عزيزتي المرأة المصّرية، التي تشاركني عبء عبث العاطفة والهرمونات من جانب، وكونها خلقت في هذه البقعة الغريبة من العالم من جانب آخر. إن هذا الحديث موجه إليك بشكل خاص أيتها العزيزة، سأشاركك الحديث عن كتاب يحمل قصة امرأة تبحث عن كل شيء، علكِ تجدين في بحثها بعض من ذاتك.
جالسي وحدتك:
تقول إليزابيث جليبرت، وهي امرأة أمريكية، لكنها تشبهني وتشبهكُ- في كتابها \”طعام.. صلاة.. حب\”:
\”أشعر بالوحدة هذه الأيام أقول لنفسي كوني وحيدة ليز، تعّرفي إلى طريقك في الوحدة. ضعي لها خريطة، جالسيها لمرة واحدة في حياتك، عيشي هذه التجربة الإنسانية، ولكن لا تستعملي أبدا جسد أو مشاعر شخص آخر كلوح تعّلقين عليه احتياجاتك\”.. حين قرأت هذا الاقتباس ما كان مني إلا أن هززت رأسي وقلت: \”وأنا أيضا يا ليز احتاج أن أجالس وحدتي!\”، أنا أخاف الوحدة وأفشل في التعامل معها وأهرب من الاختلاء بنفسي ما استطعت إلى ذلك سبيلا.
لأن رفاهية التفكير في الوحدة لم تخلق لمثيلاتنا يا عزيزتي، نحن مولودات في مجتمع أسري بطبعه – بيحب اللمة-
تذكرك ليز كما تذكرني أن الوحدة ليست مرعبة إلى هذا الحد، انسي كل أفكارك عن الوحدة وحباً في الله جالسي وحدتك يا عزيزتي.
ابحثي عن التوازن:
\”لتجدي التوازن الذي تبحثين عنه، عليك أن تقفي بثبات على الأرض، وكأن لديك أربع أرجل عوضا عن اثنتين، بتلك الطريقة يمكنك البقاء على الأرض، لكن ينبغي أن تتوقفي عن النظر إلى العالم من خلال رأسك، وأن تنظري من خلال قلبك، هكذا ستعرفين الله\”
منذ طفولتي الأولى وأبي كلما حانت له الفرصة حذرني من جسدي وأوصاني بروحي، يقول أن الجسد منزل الشهوات، أما الروح فتسمو فوق كل شيء، فيحذرني من انغماسي في تلبية ما يريد جسدي وإهمال روحي وما تطلبه، يقول يا بنية إن لم تتغذى روحك بما يكفي، فستصبح حياتك ضنكا، إن الروح من الرب وغذائها منه، فحافظي على صلتك به.
لا أذكر حتى الآن أن أبي تحدث عن حجابي أو تدخل في ما أفعله.. كل ما كان يقوله \”صلِّ واقرأي أذكارك\”.. لن أخشى عليك من أي سوء.. صلاتك ستمنعك من المنكر، وأذكارك ستحفظك من الشر، توازنك في صلتك بربك، فعززي صلتك بالطريقة التي تجدها روحك مناسبة.
حاربي الأنا:
في علم التحليل النفسي، فإن نفسك تتكون من ثلاثة أجزاء يتصارعون في حدة، جزء المثالية وجزء الهوى وأنتِ.
صراعك دائم مع هواك الذي يريد أن يحصل على كل ملذاته دفعة واحدة ودون قيود، ومثاليتك التي تحول دون ذلك.
ونفسك التي لا تعرف إلى أيهم تستكين.
\”إنها ذاتك، تحاول التأكد من أنها مازالت تملك السيطرة عليك. هذا ما تفعله الأنا. تجعلك تشعرين بأنك منفصلة، تحافظ على حسّ الازدواجية لديك، وتحاول إقناعك بأنّك ناقصة، ومقطعة، ووحيدة ولست كاملة\”
هل يبدو لك هذا الكلام مألوفا؟ إنها نفسك يا عزيزتي، فلا تتركي لها زمام الأمور.
اكتشفي جمالك:
ياعزيزتي، أنتِ جميلة بشيء لا أحد سيعرفه غيرك، وواجبك هو البحث عنه، جديه في نفسك وفي الحياة من حولك، واستكيني لما تحبين.
\”عندما يمنحك الله الحياة، من واجبك (ومن حقك ككائن بشري) أن تجد شيئاً جميلاً فيها، مهما كان ضئيلاً\”
كيف يكون الحب؟!
