نانيس القاضي تكتب: تحرش مُربية

مع عطله المدارس في إجازة فصل الربيع، وبعد إلحاح من أطفالي وأطفال بعض صديقاتي، قررنا أن نصطحب الأولاد إلى أحد حمامات السباحة لقضاء يوم لطيف ممتع للأطفال، مُرهق وملئ بالضجيج للأمهات بالطبع.

وبالفعل ذهبنا، وكان كل شئ أكثر من رائع، حتى جاءت إبنة صديقتي ذات الخمسة أعوام تجري إلينا في سعادة غامرة، وتهتف بصوت مرتفع: \”مامي مامي مامي مامي.. الرقاصه جت\”، لنلتفت أنا وصديقاتي، فنجد الراقصة ليست راقصة، بل هي أم مُتبهرجة تتقمص دور السيدة الأرستقراطية.. ترتدي كامل مجوهراتها.. واضعة كمية مبالغ بها من الكُحل والحُمر وخلافه، وحيثُ إن إبن صديقتي الطفلة الصغيرة تربت في دولة أوروبية، فقد اعتادت أن ترى الناس بملابس صباحية بسيطه غير متبهرجين، خصوصا عند الذهاب للشاطئ، وما شابه ذلك.

ولأن الموقف لا يعنينا، فهي حريتها الشخصيه أولاً وأخيراً، لم نلتفت كثيرا لها، وجلست تلك السيدة بجانبي، ومعها المُربية الآسيوية تحمل إبن السيدة، وهي تلعق الآيس كريم بلسانها مرة، وتعطي الطفل ليلعق هو الآخر من نفس الآيس كريم مرة! ومر الوقت، وفجأه ارتبك الجو، وطلبت السيدة مدير المكان، لأنها طلبت ليمون بنعناع، والليمون جاء بدون النعناع، وأقامت الدنيا ولم تقعدها، كيف لمكان محترم أن يحدث فيه هذا الخطأ الشنيع الفظيع، وخرجت السيدة عن شعورها، ونفرت عروقها، وبدأت في وصلة ردح للمدير على طريقة مي عز دين، وهي تلعب دور بنت الناس في دور لا يليق بها أبدا، وظل الرجل يردد: \”إحنا آسفين يا افندم\”، ولم تلتفت تماما لطفلها الذي من المحتمل أن يصاب بمرض معوي ما، قد يعجز الأطباء عن معرفة أسبابه ونوعه!

وأثناء وصلة الردح، تَذكرت – وقتها- جميع القصص السوداء عن المُربيات، فمنهن بعد أن عملت في بيت كفيلها اللبناني أكثر من أربع سنوات، خنقت ابنتهم بوسادة السرير وهي نائمة، وبالطبع لم يشك أهل البيت للحظه أن الطفله ماتت بفعل فاعل، وتم اكتشاف واقعة القتل – بعدها- عن طريق الصدفة، واعترفت المربية بتفاصيل كامل الجريمة البشعة.

وأخرى تأخذ الطفلة كل ليله للفراش، وبعد رحيل المربية إلى بلادها، بدأت الأم تعاني، لأن ابنتها ترفض النوم تماما، ويُكتشف بعدها أيضا أن الطفلة ذات العامين، لا تستطيع النوم قبل ممارسة العادة السرية! فهل يعقل أن تصل الحقارة بالمُربية إلى هذا الحد؟! وبعدها خضعت الطفلة لعلاج نفسي مكثّف لمحاوله التخلص من تلك العادة.

وأخرى كانت تعاملها سيدة المنزل معاملة سيئة، فقررت الانتقام منهم في ابنهم، وأخذت تطعم الطفل كل ليله الطعام الفاسد، لكن العناية الآلهية انقذت الطفل من الموت المُحقق، وتم فضح أمر المُربية.

وطفل آخر يذهب والداه كل يوم من الصباح حتى المساء إلى عملهما، ويجلس الولد طوال الوقت مع المربية، وكان هذا الطفل يعاني من تأخر الكلام حتى عمر السادسة، ليكتشف الأب بالصدفة البحتة، أن ابنه يتحدث – ولله الحمد- لكنه يتحدث اللغة السيرلانكية فقط، مثل مُربيته التي يناديها بماما، ولا يعرف العربية مطلقا.

وفيديو آخر ينتشر على اليوتيوب لمربية تبرح طفل صغيرة ضرباً، وهي تطعمها، واتحدى أي إنسان استطاع أن يشاهد أكثر من خمس دقائق من هذا الفيديو من قسوة المشهد، وتتعجب بعد مشاهدتك لأول دقيقتين.. كيف ظلت هذه الطفلة على قيد الحياة بعد كل هذا التعذيب؟!

وأخرى أساء أهل البيت معاملتها طوال فترة خدمتها، فقررت الانتقام منهم بعد عودتها لبلدها عن طريق السحر الأسود! فتُحوّل حياتهم جميعا إلى جحيم!

وطيلة الوقت نرى الأطفال في كل الأماكن بصبحة الدادا والسائق فقط.. لا وجود لأُم أو لأب.. في المدرسة.. النادي.. التمرين.. أعياد الميلاد، وغيرها من المشاهد المتكرر يومياً.

استحلفكم بأغلى ما لديكم.. لا تتركوا كامل المسئولي على عاتق من جاءوا ليعملوا لديكم.. هم جاءوا ليكونوا مساعدين.. جاءوا ليلعبوا دورا ثانيا أو ثالثا، وربما ليكونوا \”كومبارس\” في حياة أولادكم.. لا ليكونوا أبطالا في قصة حياة فلذات أكبادكم.. لم تأت المربية لتلعب دورك أنتِ، فأين دورك كأم في الاهتمام بأطفالك؟!

أتحتفظين بمجوهراتك الخاصة داخل خزانة سرية بحجرتك المغلقة وأنت خارج المنزل، وتتركين إبنك – الذي هو أعز هبة من الله – مع المُربية لساعات طويلة وحده بكامل الرضا؟!

هل المعادن والأحجار أغلى لديك من فلذة كبدك؟!

اجلسي دائما وحولك أولادك في المنزل، ولا تتركيهم في غرفة مغلق منفصلة بعيدة عنك مع إحداهن، وأنتي لا تعلمين ما يدور خلف هذا الباب.. لا تجعلي الغرباء يأخذون طفلك للسرير وقت النوم، وإن لم يسعكِ الوقت للاهتمام به وقت نومه، علميه منذ صغره أن ينام بمفرده، وذلك أفضل من أن تتركيه لغيرك في نفس السرير.

لا تتركي أطفالك مع إحداهن بمفردهم في المنزل.. استعيني بأختك.. أمك.. أم زوجك، أو حتى جارتك، أو مديرة منزل مع المربية إذا لزم الأمر.

علموا أطفالكم منذ سن صغيرة معنى التحرش وأنواعه، فالتحرش ليس جنسيا فقط، فهناك تحرش نفسي ومعنوي أيضا، وهناك فيديوهات كثيرة تملأ اليوتيوب يمكن أن تساعدكم وتسهل لكم طريقة شرح الموضوع ببساطة للأطفال.

أحسنوا معاملة من تركوا بيوتهم وأسرهم وجاءوا لخدمتكم، وأعطوهم حقوقهم، فهم بشر ولهم أيضا مشاعر، ويشعرون بالتعب والملل مثلكم، وسوف تحاسبون وتسألون عنهم أمام الله.

إن لم تستطيعوا تحمُل مسئولية أطفالكم منذ البداية، فالأفضل أن ترحموهم ولا تنجبوهم.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top