الصاحب.. هو الكنز الذي لا يفنى، والنهر الذي يزرع، والنور الذي يرشد، والصوت الذي يهدي. وجود الصاحب هبة من الله تستوجب الشكر والحمد لعظم شأنها.
تجلي عظيم (وهو الصاحب في السفر) سمى الخالق الرحمن نفسه بالصاحب، لينبهنا إلى المعنى الملهم في فكرة الصاحب، ولله المثل الأعلى علمنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم آداب الصداقة وحدودها وبركتها، ويكفي شرف وعزة وكرامة أن يطلق على من رأى سيد الخلق اسم (صحابي)، فلكل نبي أصحابه ولكل ولي أصحابه.. سبحان الله چل شأنه يختار اسم (صاحبته) لنعلم أنه الاسم الضرورة للحياة الزوجية، وهو نفس المعنى الذي ينصحك به الناس لتربية أولادك، أن تصاحبهم.
ولكي تكتمل معرفتك بشخص، انظر من أصحابه، حينها تنجلي السحب وتظهر الحقائق والتفاصيل، ورغم أن الصداقة لا تباع ولا تشترى، إلا أننا دائما نشرك المصالح فيها، فإذا مالت المصلحة يظهر ميزان الصاحب إن كان صادقا، عبر وقاوم الاختبار بلا أي أثر، وإن كان كاذبا انهار بنيان الصداقة، وعندما تشير الأم لابنها بأن يحبب فيه خلقه، وأن يختار من كل بلد صاحب، فهي تدعو لابنها بالسلامة والأمان.
ومن علامات الصداقة، تجاهل نواقص الصاحب والابتعاد عما يؤذية والدفاع عنه في غيابة ومعاودة أهله وصدقه في النصيحة، وأن يصبح مرآة صادقة لا يغشه ولا يخونه ولا يفرح عند سقوط صاحبه.
والتاريخ يشير كثيرا في تأكيد أكيد على أهمية الصاحب، فهل يوجد زعيم أو قائد أو محارب أو مصلح، إلا ومعه أصحابه.
وهل يسقط عظيم أو يتعثر أو يذوق ألم الهزيمة إلا على يد صاحب ومقرب.. لكل مجتمع مرآته، ولكل إنسان مرآتة التي تظهره.. هذه المرآة هي الصاحب.
وعندما تزداد تيمة الصديق الضد في الدراما من المسرح الروماني إلى مسرح شكسبير إلى الأفلام التي تبكي الصاحب المظلم، حتى ظهور العبارات على السيارات والتكاتك، كلها تشير إلى ندرة الصاحب المخلص.
هذه الندرة والقلة، تؤكد أن منحنى الإنسانية يهوي بعناصر أساسية منها الأمانة والصداقة.. حتى يظهر من يقف على الطريق يسأل في إلحاح (ماحدش شاف صديق لا يفرح لألمي ولا يشمت لسقوطي ولآ يقفز فوق مكاني)