مي جاد تكتب: دولة السوشيال ميديا

فور تسجيلك الدخول إلي هذا العالم الافتراضي، عليك أن تعي جيدا كم الأمراض النفسية التي ستلحق بك.

أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي \”حرفياً\” نموذجا مُصغرا من المُجتمع المصري السلبي, حيث تمارس الغالبية العُظمي من المُستخدمين جميع السُلوكيات السلبية التي لم تخضع لأي قانون ولا عُرف ولا دين.

فور دخولي على رسائل الــ other أجد دعوات لا حصر لها للدعارة الصريحة.. منهم من يطلب مُمارسة الجنس معه بمقابل مادي ويترك رقم هاتفه, ومنهم بلا مُقابل، ولم أجد قانونا يُنصفني هنا سوى\” البلوك\”.

لم يتوقف الأمر على هذا فحسب, فحوادث السطو والسرقة وانتهاك حقوق الملكية، أصبحت أمرا مألوفا، ولا يحق لك أن تمنع أحدا من سرقة كتاباتك أو أرائك أو حتى صورك الشخصية.

أما عن النفاق وترويج الشائعات والأخبار الكاذبة، فحدث ولا حرج, حيث يُعلن موقع ما عن وفاة الفنان فُلان الفُلاني، وفي نفس الوقت ينفي موقع آخر الخبر, ولم يقتصر الأمر على الأخبار الفنية فقط، بل السياسية والاجتماعية والاقتصادية، فيُصيب المُستخدم بحالة توهان وعدم الثقة في أي مصدر سواء هذا أم ذاك.

في دولة \”السوشيال ميديا\” ينتشر فيروس جنون الُشهرة, المرض الوبائي الذي لا علاج له سوى الــ \”unfollow\” حيث ظهرت في الفترة الأخيرة عدة حسابات لأشخاص لم يقدموا سوي السطحية والتفاهة، ولم يسلم من هؤلاء أحد، فمشاركة أفكارهم بغرض التسفيه والتقليل منهم، جاء لصالحم بفارق نقاط كثيرة، فكلما أنتشرت كتاباتهم أو نوعية الفيديوهات التي يقدمونها، كُلما كثر عدد متابعيهم، \”فالعلاقة دائما وأبداً طردية\”، لكن مثل هؤلاء ينتهون فور ظهور آخرين مُنافسين لهم، والبقاء هُنا للأكثر سطحية من الآخر.

التقط أنفاسك قليلا، فسوف نتحدث عن أتباع الشرعية (مانحو صكوك الغُفران), وأبناء السيسي (مُحتكرو الوطنية).. الحديث عن هذا الجُزء بالتحديد يصيبني بارتفاع ملحوظ في ضغط الدم يعقبة سرعة ضربات القلب، وينتهي بنوبة من البكاء الشديد على ما وصلنا إليه, أخشي أن نظل على هذا الوضع مدى الحياة، ويستمر أتباع الإسلام السياسي في المطالبة بإسقاط النظام وعودة الشرعية، والجانب الآخر يستمر في التطبيل والتهويل.

ويبقى الحال على ما هو عليه، ونفني حياتنا في الجدل الدائر بين إذا ما كانت ثورة أم إنقلاب.. كافر أم مؤمن.. وطني أم خائن.. ترعة أم قناة.. لنا الله!

– تحت بند \”موافق أناقشك بس على شرط.. أفرض رأيي عليك\”، نجد الكثير من المجادلات التي تنتهي بالسب والقذف، ويصل الأمر إلى حد البلوك بين الأصدقاء، وفي حالات كثيرة الأهالي بعضهم لبعض.

أما عن الركن البعيد الهادي، نجد على الهامش مجموعات صغيرة جدا ممن يحسنون استخدام هذه المواقع، حيث يتسمون بالمثالية، فتتسم صفحاتهم الشخصية بالهدوء التام ومُشاركة بعض آيات القُرآن أو الإنجيل أو صور لمناظر طبيعية، لا يمنع قليل من الدردشة مع الأصدقاء عبر\”الشات\”, لم يشاركوا في نشر الفتن، ولا ترويج الشائعات، بل يكتفون بالمتابعة من على بُعد.

نأتي أخيرا إلى ملوك الطائفية والعُنصرية والحكم على الآخر بلا وجه حق, فهم بالنسبة  لي مرض خبيث لا علاج له  سوى البتر، والبتر هنا هو مُقاطعة صفحاتهم وعدم نشر أرائهم المتطرفة.

– السوشيال ميديا منارة حقيقية لعرض الأفكار والتعبير عن الذات.. حُرية تداول المعلومات وإظهار المواهب في كافة المجالات, لا عليك من هذه النماذج السلبية, فبلاعات المُجتمع القذرة ستُغلق يوماً ولن نشم رائحتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top