أجرت الحوار: مي فرج
اعتدت في سلسلة المقابلات التي أجريتها مع رسامي الكاريكاتير والكوميكس في مصر على التركيز على تعريفهم لفن الكاريكاتير.. فعلى اختلاف من قابلتهم من شخصيات اختلفت التعريفات واختلف استيعاب واستخدام كل منهم لهذا الفن بشكل أضاف فيه كل منهم من حياته، قناعاته، تفكيره، بل وحتى طموحه الشخصي في البلاد وفي الفن نفسه.
ولكن في حواري مع رسام اليوم قررت التركيز على فن الكاريكاتير تحديدا بعيدا عن أوضاع مساحة التعبير في مصر وقيود الإبداع وفرص الشباب. ولكن لا يمنع العودة إليها بانجذاب في بعض الأحيان.
سيف الشعراوي.. أو كما يطلق عليه تلقائيا \”شعراوي\” أحد رسامي الكاريكاتير الشباب في مصر، قد لا تراه وسط تجمعات أو تحت أضواء تسلط عليه شخصيا، فانطباعك الأول من رسوماته -تحديدا- من ألوانها وبساطة خطوطها بل وموضوعاتها أنه \”في حاله\” ولكن هذا لا يمنع حرصه على التواجد ومناقشة الموضوعات المؤلمة اجتماعيا كالتحرش أو سياسيا كالكثير مما لا تسعها سطورنا هنا، فدقة التعبير وصراحة الرسومات تحميها وتهونها على القارئ بساطتها وتلقائيتها التي اكتشفت أنها أحد الأهداف التي يسعى لها في حواره مع الجمهور.
ومن هنا بدأ الحديث بسؤالي:
– يصف الكثير من فناني المدارس القديمة لفن الكاريكاتير أنه: \”الوصف المبالغ لبعض الصفات الشكلية لشخص وتبسيط البعض الآخر منها\”، هل توافق على هذا التعريف للكاريكاتير وما هو وصفك لهذا الفن من وجهة نظرك؟
– اكيد مش هنكر إن الكاريكاتير مبالغة سواء بالتكثيف أو التبسيط ولكن في رأيي كمان مبالغة في الصفات والأفعال للشخصية المرسومة ولا تقتصر على الملامح الشكلية بس.
– أول ما عرف أو حتى تابع المصريون رسومات الكاريكاتير كان من خلال أعمال الفنان مصطفى حسين في \”أخبار اليوم\”.. ما رأيك في أعماله وكيف ترى تعامل المصريين وتفاعلهم مع رسوماته وقتها؟
– بلا شك الفنان مصطفى حسين عمل طفرة في النوع ده من الفن والأجمل إنه وصل لجميع فئات المجتمع من الطبقة الفقيرة مرورا بالمتوسطة إلى الغنية، لأنه كان بيمثل غالبية الشعب وبيعبر عن مطالبهم وحقوقهم وصمم شخصيات تشبههم، وكان بيتميز بالبساطة وخطوط الحركة الدقيقة مع المبالغات الشكلية الطفيفة وأكيد خفة الظل.
– أول ما بدأت علاقة المصريين بفن الكاريكاتير كان من خلال ما ينشر من رسومات في الجرائد الثلاث \”الوحيدة\” وقتها وهي الأهرام والأخبار والجمهورية.. هل ترى أن زيادة أعداد الجرائد المستقلة والخاصة أو حتى الجرائد الإلكترونية في مصر خلق مساحة كافية لفناني الكاريكاتير حتى مع ما يحمله القطاع الخاص من قيود أو تحكمات أحيانا؟
– أكيد خلق مساحة كبيرة ومواقع التواصل الاجتماعي ساعدت كتير من الفنانين على توصيل نفسهم ورسايلهم، لأن مواقع التواصل الاجتماعي والجرايد الإلكترونية أصبحت تحل محل الجرايد الورقية وبتجمع فئات الشعب تقريبا كلهم وخاصة الشباب والجمهور أصبح له حرية الاختيار بالمتابعة بين أكثر من فنان.
– ملحوظ جدا زيادة عدد فناني الكاريكاتير في مصر بعد أحداث 30 من يونيو، ما السبب في ذلك بالرغم من استمرار وجود أزمة في مساحة التعبير من أوجه نظر مختلفة؟
– بعد 30 يونيو للأسف بقى فيه قيود كتيرة على حرية الرأي ومن ضمن ده الصحافة اللي الكاريكاتير يكون وجبة من ضمنها وبقى في بعض رسامين بيغموا عنيهم عن الفساد أو بيخافوا يرسموا ما يسيء لحد على حساب الشعب.. بس من الآخر \”اللي عاوز يرسم كاريكاتير مايخافش من الحكام\”، لأنها مهنة نقدية في الأساس، يعني نحاول نظهر السلبيات ونلقي الضوء عليها عشان تتحل، ونسيبنا من الإيجابيات عشان هي معروفة كويس مش ناقصة.
– في مجال آخر، كيف لاحظت زيادة الأعمال في مجال الجرافيتي و الفرق الموسيقية متنوعة الثقافات؟
– بشوف إن الجرافيتي أصبح محاصرا في مصر والفرق الموسيقية في تقدم وتطلع نتيجة لحالة الكبت، لكن هما الاتنين في تطور دائم بالرغم من ده.
