كنت اتابع ظاهرة خسوف القمر، واستحضرت جميع أفلام الرعب ومصاصي الدماء ومع برودة خفيفة في الجو، بدأ بالفعل إحساس الرعب يتسلل إلى قلبي وسط ذكر واستغفار وصلاة الخسوف ومحاولة مني للخروج من إحساسي بالقبضة غير المبررة، لكن مشاهد المستذئبين لم تغب عن بالي لحظة، وتذكرت عمارة رشدي وقصصها الغريبة -قد تكون حقيقه وقد تكون من وحي الخيال- لكنها قصص يتناقلها أهالي الأسكندرية ويحكيها الأجداد عبر الأجيال.
عمارة رشدي ذلك المبني الذي يبعث في النفوس الرعب لكل من حاول أن يتأمله وكل من يقطُن حول هذه العمارة يؤكد أن أشباحا تسكنها، وقد قرأت عنها كثيرا، وعن عم حسن.. ذلك الرجل البسيط الذي يمتلك كشك سجائر بالقرب من العمارة.
أمضى عمره بجانبها، يحكي أنه قد تم إنشاء العمارة عام ١٩٦١ وصاحبها الخواجة اليوناني بارديس- الذي بناها وأحضر زوجتة وأولاده الخمسة ليعيشوا فيها، ولم يمر أسبوع حتى خرج في رحلة صيد هو وأولاده، ولم يعد منهم أحد مرة أخرى، فقد غرق المركب بمن فيه وأضطرت زوجته لبيع المنزل وسافرت إلى بلدها، فاشتراه محسن بك وهو صاحب محال أخشاب شهير، والذى قرر أن يؤجر الشقق ويعيش في إحداها.
وبالفعل استأجرت عائلة السيد ظريف شقة بالدور الأول، وبعد يومين اندلع حريق فى الشقة دمرها تماما ومات السيد ظريف في الحريق، فتركت العائلة الشقة وأغلقتها.
أما الدور الثانى فاستأجره طبيب وقبل أن يفتح العيادة بعد أن جهزها وأدخل بها مكتبه ومعداته، سقط على الأرض ومات، فقد خبطته سيارة وهو يعبر الطريق.
أما الدوران الثالث والرابع فأستأجرتهما شركة أجنبية ولم تمر أيام حتى تعرضت الشركة لخسائر فادحة، فأفلست وأضطر صاحبها للإستادنة دون جدوى، وكان معرضاً للحبس، فانتحر الرجل المسكين.
القصة التى كانت سبب شهرة هذه العمارة في عام ١٩٩٠ عن الساكن الجديد، وكان شابا على وشك الزواج.. استأجر الدور الثاني، وأحضر العمال لتجهيز الشقة، ويضيف عم حسن أن العمال كانوا يحضرون إليه لشراء السجائر وبعض إحتياجاتهم، وأخبره أحدهم أنه يسمع أصواتا عجيبة تصدر من الحمام، والأغرب أنهم بعد أن أنجزوا تشطيبهم للشقة، حضر العريس لإستلامها، فوجد بقعا حمراء على الحوائط، لكنه لم يهتم لأن الفرح كان على بعد ساعات.
وفي منتصف الليل حضر العريس وعروسه بعد الفرح، ودخلا الشقة وبعد دقائق وجدنا العريس وعروسه في الشارع، فاقدين للوعي، فتجمع الناس حولهما، وبعد أن سترهما الناس، حكى العريس وعروسه ما لم يتخيلة بشر.
قال العريس: بعد أن دخلت الشقة أنا وزوجتى الحمام لأستحم، فوجئت بالمياه تتحول الى اللون الأحمر.. دما تتدفق من الحنفية، ووجدت زوجتى تصرخ، فخرجت مسرعا لأجد قطة سوداء تقف على السرير، وكان حجمها في حجم الكلب الكبير.. كانت تصرخ بصوت مرعب، ثم اختفت من أمامنا وطارت في الهواء، ثم اشتعلت النيران في الحوائط، فخرجنا إلى الصالة، ثم وجدنا سيدة بدون رأس كانت تضحك ورأسها ملقى على الأرض.
نزلنا من السيارة لنتفحص الوضع، وجدنا رجلا وزوجته وهما عاريين وملفوفين بملاءات، وهما يصرخان، وبجوارهما أثاث المنزل وكل ما يملكون، وقد تكسر تماما وتبعثر حولهما.
في الحقيقة.. كان الأمر غريبا، والكل ظل يتساءل: ماذا حدث لهما؟!
ما بين أساطير وقصص تُحكي عن الأرواح والأشباح، يعتقد البعض في صدقها ويؤكد البعض الآخر على كونها من وحي الخيال، لكن تبقى هذه القصص عالقه في أذهاننا.. نستحضرها في بعض الأوقات -ربما ليلا- ونحن نجلس بمفردنا، لنشعر مثلما اشعر أنا الآن.. بكثير من الرعب، حتى إنني لا اقوى على الذهاب للغرفة المجاورة بمفردي.