خِناقة بين طرفين قرر أحدهما إنهاء علاقته بالطرف الآخر، وعند اللجوء إلى القانون للفصل بينهما تكون النتيجة معاقبة الطرف الأضعف دومًا فى مجتمعنا وهو المرأة. هذا هو مفهومنا عن الطلاق، وبناءً على هذا المفهوم يكون الواقع.
فالطلاق فى مجتمعنا هو مجرد خِناقة لا تنتهى بالرغم من معاقبة المطلقة بكافة الوسائل والأساليب مباشرة كانت أو غير مباشرة، ولذلك تحول الطلاق من حق طبيعى للزوجة تلجأ إليه حال رغبتها فى إنهاء حياتها الزوجية، إلى فزاعة تُستخدم لإرهابها إذا سولت لها نفسها وفكرت مجرد التفكير فى الانفصال عن زوجها.
ويأتى مقترح قانون الحضانة الجديد -الذى هو بمثابة أولى بشائر وعطايا عام المرأة- ليؤكد هذا المفهوم ويشدد العقاب على الأم المُطلقة، وذلك بإنهاء حق حضانتها للأطفال ببلوغ سن سبع سنوات للابن وتسع سنوات للابنة بدلًا من خمس عشرة سنة لكل منهما.
بعيدًا عن أن من تقدم بمقترح هذا القانون فى مجلس النواب هى النائبة سهير الحادى \”نعم، سيدة وأم ونائبة\”، فالقانون يُسلب الأم حقها فى تربية أولادها حال زواجها بحيث تنتقل الحضانة إلى الأب بعد أن يلتزم بتوفير من يقوم برعاية الأطفال سواء كانت زوجته أو أى امرأة من عائلته.
فمن وجهة نظر القانون زواج الأم خطأ، بل جريمة تستدعي العقاب بحرمانها من حضانة وتربية أطفالها، لكن زواج الأب ميزة ووسيلة لحضانة الأطفال.
أكثر ما نحتاج إليه فى الوقت الحالى هو تصحيح المفاهيم لا التشدق بحقوق المرأة يمينًا ويسارًا. فعلى المجتمع والدولة بمختلف مؤسساتها أن يعوا جيدا أن الطلاق ليس خِناقة وأن من يتحمل مسؤولية تبعات هذا القرار ليس طرفين فقط، فهناك طرف ثالث هو جوهر القضية، وهو المطلوب منه أن يبتعد عن أمه عند بلوغه سن معين حتى يعيش مع زوجة الأب أو أى سيدة فى العالم إلا أمه تطبيقًا لقوانين تعسفية.
الطفل فى سن السبع سنوات لا تعنيه قوانين الأحوال الشخصية ولا يفهم تطبيق الشريعة الإسلامية، لكن كل ما يعنيه فى هذا السن هو البقاء مع والدته التى تمثل له الأمان والحماية.
مهام الأم بعد طلاقها عديدة، فهى تسعى لتوفير المأكل والملبس والتعليم والمسكن الآمن لأطفالها وهى المهام ذاتها التى يتنصل منها الأب في الغالب- بعد الطلاق؟ وهو نفسه الذى تذهب له حضانة الأطفال إذا تزوجت الأم! فدَعُوهَا منغمسة فى مهامها ولا داعي لفرض مهمة جديدة عليها وهى الدفاع عن حقها البديهى فى تربية أولادها.