نانسي فتحي تكتب: دعني أحدثك قليلا عن مخاوفي

هي مخاوف طبيعية في ظل سنوات تَحمِل عنوانا مُظلما. مخاوف بديهية تراودني دائمًا، تصورات مبنية على وقائع وأحداث أعيشها يوميًا كإبنة لأم وأب لا تبرح خيالهما المُتعب فكرة \”هل ستستطيع أن تنجو بنفسها في نهاية الأمر؟\”
فى بلاد تتغير ظروفها الاقتصادية والسياسية للأسوأ يومًا بعد يوم. تضيقُ على شعبها ولا تبشر بأي شيء حتى على على المدى الطويل.
كيف أكون أمًا في بلد يتسمم أطفالها بسبب وجبات مدرسية من المفترض أن تكون دعمًا لهم فى طاقة الغذاء المدرسي؟

كيف أكون أمًا لطفل يتلقى تعليمًا يقوم تدريجيًا بمحو هذا الجزء الإبداعي في عقله لمدة 14 عاما بمثابة نقش على حجر؟

في بلاد تعرضت فيها تلك الطفلة وذاك أيضًا للتحرش الجنسي -عامةً- وفي دور الأيتام -خاصةً- بالرغم إنه من المُفترض أن تلك الأماكن تعمل علي توفير ذلك القدر الضئيل من الرعاية للمشردين.

مئات من حالات التحرش الجنسي بالنساء فى كافة الشوارع العامة كانت أو وسائل المواصلات اليومية، حتى بات ذلك إعتياديًا وروتينًا يحدث كل يوم بدون أي خطوة ضد ذلك الانتهاك الصارخ، بل وصل الأمر إلى إلقاء اللوم على الإناث المجنى عليهن بدلًا من ترويع الفاعل.
فى بلد تسجن شبابها بتُهم غير منطقية على الإطلاق حتى صار إبداء الرأي كتهمة منطقية -أيضًا تشجيع فريق ما. يكفى أن تقول لأ ليُلقى بك فى ظلمة الاعتقال أو الاختفاء القسرى!
كيف أكون أما لشاب سيظل يبحث عن وظيفة لسنوات غير مقدرين كفاءته أو يقرر العمل بوظيفة تقضى على الباقى من صحته فى ريعان شبابه. ذلك فقط لأنه \”ليي من خريجي كليات القمة كالطب والهندسة\’\”؟!

لا أعلم إذا كان بإستطاعتي أن استمر على ذلك التماسك والثبات الظاهري أمامه إذا أصابه ما أصاب آلاف من قبل ممن تعرضوا لعنف مُبكر واضطهاد فقط لكونهم مختلفين عن ذلك القطيع الدائرى المحيط بهم.

لا أنفك أيضًا عن ذكر من صاروا كالعِبرة المجتمعية فقط بسبب موروثات ذلك المجتمع المظلم الرافض للنور أو حتى أشعته البعيدة.

هل سأردد نغمات التشجيع أحيانًا ليُكمِل الطريق؟ أم سأكون صادقة وسأتفوه بما قد يدمره تمامًا بمنتهى الأمانة؟ \”خير لك أن تفقد الأمل\”!

إذا أردتك أن تكون صادقًا، فيجب عليَّ أولًا أن أكون صادقة بالقدر الكافى لأخبرك أنه تم إثبات أنه لا مجال للنجاة.

هل سأستطيع التحلي بالصمود للنهاية حتى يصبح مثلما ذلك الواقف بثبات بمفرده دون الحاجة للاستناد! أم سأتركه للعالم الخارجي المُشوه ليقوم بمهمة تشكيل ما تبقى من قطع البازل المتبقية في شخصيته؟

هل سأقوى على الوقوف ساكنة كجمهور التلفاز بالنسبة لبرنامج مُسجل. فقط سأشاهد الإعادات الخاصة بالأمواج العاصفة وهى تعلو حينًا ثم تهبط فتُلقي به أرضًا بقسوة؟

هل سأطلعه على حال بلاده المنحدر وما يواجهه البسطاء فى محاولات العيش المضنية. أم أتركه حالمًا فى يوتوبيا الطفولة وأمان الرَحِم منفصلًا بذلك عن ذلك الواقع المرير فى محاولة أخيرة منيَّ لحمايته لأطول فترة ممكنة؟ فقط أريد حمايته من التعرض لتلك الأزمات النفسية المبكرة لتتراكم على روحه التفاصيل المؤلمة فتترسب في خلايا عقله وتظل على ذلك الحال السوداوى.
أريده فقط أن يحصل على حقوقه الآدمية. أريد هذا الحق البسيط فى أن يكمل حياته بلا عنف فكري أو جسدى، فقط بدون التعرض لتلك المواقف التى يشعر بعدها المرء بإنتهاك إنسانيته وتقليل كرامته لكى ينجو بحياته ويحافظ على أحبته.
أخاف من ذلك اليوم -الذي قد يكون مُحتملًا- من أن أنظر إليه وأقول:آسفه ملاكي الصغير. فقد كنت سببا من أسباب قدومك لهذه الحياة المخيفة، كان علي أن أنتظر حتى تتحسن الظروف، ولكنى اشتقت إلى رؤيتك بالفعل ولم يسعني إلا إحضارك بأنانية الإحتياج. وأنت ترى أقصى درجات الشر في نزع الورود من قطعة أرض صغيرة بها ورود وحشائش، آسفه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top