحباطاتي من منطلق البحث عن المثالية أو أحلام وطن تمنيناه، هي لا شئ بجانب المبتلين حقا في هذا البلد الظالم حكامه.

أشعر بفقدان الطاقة التام.. ما ذنب الأطفال؟ أن ترتبط حياتهم بأم ذات مزاج متأرجح هش، يمكن لخبر على موقع تواصل اجتماعي أن يجعل منها شخصا لا يقوى على تحريك مؤخرته من السرير، وهم نشطون جائعون لا يهمدون.

اشعر بالذنب.. كل الأفكار التي راودتني عن إيماني وجدوى وجودنا في هذه الحياة ومرور البشرية بكل هذه الآلام والظلم باسمه، ولما سمح أن يستمر وكيف أفكر في كل هذا وهل نسيت نفسي أنا الأمة الفقيرة إلى بارئها، التي لا تملك إلا الرجا في رحمته، ثم يأتيني الغضب.. غضبي السخيف المكتوم السلبي الذي لا أصرح به أبدا، ثم يأتيني السؤال: هل غضبي المكتوم يظهر في صورة تقصير في العبادات؟ هل هذا غضب؟ ثم يأتيني الهلع، من أنا لأغضب؟! رحماك يا إلهي.. أنا ضعيفة فقيرة أمشي برحمتك ونعمك عليّ، لا يكف لساني عن الحمد عليها.

اشعر بالخداع.. تصاعدت الأحداث في شكل درامي، وتبين لنا أن الخبر كاذب والفتاة حية، وكل المشاعر.. الغضب والتقصير والذنب والوجع واهتزاز الإيمان، كانت على لا شئ!

اشعر بالغضب.. يقولون إنها مريضة ويقولون رفقا بها، ومن قال لكم إنني لم أغضب من نفسي عندما مررت باكتئاب، وسمحت لذاتي أن تتضخم وأن أمارس كل وسائل الضغط والابتزاز العاطفي على كل من كان حولي بدعوى أنني مصابة باكتئاب؟! لا أري إلا نفسي المسكينة الضحية لهذا الواقع، الذي استحق أفضل منه، ولا اتردد في تحميل من حولي كل مشاكلي، ومواجهتهم بأقسى الكلمات، لمجرد أنني اشعر أنه من حقي أن اقول هذا، لأنهم لا يشعرون بآلامي.. أكره بجنون فترة انغماسي في ذاتي، وافتخر بشدة بمحاولاتي المستميتة بألا تتكرر أبدا.

آسفه لأولادي على يومين من الأمومة غير المستحقة، واستغفرك ربي على ذنوبي إن عظمت كثرةً، فلقد علمت بأن عفوك أعظم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top