انتهى العام ٢٠١٦، ومن المفترض أن توضع نقطة النهاية للقصة التي كان يسردها، لكن القصة لم تنتهِ بعد.
لم تنتهِ قصصه المرعبة ولا تلك المضحكة المبكية. كان عامًا متفردًا بكل المقاييس.
قُتل فيه الحلم أمام أعيننا آلاف وآلاف المرات، ومع كل بصيص أمل كنا نراه، فوجئنا بصفعة تأتينا من حيث لا ننظر. كان عامًا متفردًا بصفعاته المؤلمة أيضًا.
على المستوى الشخصي، لم أفقد عزيزًا في اختفاء أو اعتقال أو. أو. لكن درجة قربهم مني كانت تجبرني على التساؤل: \”من سيكون التالي؟\”
تجد العائدين -إن عادوا- في نظرتهم حزنا يتناقض مع السعادة البادية على وجوههم ووجوه من حولهم. في داخلهم انكسار لا يبدو للعامة، لكنه بديهي.
تخيل هول ما رأوه لتطفأ شعلتهم وحجم ما مات فيهم ليظهر شبح انحناءة على ظهورهم.
صاحب السبعين عامًا قد عز عليه رؤية ظهر مستقيم وعنق مشرئب وهو يجاهد لمداراة شَيْبه، فأطلق العنان لخياله وسلطته.
عامنا هذا أثبت لنا في قصته التي لم تنتهِ أن لوطنك كامل الحرية في لفظك بشتى الطرق، لكنك ستجد من يدعوك للتمسك به تحت مسمى (الانتماء)، فتتساءل: \”هل سيعطيني انتمائي كفاف عيشي؟\”
كان العالم يرينا أنه يسير بخطىً ثابتة نحو الخراب وأن لا جدوى من إيقافه. وها نحن ذا، متفرجون.
نشاهد العالم يخرب ولا تزال فئة منا تصفق وتهلل.
فارقنا العام وتركنا نتعثر في أسئلتنا \”ماذا بعد؟\”
\”ماذا بعد أن اختفى صديقي قسريًا؟\”
\”ماذا بعد أن زادت تكاليف مدرسة ابنتي؟\”
\”ماذا بعد أن أبيدت تلك المدينة؟\”
\”ماذا بعد أن فجرت تلك الكنيسة؟\”
والأهم من ذلك كله، \”ماذا بعد أن نفذ الخبز من منزلنا؟\”
وفي الختام، نحن المستضعفون مهما حاولنا إثبات عكس ذلك. نحن جميعًا غرقى في بحر لا تبحر فيه إلا سفن القراصنة، فماذا نحن فاعلون؟ أنقبل الإنقاذ على يد قرصان من القراصنة الكثر، أم نسبح عكس التيار تجاه الشاطئ؟
ليس بوسعنا أن نلوم من لم يفضل السباحة. كثير منا أنهكته المقاومة والمبادئ، فاتخذ الهروب ملجأ.
لكننا على الرغم من كل ذلك، نجدد العهد مع كل عام جديد أننا على استعداد أن نفقد كل ما فينا في سبيل أن نحيا على الرغم من أن كل ما هو حولنا يدفعنا دفعًا نحو القاع.