وقت طفولتي وزي أي طفلة أمها كل ليلة تحكي لها حدوتة قبل النوم، كانت أمي دائما تحكي لي حدوته \”قميص السعادة\”، عن ملك تعيس بيعيش في مملكته داخل قصره المبهر وحوله الخدم والحشم.
وفي يوم ذهب للتجول داخل المملكة، وأثناء سيره، شاهد رجلا فقيرا جدا، ولكنه -أيضا- سعيد جدا، فتعجب الملك عن سر سعادة الرجل الفقير، وقرر أن يسأله: \”إيه هو سر سعادتك؟!\”، فكان جواب الرجل: \”أنا ماعرفش.. لكن با حس إني سعيد\”.
أصر الملك أن يعرف سر سعادة الرجل الفقير، وسأله: \”يعني بتملك إيه؟ إيه اللي بيسعدك كده؟\”
كان جواب الرجل الفقير: \”أنا لا أملك غير القميص اللي أنا لابسه.. أكيد ده قميص السعادة\”
فأخذ الملك القميص، وهو في منتهى السعادة، وارتدي القميص، فظل سعيدا بالقميص لمدة يوم واحد فقط، وبعدها رجع الملك لنفس الحالة المعتادة، فتعجب بشدة، وقرر أن يذهب ثانيا للرجل الفقير كي يعرف ماذا حدث للقميص السحري، فلما عاد للرجل، وجده سعيدا من غير القميص! فسأله الملك عن سر سعادته الآن، فاقسم الرجل الفقير أنه كان لا يملك إلا هذا القميص، وأضاف وقال للملك: سر سعادتي ليس بجواهر اقنتيها أو بيوت اسكنها.. سر سعادتي هو رضائي بقضاء الله وقدره وما قسمه الله لي من رزق.
امي تقريبا كانت تحكي لي هذه الحدوتة كل ليلة.. لا اعلم إن كانت تقصد المعنى من وراء القصة أم أنها كانت لا تحفظ إلا حدوتة قميص السعادة فقط.
لكن مرت السنون، وظلت حدوتة \”قميص السعادة\” محفوظة في قلبي، رغم أنني كنت لا استوعبها جيدا، ومع الوقت فهمت ما هو \”قميص السعادة\” جيدا، وعرفت أن سر السعادة فعلا، يكمن في الرضا بقضاء الله وقدره، والتسليم بأن كل هذا الكون يدور بقدرة الله وأمره وحكمته، فنحن دائما نرفع أيادينا إلى السماء ونقول: يا رب، لأنه وحده من يملك مفاتيح كل شيء، وصرت دائما أدعو: \”ربي دبر لي أمري، فأنا لا احسن التدبير\”، لأنه وحده يملك التدبير.