\”في الحب اليائس، نخترع شخصيات لشركائنا في الحياة ونطلب منهم أن يكونوا كما نريدهم أن يكونوا، ثم ننهار حين يرفضون لعب الدور الذي اخترعناه في الأساس\”
كم البؤس في هذا الاقتباس يفسر أغلب علاقتنا العاطفية يا عزيزتي، لا بأس أنا أحدثك الآن امرأة لامرأة، ويمكننا الاعتراف بكل هذه الأشياء المعيبة التي صنعناها في فترات الجنون والتخبط. ليس من الفخر الاعتراف بهكذا أخطاء، لكننا سنخطيء حتما وسنتخبط كثيرا إن لم نخطيء في الحب! فكيف سنكتشفه إذا!
حاذري من النماذج الجاهزة، من الصور والانطباعات والتوقعات.. ليز ستقدم لك عدة نماذج للحب في طريق بحثها، اسقطي نماذجها على نماذجك وحاولي المقارنة، والخروج بالنتيجة التي تسمح لك بحياة عاطفية صحية.
تعايشي مع حزنك:
أعرف يا عزيزتي أننا نهوى تضخيم الأمور وتعظيمها، لا بأس عليكِ.. احزني كما يليقِ بك، ابكي بصوت عالٍ، اصرخي.
فكري في إنهاء حياتك، افعلي ما يحلو لكِ دون أي حواجز، فإذا ما فرغت كل طاقتك، تذكري أن الحزن مصيره إلى زوال مثله مثل كل شيء في هذه الحياة.
\”الحزن والأذى لا يمكن تجنبهما في هذه الحياة، ولو وقفت بسكون لمدة طويلة بما يكفي، ستكتشف مع نهاية الوقت حقيقة أن كل شيء (أكان مزعجا أم مريحا) يمّر في النهاية\”
اتركي أمرك لامرأة:
الكتاب مترجم للعربية بترجمة \”زينة إدريس\” الحقيقة أنا لا أعرف ما إذا كان الكتاب مكتوب بلغة أصلية لذيذة بما يكفي لأن يحتفظ بطابعه الأدبي بعد الترجمة؟ أو أن هذه جهود المترجمة! أميل لأن أعتبر جنس المترجمة وكونها امرأة تعرف حقا ما كانت تقصد ليز وما اختبرته، فتوحدت معها، فأخرجت لنا هذه الترجمة الرقيقة رفقا بمثيلاتنا اللاتي لا يجدن الإنجليزية بما يكفي لقراءة العمل الأصلي.. إن كنتِ تبحثين عن حل منطقي، فأرمي بحملك على رجل حتى يحمل معك العبء ويشاركك اختيار القرار المناسب، لكن ثقي أن امرأة فقط التي ستستطيع احتضانك والتربيت على ظهرك وتخبرك أن يذهب كل شيء إلى الجحيم، وأنكِ أجمل امرأة في الكون، بينما أنتِ في أبشع حال!
لا تجادلي:
\”إن التقيتِ بشخص من معتقد مختلف وأراد الجدال معكِ، أصغي لما يقوله.. لا تتجادلي معه أبدا.. أفضل ما تقولينه: \”أنا أوافقك الرأي\”.. ثم اذهبي إلى بيتك، وتأملي كما تشائين.. هذه فكرتي للتوصّل إلى السلام بين المعتقدات\”.
وأضيف لكِ، لا تقرأي التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي يا عزيزتي.
ما هي كلمتك؟
تطرح ليز التساؤل الذي طرح عليها، ما هي كلمتك؟ حين قرأت الجملة لأول مرة، قفزت إلى رأسي كلمة \”أم\”، وبعدها تكررت الكلمات المختلفة، لكن ظلت أم تأن برأسي، أعتقد أنها كلمتي حقا.. هل عرفتِ بعد ماهي كلمتك؟!
لا تستعجلي الإجابة حتى تقرأي الكتاب، وتفكري جيدا وتعيدي توازن حياتك.
في النهاية، هذا كتاب لكل امرأة.. ضعيه في مكتبتك على الدوام، فهو أشبه بعلاج نفسي.. ستحتاجين لمعاودة قراءته من حين لآخر، حين تعصف بك بعض المشكلات النسوية، ويمكنك مشاهدة الفيلم المقتبس عن الروايةEat ,pray .love))
ملحوظة: نظرا لأن طبعة الكتاب الأصلية مرتفعة الثمن، فإن الكتاب متوفّر إلكترونيا.. لقراءته.. اضغط هنا.