ندى القصبي تكتب: ماذا لو كنتُ سارة ديفيير

(1)

يظن الرجال ببساطتهم أن النساء يمكن لهن أن يصبحن بسيطات.. يسألك صديقك الرجل النصيحة من أجل فتاته قائلا: أنتِ امرأة، أخبريني بالله عليكِ ماذا تريدين؟ تبتسمين في بلاهة، فكونك امرأة لا يعطي أي أفضلية في فهم مثيلاتك، لأنك تعلمين يقينا أنك لم تفهمي نفسك بعد. إن الأمر لا يمكن أن يكون بهذه البساطة يا عزيزي، مطلقا.. لا أحد يعرف ماذا تريد النساء؟ وخاصة النساء.
(2)
فكرت كثيرا، هل يمكنني كامرأة أن أتّفهم سارة؟ ربما كنت أستطيع، لكن هل يمكنني أن أنسج حياة متماسكة مثلها؟
(3)
تظهر سارة بشكل مفاجئ في حياة رجلُ لا يعرف في حياته إلا العمل، تدخل حياته بالقوة. بطريقة غريبة غير اعتيادية، فتربكه، لكنّه يستسلم لارتباكه وينحاز لجنونها. ويترك لها أن تحدد له خطوط حياته وتعطيه أحد شهور السنة، نوفمبر.
(4)
أنا أحب \”نوفمبر\” أحب لسعة البرد الخفيفة، التي تمكنني من ارتداء كوفيتي على ملابس خفيفة، أحب سحاباته، وأحب السّحر المتعلق به.
(5)
هل قصصت شعري بعد أن عرفت سارة؟ أم أني عرفتها بعد أن قصصت شعري؟ لا يمكنني أن أعتمد على ذاكرتي في أمر كهذا. لكنّي أذكر أني في إحدى المرات حملت صورتها لمصففة الشعر، كي أشبهها. وأعرف بالرغّم مني أن سارة/أنا  كانت تقص شعرها لتستمتع بلمس رقبتها من حين لآخر في حركة لا إرادية، لتتذّكر دائما أن هناك بعض الحرية حول رقبتها.
(6)

شئت أم أبيت، جزء مني ينحاز لسارة بشكل ما، الملابس العشوائية المنسوجة يدويا بالكروشيه والتريكو، الألوان الكثيرة والإقبال على الحياة بشكل مبالغ به، لا يناسب إلا شخص يشرف على الموت! والهروب، العيش بحرية ومواجهة الحياة وحدها فقط كي لا تستمع لمن يتناقش في قراراتها، وحياتها. هل يمكن لي أن أهرب؟ هي قوية بضعفها، هذا ما يميز شخصيتها، أنها استطاعت أن ترسم حياة مبنية على ضعفها لتنتصر عليه، أرادت أن تحتفظ بقوتها إلى آخر لحظة. فأغمضت عينيه للأبد، حتى يتّذكرها كمجنونة مبتسمة تركض على الشاطئ وتبتسم بانفعال، وتجفف خصلاتها القصيرة بالمكنسة الكهربائية، عوضا عن جهاز التجفيف. أن تحافظ امرأة على مشاعرها ليس بالأمر السهل، لكنها تتمكن من السيطرة. يمكن للمرأة أن تحافظ على مشاعرها في طي الكتمان لفترة طويلة، يمكنها أن تخدعك بحقيقة مشاعرها. لكن هل تستطيع امرأة أن تصمد لدقائق أمام اعتراف حبيبها؟
\”- لقد طلب مني أن أتزوجه.
– فعلها قبله كثيرون!
– لكنها المرة الأولى، التي أرغب فيها بأن أقبل\”،

في هذه اللحظة تتحطم دفاعات سارة، تنهار قوتها. يطالبها نيلسون أن تستسلم، أن تمد مهلته لعدة أشهر بعد نوفمبر، \”هل يمكن أن نعتبر كل الشهور نوفمبر؟\”، الحب يمنحنا الطاقة لمعاندة القّدر. لكن مهما بلغ حبك من طاقة. فلن يغير  من حقيقة أن نوفمبر هو شهر واحد! بعض الحقائق لا يمكن للحب أن يسيطر عليها.
\”- هذا كثير..
– لكنه لا يكفي!\”
من يحب لا يكتفي بعطائه، كيف استطاعت امرأة أن تحّول رجلا مثل نيلسون، من مدمن عمل، لمحبٍ مجنون يمكنه أن يفعل مالا يتوقعه هو من نفسه؟ ويصنع لها هذا الكم من الهدايا؟ تتأمل سارة الهدايا ببتسامة خافتة، ونظرة ضعيفة لا يملك جسدها أن يمنح غيرها، لا تستطيع المبالغة مع كل هذه الهدايا الرقيقة، لكنها تخلت عن هدوئها أمام الهدية الأعظم تأثيرا! غسالة الأطباق! – تصرخ سارة، تقوم بضعف لتمسك بها، افكّر، هل يمكن أن يهدي الرجل امرأته هدية أجمل من غسالة الأطباق! يبدو أن الأطباق لا تفّرق بين امرأة شرقية مثلي، وامرأة أمريكية في أواخر  الألفينات، أعتقد أن الأطباق يمكنها أن تصبح كابوسا في أي مكان!
(7)
هل يمكنني أن أصبح سارة، لمجرد أني قصصت شعري. ولأني أكره الأطباق؟
(8)
ماذا لو أردت أن أغطي ضعفي ببعض الألوان، وأن أصبغ شعيراتي القصيرة، وأن أصرخ بكل قوتي متجاهلة كل ما قد يقال عن قراراتي وأفكاري؟ هل يمكنني؟
(9)
إن كنتُ سارة ديفيير، من سيصنع لي موسيقاي الخلفية إذا! كيف يمكنني التمرد دون موسيقى خلفية؟

– سارة ديفيير، هو اسم شخصية البطلة في فيلم Sweet November.
إعلان الفيلم
.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top