نكشف لعبة محاميين الباطن والترافع بالوكالة عن متهمين آخرين

 

مفاجأة.. فريد الديب ليس المحامي الأصلي لمبارك وأسرته.. وجميل سعيد ترافع عن عمرو عسل لتبرئة موكله الهارب رشيد.. والبطاوي والجندي دافعوا عن العادلي من أجل إسماعيل الشاعر!

 

لأنه قانون، فهو مليء بالثغرات، ورغم أنها ليست صفقة مقاولات، إلا أنها تتضمن وكلاء من الباطن.. هذه هي المفاجأة التي نكشف عنها من قيام بعض المحامين بالدفاع عن متهمين آخرين في القضايا، مقابل درء التهمة عن موكليهم الأساسيين في نفس القضية! الطريقة تخفي بالطبع عن الرأي العام لكنها معروفة لدى أهل المهنة: إذا تعذر الترافع عن موكلك الأصلي في القضية لحساسية موقفه القانوني أو لهروبه خارج البلاد أو لعدم إثارة الرأي العام عليك بأن تترافع عن متهم آخر حاضر أو تحصل على الوكالة من محام زميل.

أولى وأهم هذه القضايا التي شهدت ترافعا بـ\”الوكالة من الباطن\”، كانت محاكمة القرن التي تضمنت قتل المتظاهرين وتصدير الغاز لإسرائيل واستغلال النفوذ والقصور الرئاسية المتهم فيها الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ففي 2 مارس 2011 فوجيء الرأي العام بخروج بيان من أسرة مبارك، أعلن فيه الممثل القانوني لها: إن الأسرة تعرضت في الآونة الأخيرة لمحاولات متعددة لتشويه سمعتها والإضرار بتاريخ الرئيس السابق والمساس بشخصه ونزاهته، على غير الحقيقة وظلما وافتراءا، دون أي تحرٍّ لمصادر تلك المعلومات المغلوطة، مما أثر فيها أشد التأثير ووجدت أخيرا، وليس آخرا، أنه لزاما عليها، بعد أن نشرت بعض الصحف \”محتوى مُدَّعى\”، كونه حسابات شخصية لزوجة الرئيس السابق ونجليه، وأضاف الممثل القانوني أن أسرة الرئيس السابق تطلب وتلتمس من كافة الصحف والإعلاميين تحري الدقة في مصادر المعلومات، التي ترد إليها، مع ثقتها الكاملة في أهمية الدور الإعلامي في هذه المرحلة من مراحل الأمة\”.

لم نعرف وقتها من هو دفاع أسرة الرئيس الأسبق أو صاحب البيان أو حتي نري توقيعه.

 

مثل الرئيس الأسبق ونجليه في 13 أبريل 2011 أولى جلسات التحقيق رسمياً، وأعقبها بيان للنائب العام وقتها المستشار عبد المجيد محمود قال فيه إنه تم استجواب الرئيس السابق بمستشفي \”شرم الشيخ\” في حضور محاميه الذي عرف بعدها أنه فريد الديب.. لكن المفاجأة هي أن الديب ليس المحامي الأصلى، ولا حتي الأول، لكنه يترافع بموجب توكيل ثاني من توكيل أول حررته أسرة مبارك لـ عادل سري صيام.

توجه مبارك بصحبته أفراد أسرته في 15 مارس 2011 إلى الشهر العقاري بمدينة نويبع بمحافظة جنوب سيناء، وحرروا توكيلات باسم المحامي عادل سري صيام بأرقام 186ج ،187ج,188ج190,189ج، للترافع عنهم في الدعاوي القضائية المرفوعة ضدهم، وفي أعقاب صدور قرار من النائب العام أيدته محكمة الجنايات بالتحفظ على أموالهم ومنعهم من السفر إلى الخارج.

ربما يبدو الاسم غير معروف إعلاميا، لأن صاحبه يفضل الإنزواء عن الأضواء والعمل في صمت، ومكتبه متخصص في المنازعات المدنية والتجارية وقوانين الاستثمار، وهو محام لعدة جهات دولية منها البنك الدولي ولديه متخصصين في الاستثمار الأجنبي وغيرها من قوانين الشركات، عندما طلب مبارك من عادل سري الترافع له وحرر له توكيلاً رسمياً في القضايا والمنازعات كان رد سري علي الرئيس الأسبق بأنه لا يريد الترافع في قضايا جنائية مثل قتل المتظاهرين وغيرها وإنه يستشعر الحرج في ذلك إعمالاً لمبدأ \”التخصص القانونى\”.. لم يفهم مبارك ذلك فهو يعتبر \”المحامي كشكول\” له في كل القضايا وحين تفهم وجهة نظر سري القانونية طلب منه ترشيح محامي آخر فكان فريد الديب ولم يكن بالسهل علي مبارك وأسرته تكرار التوكيلات في الشهر العقاري فكان الحل في \”توكيل من توكيل\”.. واستطاع الديب أن يحصل لعلاء وجمال مبارك علي البراءة في الجولتين الأولي والثانية من المحاكمة ولمبارك في الجولة الثانية نوفمبر الماضي بعد إعادة محاكمته.

