نهى الجندي تكتب: الغول.. العنقاء والمدرسة الكويسة

عزيزتي الأم المصرية، فلتجعلي التعليم آخر همك.. مفيش صاحب يتصاحب ومفيش مدرسة تستاهل.. أبويا كان محظوظ فعلا.. في بلدي طنطا الاختيارات كانت محدودة وفي متناول الأسرة من الطبقة المتوسطة، والأهم أنه كان شاعرا بالرضا التام عن نفسه كأب مدخلا بناته أحسن مدارس.

اللي عايز لغات خاص، يدخل كذا، واللي عايز تجريبي كذا، والراهبات كذا، والإسلامي كذا.. الأمور واضحة والاختيارات كلها محددة سلفا.. مفيش وجع دماغ.. مفيش ضغط مادي.. مفيش إحساس بالتقصير.. مفيش مجتمع ضاغط يزايد على مين مدخل ولاده أعلى مدارس.

سنة ٩١ بابا دفع أقل من عُشر ما دفعه زوجي سنة ٢٠١٤، وحصل على خدمة تعليم ورضا عن النفس بعكس نبرة اللوم والاتهام المُطاردة لنا بأن \”رانچ\” المصاريف اللي بندور فيها حتحصرنا في المدارس الـ نص نص. تيجي تزايد وأنا أزايد ونشوف مين حيزايد أكتر.

-١-

مصاريف المدارس بتزيد بشكل جنوني كل سنة.. في ٢٠١٣ لما بدأت أفكر في التعليم، المخضرمون قالوا لي خمستاشر ألف عشان تبدأي تتكلمي.. سمّوا مدارس بعينها كلها في حدود ما قالوه \”اللي هو أصلا أصلا كتير\”.. في ٢٠١٥ كل المدارس أم خمستاشر قفزت لمنتصف العشرين بالباص وخلافه. ولك أن تتخيل أن \”خلافه\” دي تتضمن \”تبرع\” للمدرسة في أول سنة بمبالغ تصل لسبعة آلاف في السنة!

وأنا مين يتبرع لي ؟

-٢-

– إيه رأيكم في مدرسة كذا؟

– لا دي وحشة جداً

– ليه تعرفي حد فيها؟

– باين من مصاريفها دي ب ٩ في السنة.

وهكذا قررن أمهات الطبقة المتوسطة مباركة غلو المدارس، بدلا من مكافحتها والبكاء على ما يُدفع في فترة زمنية ما تعديش تلت لنصف السنة.

الأسوأ من غلاء المدارس الخاصة، هو كرباج الأمهات على ظهور زميلاتهن في كفاح الأمومة في الحكم على مدارس أبنائهن.

في رحلة كفاحي مع المدارس لو وقعت في أم مدرسة قومية أو تجريبي، بمجرد ما أسألها عن رأيها أو تجربتها، تلاقي ديفنس ميكانيزم اشتغل ينبئ باضطرارها للجوء للتبريرات اللانهائية للدفاع عن اختيارها اللي في نظر زميلاتها ضياع مستقبل العيال!

-3-

ما يطلبه المشاهدون هو الإنجليزي وقرآن.. معظم المدارس بتقابلك بابتسامة عريضة ووعود إن البنت بمنهجهم الـ \”سيمي إنترناشونال\”، حتبقى جاية من كاليفورنيا، وفي نفس ذات الوقت حتخلص جزء عم حفظ.

دخلت معظم مدارس الحي اللي بسكن فيه.. مفيش مديرة مدرسة توحد ربنا جابت لي سيرة الفنون أو تنمية مهارات الفكر النقدي أو البحث العلمي.

تعدنا المدارس بجزء عم كاملا، و تجود كمان من عندها بوضع منهج دين، مع إن الوزارة مش منزلة منهج دين غير في ابتدائي!

منهج الدين في مدرسة بأكتوبر في \”كي جي وان\” مأخوذة من مناهج السعودية، وفيه درس عن من هم المسلمون ومن هم غير المسلمون! رسالتهم في الدين أن أول ما تتعلمه يا ولدي هو التصنيف!

وعشان محدش يزايد عليّ أو يجادل.. منهج التربوي في المعهد الأزهري اللي بنتي حاليا فيه، أول درس فيه: الله خالق كل شئ وثاني درس: الله رحيم بعباده.

عزيزتي ولية أمر الطالب الناشونال.. هدئي من روعك.. ابنك بياخد منهج الوزارة وربنا يتولانا برحمته.

لا داعي للتشنج الحماسي إن المدرسة الفلانية أم مصاريف عشروميت ألف جنيه في السنة بتقدم البوكليت الجبار والمدرس الخارق.

-4-

مشهد نهاري خارجي: أنا ماشية في حي مليان مدارس، بصطاد البنات اللي خارجة عشان أسألهم عن آراءهم في مدارسهم.

– بتاخدوا دروس؟

– آه من إعدادي كده

– ليه الشرح مش كافي؟

– لا.. عادي كل مدارس بتاخد.

– حتى مدرسة كذا (من المدارس أم عشرين ألف)؟

– آه طبعا.. كلنا أصحاب في الدروس.. بس هم يا حرام بيدفعوا قد كده في السنة

أسطورة المدرسة مش محتاجة معاها دروس دي جاية من نفس منطقة الغول والعنقاء.

معلش حد يفهمني.. أنا ليه المفروض أدفع فلوس عشان المدرسة الفلانية عاملة فصل فيه سمارت بورد؟!

اعتراف: عل كل المدارس اللي رحتها، لم أجرؤ على الاستفسار عن ما كنه السمارت بورد، وما هي فوائده.. حسيت إن سؤال زي دا بيقلل من احتمالات قبول البنت في المدرسة.

-5-

اسمي نهي الجندي.. موطني الأصلي التمارين.. وقت التمارين في النادي طويل جدا، وغالبا بيستنزف معاه بطارية الموبايل وخيوط الكروشيه والكتاب اللي بيخلص.. ساعتها بلجأ لسماع أحاديث الأمهات اللي جنبي مع أولادهم لتمضية الوقت.

أم بتملي ابنها في تالتة ابتدائي درس القراءة المقرر عليه (واضح إن ده الواجب)

درس القراءة شدني جدا عن أم بتكوي لأولادها ملابسهم وفجأة الكهرباء انقطعت. طبعا الولد شلني وشل أمه ببطئه في الإملاء بس مش مهم أنا بجد عايزة اسمع نهاية الدرس.. الدرس مستمر في صورة أسئلة متعجبة من الأولاد عن سبب انقطاع الكهرباء المستمر- شوقي عمال يعلا أسمع التفسير والنهاية- ثم الدش البارد اللي نزل على راسي بنهاية الدرس وتفسير الأم لهذه الظاهرة العجيبة، إن الناس بيستهلكوا كهرباء أكثر من اللازم!

طلعنا إحنا السبب في انقطاع الكهربا، مش عجز الغاز بسبب صفقات فاسدة.. مش ترهل الدولة الإداري.. مش انهيار الشبكة التحتية.. لا إحنا السبب عشان مش قادرين نقعد في درجة حرارة ٤٥ من غير تكييف!

– ما تدخلي بنتك آي چي يا بنتي.

– لا يمكن يا بابا.. لازم تاخد عربي ودراسات بلدها.

يا اختي أتوكسي على وكستي.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top