تدخل معارك وتناضل لكي تأخذ فرصتك في الاختيار وتحاول أن تتجنب الزج بك في مناطق يصعب الخروج منها.. تدخل في معركة وأنت تعلم أن من المفترض ومن حقوقك الإنسانية أن تختار وأن تمضي فيما اخترته، إما أن تُكمل وإما أن تفشل، وهذا وارد ليس مستبعدا، ولكن وقتها شعور الفشل لن يطغى عليك.. لن يكون كاللون الأسود الذي يطمس ملامحك. ستشعر بالانتصار الجزئي لأنك مارست حقك الآدمي واخترت مسبقًا ما الذي تريد أن تمضي فيه، وأن تعيش عدة أيام أو فترة طويلة تشعر بوجودك وتشعر أنك بالفعل تحت ثأثير الجاذبية الأرضية.. إنسان يعيش ويسير على الأرض وسط البشر، له وجود وكيان.
في أقصى أوقات الديموقراطية في هذه البلدة، يجعلوك تختار اختيارا مبدئيا/أوليا لن يؤثر بالشكل المطلوب على خططك البسيطة التي إذا نُفذت وتحققت لن يتأثر بها أحد بسوء او بخير غيرك أنت وحدك.
اختيارات مزيفة ووهمية.. تكتشف في نهاية الأمر أنهم هم من يرسمون ويلونون حياتك سواء باللون الأسود أو بالأبيض والوردي.
إنسانيتك تُنتهك أثناء السير.. تبدأ في الانهيار وقدرتك على التفكير والتصرف تقل تدريحيًا من كثرة ما تحمله بداخلك من وجع (لم تسعفني قدراتي اللغوية عن وصف ما بداخل الشخص أثناء تلك الفترة لأن في نهاية الأمر.. الوضع مؤلم)
تترقب تغير الحال، إنارة أي مصدر من مصادر الضوء لكي تُكمل.
أحيانًا تسقط في حفرة التخلي عن إيمانك إذا كان المُكتسب أو الفطري، وأحيانًا لا تجد أمامك إلا التشبث بإيمانك لأنه الشئ الوحيد القادر على إعطاء الصبر والمواساة بدون حدود أو حساب.
تبدأ في اللجوء إلى مواهبك التي تكتشف أنها تنطفئ وقتما تسقط وتتهاوى بسبب ارتباطها المباشر والقوي بالتغييرات التي تحدث لك مهما كانت.
يوجد حل أخير الآن.. خططك البديلة، التي هي الأخرى تنتهي صلاحيتها مع صلاحية روحك وجسدك المتهالكين وعقلك الذي أصابه الشلل من كثرة ما واجهه ولم يستطع ملاحقة كل هذه المشاكل في آن واحد.
بعد فترة ليست بالقصيرة تنوي الوقوف مرة أخرى، ولكن تجد نفسك عالقا بين الفترة القديمة التي كنت تمارس حياتك الطبيعية فيها ولم تكن تعلم أن هذا سيحدث. وبين نفسك الجديدة التي صُدمت بوجودها رغم رفض عقلك في الماضي احتمالية وجودها في المستقبل تحت أي ظرف!
تُحاول أن تقف ولكن تسقط، تحاول أن تمضي وتترك كل شيء وراءك ولكن تتذكر ما حدث فتبدأ مجددًا بالتهاوي.
تحاول أن تتجنب التجمعات حرصًا منك على تقليل فرصة الإنهيار أمام الأعداد التي لن تسمح لك مطلقًا بتجاوز هذه الفترة بالطريقة الأمثل دون أن تتشوه تشوها آخر يُضاف إلى خزانة تشوهاتك التي في نهاية الأمر ستجد نفسك فخورا بها كندوب جندي في حرب انتصر على عدوه بعد مناوشات مباشره بين بعضهم البعض.
ستلمس بيديك فشل من حولك في التعامل مع حالتك التي تعلم حقيقتها ومدى بشاعة ما يحدث بداخلك والأسوأ. أنهم يروا أن ما تمر به هو مجرد دعابة ولكنها سخيفه من أرض الواقع والقادم هو صدام أسوأ بالتأكيد.
سيعتقدوا أنك إنسان ضعيف غير قادر على المواصلة والمواجهة، وسيتغاضوا عن معاركك الكثيرة التي كنت تخوضها في اليوم الواحد وحدك على مدار الـ 24 ساعة، وكنت تلقي بنفسك على الفراش مُنهكا مُتعبا تتمنى أن يكون يومك القادم هو جزء من رد هذا التعب والمعاناة التي شعرت بها أمس.
سقف توقعاتك ينحدر للأسفل أكثر فأكثر.. تتمنى في النهاية أن تمر أيامك بسلام وبدون أي مشهد من مشاهد المجازفة والمخاطرة أو بدون انتظار حدث في الأغلب سيكون سيئا.
بعد فترة قصيرة. ستتوقع الأحداث نظرًا لتشابها وعدم تغيرها الجذري فقط تغيير مسميات منعًا للملل.
سينتهي مسلسل ضحكك المستمر.. ستكون قادرا على عد ضحكاتك في العام الواحد وستتذكر تلك المشاهد العابرة القليلة وستنظر إلى السماء متمنيًا حياة بسيطة تستطيع فيها فقط أن تكون مطمئنًا على نفسك لنهاية الأسبوع دون قلق.
لا توجد نهاية لتلك القصة لأنها هى البداية في حقيقة الأمر مع الأسف.. هى بداية قصة حياة بعض منا أو أغلبنا أو بداية حياة شخص ما بجوارنا، ولكن لا نعلم حجم معاناته لأن هذه البداية مقترنة بالعجز عن الوصف وقلة الحديث في العموم.
وستظل الحقيقة الوحيدة الثابتة موجودة مهما تغير الكون من حولنا، أن الإيمان باق والباقي زائل. مهما كانت صورة هذا الإيمان.