– يقول تيد هريزون: \”يمكن استخدام الكاريكاتير لتوصيل وجهة نظر اجتماعية أو سياسية\”، عمليا بعض الرسامين يرفض تقييد الكاريكاتير في دور ومهمة معينة في حياة أفراد المجتمع، بينما يفضل البعض الآخر التركيز على نوع معين من الموضوعات والقضايا التي يهتم بها هو شخصيا فضلا عن إنه يريد برسوماته أن يساهم في عملية تطوير تلك القضايا. في رأيك ما هي الوظيفة الأساسية لفن الكاريكاتير ودوره في ثقافة وحياة الأفراد؟
– الكاريكاتير بيعبر عن كل الناس مفيش مشكله لما ارسم عن مشاكلي بس لازم عشان رسايلي توصل ماكونش أناني.. أنا شخصيا بحس إني متحمل مشاكل كل فرد في المجتمع ومن واجبي إني أرسم عنهم.. الكاريكاتير يعتبر سلاحي الوحيد كرسام للدفاع عنهم وإضحاكهم وسعادتهم كمان.
– يعتم معظم رسامي الكاريكاتير على الشخصيات البشرية بشكل أساسي ولكن نادرا ما تعتمد الرسومات على نباتات أو الجماد في التعليق على خبر ما أو مناقشة قضية معينة. هل سبب ذلك هو الصعوبة من الناحية الفنية في عدم الاعتماد على البشريين في توصيل معنى ما، أو لأن ثقافة قراءة رسومات الكاريكاتير لم تصل بعد بالشكل الكافي؟ أو هو أمر يعتمد على موهبة الرسام نفسه؟
– مبدئيا طبعا هو أمر يعتمد على موهبة الرسام في توظيف النباتات والجماد لتوصيل مفهومه لأنه يجب أن يلقى قبول من المتلقي ويؤثر فيه.. جمهور الكاريكاتير أصبح أكثر ثقافة من أي زمن تاني ولا نستهون بعقولهم ولكن البعض يحب الأفكار الواضحة السريعة.
– بجانب دور فن الكاريكاتير، هل يلزم الرسام لكي يصبح فنان كاريكاتير، مستوى معين من الثقافة، القراءة أو حتى الإلمام بالمعلومات الخاصة بموضوع رسمته أن يكتفي بمعرفة أساس الخبر أو الموضوع الذي يناقشه في رسمه؟
– أكيد لازم يكون قارئ جيد في شتى المجالات ولازم قبل كل كاريكاتير هيرسمه، يبحث كويس في الموضوع.. القراءة عامة بتساعده علي استخدام رموز كاريكاتيرية تعبيرية في الكاريكاتير نفسه وكمان في الصياغة كلها.. ومستحيل أن يسهم رسام في الثقافة إلا إن كان مثقفا
\”كل رسام يظل رساما حتى يقرأ، يكون فنانا\”
\”كفنان كل ما أريده هو الرسم وفقط ولكن الرسالة والحكمة أو الدروس المراد إرسالها للناس ليس بالضرورة أن تكون هي الهدف، فالموضوع أبسط من ذلك\”
– هل تعتقد أن كاريكاتيرا يجب أن يحمل رسالة أو حتى نصيحة مبسطة لإرسالها للناس حتى وإن كانت رسوماتها ساخرة، أم أن فن الكاريكاتير مفيد ولكن أبسط من ذلك؟
– طبعا يحمل رسالة للناس ولكن في شكل مبسط حتى يتلقوها بصدر رحب وحتى لا نكون من مدعي الحكمة أو نقودهم، فلا يوجد شخص مثالي ولكن مثلا ممكن أن أدخن السجائر وارسم كاريكاتير ساخرا للابتعاد عنها وده مش تناقض ولكنه تحّمُل لقضايا الغير وعدم الأنانية زي ما قولتلك ومحاولة للنصح بأسلوب غير مباشر.
– هل تعتقد أن الكاريكاتير مساحة كافية لمناقشة كافة وأي من الموضوعات أم أنه محدود بالموضوعات الاجتماعية والسياسية في الوقت الحالي على الأقل؟
– في الوقت الحالي هو شامل على الأمور السياسية والاجتماعية و لكنه أعم وأشمل وأكيد هايتطور أكتر.
وكان لابد من التطرق للحديث عن رحلته وأيضا طموحاته الشخصية كفنان شاب ممتهن لفن حديث على الثقافة المصرية كالكاريكاتير:
– إمتى أول مرة رسمت كاريكاتير وكان إيه موضوعه؟
– أول مرة رسمت كاريكاتير كان عندي 4 سنين، كنت بقلد رسومات الجرايد وطبعا مش باتقان ولكن كنت بحاول وحابب الموضوع جدا.. لكن المرة الفعل اللي استمرت لحد دلوقتي وأنا في سن 17 سنة وكان موضوعه عن الرشوة.
– إمتى وإزاي عرفت إنك عايز تبقى رسام كاريكاتير؟
– أنا ماعرفتش إني رسام كاريكاتير غير لما لقيت الكاريكاتير نفسه هو اللي جرني وإن أحزاني وأفراحي وأحداث البلد بتخليني ارسم كاريكاتير أكتر.
– كان صعب إنك تنشر أول كاريكاتير ليك؟
– آه كان صعب جدا إني أنشر في الأول لكن بعد كده نشرت في جريدة أخبار اليوم ومجلة الأهرام العربي وبعض الجرايد الإليكترونية، لكني ماستمرتش في النشر وباحضر حاليا لمشروعي الخاص.
– هل بتفكر أو داخل أي مشاريع أو أفكار ليها علاقة بالكاريكاتير قريب؟
– آه حاليا بعمل مشاريع رسم بعض من روايات معرض الكتاب 2017 وباحضر لكتاب هيكون مفاجأة 2018
– إيه أكتر حاجة بتحلم بيها أو نفسك تعملها كرسام كاريكاتير؟
– اتمنى في شهر 6 لعام 2018 أكون أحسن وأشهر رسام كاريكاتير في مصر، وبعدين نحضر خطة لأكون أحسن رسام كاريكاتير في الوطن العربي، واتمنى كتابي عام 2018 ينجح.