 

 

القضية الثانية كانت قضية تراخيص الحديد، المتهم فيها وزير الصناعة والتجارة الأسبق رشيد محمد رشيد، ورئيس هيئة التنمية الصناعية السابق عمرو عسل، بالموافقة علي إصدار تراخيص لعضو مجلس الشعب السابق أحمد عز، لإنتاج الحديد الأسفنجي والبليت بالمجان للشركات المملوكة له، وذلك بالمخالفة للقرارات الوزارية التي تقضي بأن يكون منح هذه التراخيص بالمزايدة العلنية بين الشركات. كما رخص له بإقامة مصنعين بالمنطقة الحرة بالسويس بالمخالفة للشروط، رغم عدم جواز منح أكثر من ترخيص لذات المستثمر، مما ألحق ضرراً بالمال العام قيمته 660 مليون جنيه.

وقتها كان القانوني الشهير جميل سعيد هو محامي رشيد لكنه هارب وتحول المادة 88 من قانون الإجراءات الجنائية بين حضور دفاع المتهم أمام المحكمة في حال غياب المتهم ذاته. فلجأ سعيد إلي الترافع عن \”موكله من الباطن\” بقبول الدفاع عن المتهم الثاني عمرو عسل ونفيه التهم عنه باعتباره شريك لموكله الأساسي ومن ثم براءته، وقدم مستندات تثبت ذلك منها قيام عسل برفع مذكرة للمهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة الأسبق، يطالبه فيها بضرورة إجراء مزايدات علنية والمتعلقة بمنح تراخيص الحديد، وذلك كإجراء إداري في محاولة للسيطرة علي احتكار رجل الأعمال أحمد عز علي سوق الحديد، لكن محكمة جنايات القاهرة أصدرت حكمها بمعاقبة عز وعسل، بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات، ووزير التجارة والصناعة الأسبق رشيد محمد رشيد الذي قضي بمعاقبته \”غيابيا\” بالسجن المشدد لمدة 15 عاما، ثم ألغت محكمة النقض في ديسمبر الماضي الحكم وأمرت بإعادة محاكمة المتهمين أمام دائرة جديد، وصرح المحامي جميل سعيد وقتها بأن الحكم الغيابي سيسقط حتما بمجرد حضور المتهم، مضيفا أنه يقوم بدراسة الحكم الغيابي الصادر ضد موكله لاتخاذ الإجراءات اللازمة للطعن.

 

 

القضية الثالثة وهي قضية قتل المتظاهرين المتهم فيها كل من اللواء حبيب العادي وزير الداخلية الأسبق، ومساعده اللواء إسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة، الذي كان محاميه واحداً وهما محمد الجندي وعصام البطاوى، المحامين الشهيرين لجئأ للدفاع عن موكلهم الأصلي اسماعيل الشاعر المتهم الفرعي بالدفاع عن المتهم الرئيسي حبيب العادلي في نفس الوقت فعرض الجندي اثناء مرافعته عن العادلي بعض مواقف الشاعر الجيدة أثناء فترة قيادته لمديرية أمن القاهرة، من انخراط في الشارع والمتابعة اليومية للأحداث ووصفة بأنة “رجل الشارع” وكل الناس بتشكر فية ، وعند وفاة نجله رفض قيام إجراء محضر صلح مع مرتكب الواقعة حتي لا يتم حبس الشاب المتسبب في الحادث حفاظاً علي مستقبله وكتب بها \”ربنا يعوض عليا\”، فقال الجندى \”فكيف له أن يحرض علي قتل الشباب في ميدان التحرير\”، فيما استشهد عصام البطاوي المحامي بأقوال شهود من الضباط والقادة المرؤوسين الموجودين على مسرح الجريمة بما فيهم (موكله الأصلى) إسماعيل الشاعر بأنهم لم يصدر أمر أو تعليمات شفوية أو كتابية من المتهم حبيب العادلي (الموكل الفرعي) بإطلاق ذخيرة حية على المتظاهرين أو المتجمهرين من البلطجية الخارجين عن القانون، وأن الأوامر والتعليمات اقتصرت علي ضبط النفس لأقصي درجة واستخدام العصا والخوذة والدرع والقنابل المسيلة للدموع لفض المظاهرات.. فقضت المحكمة في جولتها الأولي بالمؤبد للعادلي وبراءة الشاعر إلا أن محكمة النقض قضت بإعادة المحاكمة من جديد ثم برأت هيئة المحاكمة في جولتها الثانية نوفمبر الماضي المتهمين الاثنين من تهم قتل المتظاهرين المنسوبة إليهم.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top