كثيرا ما نسمع في الحواديت التاريخية أو نقرأ في كتب التاريخ عن العصور الوسطى، أو ما يسمى بعهود الظلام، التي غرقت فيها أوروبا بسبب الحكم الديني الفاشي، ويصيبنا الذهول والتعجب، عندما نسمع عن جرائم السلطة الحاكمة في حق مواطنيها آنذاك، أو حتى نستمع للقوانين الغريبة التي لا يمكن أن يمررها عقل بشري في كامل قواه ببساطة، منها مثلا توزيع صكوك الغفران، وتحديد من سيدخل الجنة ومن سيدخل النار من قبل رجال الكنيسة !
لكننا بالطبع لن نفهم طبيعة تلك المرحلة المهمة في تاريخ العالم كله، وليس أوروبا فقط، لكن العلماء اكتشفوا طريقة جديدة للعودة لعصور الظلام، واختبار التجربة، وإن لم تكن بنفس الحدة، لكنها قريبة بشكل كبير منها، ولذلك فعليك عزيزي القارئ أن تقرأ الأربع خطوات القادمة بتركيز وتأني لتعود لعصر ما قبل الحضارة الحضارة.
الخطوة الأولى:
– حاكم الأدباء على كلماتهم
عليك أن تعيش في دولة، تتحرك مؤسساتها القضائية ومنظومة العدالة فيها، وتهز طولها، لتحاكم روائيا على كلمات كتبها، أو بمعنى أدق لتحاكمه على خيال، وتخيل ما هي القضية، إنها قضية \”خدش الحياء\”، فتخيل أن وطنا يتعرض فيه 99% من نسائه للتحرش الجنسي، تخدش حياؤه كلمات على ورق، لم تجبر أحدا ليقرأها، أو تخيل أن وطنا يضم ما يقرب من 4 ملايين طفل شارع، لا يخدشون حياءه، لكن خدشت حياؤه كلمات على ورق كتبها روائي شاب.
الخطوة الثانية:
– انتهك الحرمات.. لن تحاسب
ببساطة إن أردت أن تعرف شعور العيش في عصور الظلام، فقط عِش في دولة ينتهك إعلاميوها حرمات المواطنين، أيا كان من هم، لخدمة أغراض سياسية أو أغراض شخصية في بناء مجد وشهرة ونجاح زائفين ومقرفين مثلهم، ستجد مثلا في دول ما قبل الحضارة، إعلامية بجحة تذيع صورا شخصية لضيفتها، وفي النهاية تلقن المواطنين درسا في الاحترام والأخلاق، أو ستجد إعلاميا آخر، يذيع صورا جنسية لعضو مجلس نواب منتخب، ثم يطالبه بالرد عليه، لكن كل هذا لا يمثل العصور الوسطى فعلا، وإنما ما يمثلها أن هؤلاء الإعلاميون لازالوا ينعمون بحريتهم، ولا يحاسبهم أحد، والقضاء اللي هز طوله، في الخطوة الأولى للدفاع عن، لا مؤاخذة، الحياء لن يتحرك هنا، للدفاع عن الدستور الذي يكفل الحريات، والأمان الشخصي للمواطنين.
الخطوة الثالثة:
– قنن سوق النخاسة
من أهم الخطوات التي ستتخذها لتعيش في عصور الظلام، هو أن تعيش في دولة تقنن أسواق النخاسة، وتقنن بيع البشر لمن يستطيع للشراء سبيلا، ورغم أن معلوماتنا المحدودة تقف عند أنه تم إلغاء بيع الرقيق في دول عدة منها ما يلقب بأم الدنيا، إلا أن هناك وزراء عدل سيخرجون علينا ليتحفونا، بقرارات تقنين زواج القاصرات للمتعة، فقد تجد أن هناك وزير عدل، هز طوله برضه، وأخذ يفكر ويفكر، حتى توصل لقرار لن يوجد سوى في الدول التي تعفنت، بأن ترتفع قيمة الفتاة التي يتزوجها رجل أجنبي، يكبرها بـ 25 عاما، لتصل إلى 50 ألف جنيه توضع في هيئة شهادات استثمار باسم الفتاة، ولم يصل إلى نباهة الوزير، بأن مثل هذه الزيجات لا تسجل من الأساس، لكنها تتم من خلال محامي قواد، يتوسط بين أهل الفتاة الذين ذبحهم وذبحها الفقر، وبين الثري العربي الذي يرغب في التمتع بطفلة مقابل حفنة من الأموال، وبدلا من أن يعمل على إصدار قوانين من شأنها القضاء على هذه الظاهرة المرعبة، التي تجعل من دولته محطة للمتعة الجنسية، فإنه فقط يحسن شروط العبودية.
الخطوة الرابعة:
– هجر الأقباط.. تحت إشراف أمني
وأخيرا وليس آخرا، تبقى معنا آخر خطوة، يمكنك أن تعيش في دولة يتم فيها تهجير السكان من طائفة معينة بعد جلسات عرفية، حتى \”لا يتم إشعال الفتنة الطائفية\”، لكن الفارق هنا، أنها تكون تحت إشراف رجال الأمن، فليس هناك دولة تحترم نفسها ويحترمها العالم، يتم فيها إجبار مواطنين يتمتعون بكاملة الأهلية، على ترك منازلهم درأأ للفتن، وهل تهجير المواطنين ليس فتنة؟ بل إنه يمكن في أحد الدول (أد الدنيا)، أن يتم ذبح فتاة مارست حقها في حرية الاعتقاد الذي كفله لها الدستور، وانتقلت للمسيحية، ثم يعقد الأمن في قريتها جلسة عرفية، ليتم بعدها تهجير عائلة كاملة من منزلها، ولا أحد يسمع حسا ولا خبرا عن محاكمة من قتلوا الفتاة.
وفي النهاية عزيزي المواطن، إن كنت تعيش في دولة يتم فيها أي من تلك الخطوات السابقة، فإنك حتما محظوظ بأن ترى جانبا من جوانب التصرفات الهمجية للأنظمة الفاشلة ومؤسساتها المتخلفة، أما إن كنت تعيش في دولة تحدث فيها كل تلك الخطوات، فلك ولنا الله.