لماذا لم يصدق المصريون في البداية معلومات جهاز الأمن المصري حول معرفة اسم مفجر الكنيسة البطرسية بعد 24 ساعة رغم صحة كل ما ورد فيها؟!
استنى أما أحكي لك قصة كانت علينا زمان في إبتدائي.
كان ياما كان. كان هناك طفل اسمه عادل، كان يعيش مع أسرته في بيت جميل على شاطئ البحر، وكان عادل دائم الكذب ويستخدم كذبه للخروج من أزماته ومشاكله، وكان يكذب في وعوده ويبيع الأوهام الكاذبة للناس، ويجيد تلفيق التُهم، وكان عادل يكذب دائما على والديه وإخوته وأصدقائه وأهل بلدته، وكانت أمه تقول له دائما: لا تكذب يا عادل فالكذب حرام وآخرته وحشة، وإن الله سيعاقبك على كل هذا الكذب. لكن عادل لم يكن يستمع لكلام أمه أو أحد من منتقديه وكان يحب مدح أصدقائه الكذابين مثله ونفاقهم فيه، ومن ثم استمر عادل في الكذب.
وفي يوم من الأيام ذهب عادل إلى البحر ليسبح فيه. وبعد أن استقر به الحال في البحر جاءته فكرة استثمار كذبه في المزاح مع الناس من حوله، ليسخر منهم بعد تصديقه كما هي عادته التي كان يحبها ويجيدها أيضا.
نزل عادل الماء وبعد مدة قصيرة بدأ يصرخ بصوت عالٍ ويقول: أنقذوني. إني أغرق. إني أغرق.
فأسرع الناس إليه كي ينقذوه من الغرق وجميعهم ضحوا وتحملوا مشقة النزول للماء بملابسهم وأموالهم دون تفكير في شئ غير إنقاذ عادل. فلما وصلوا إليه أخذ يضحك عادل ويستهزئ بهم ويقول لهم: ضحكت عليكم ضحكت عليكم، سخط الناس على كذب عادل وشعروا بالضيق منه وذهبوا وهم يقولون: يا له من ولد كذاب، أما عادل فظل يضحك لأنه استطاع أن يخدع كل هؤلاء الناس.
وفي اليوم التالي قرر عادل أن يفعل ذلك مرة أخرى فذهب إلى البحر ليعوم وبعد وقت قصير أخذ يصرخ
ويقول: \”إنقذوني أنقذوني. إني أغرق. إني أغرق\”، ولكن الغريب أن نفس الناس صدقوه أيضا وأسرعوا إلى إنقاذه من الغرق مرة ثانية ولما وصلوا إليه أخذ يضحك ويستهزئ بهم مرة أخرى ويقول لهم: \”ضحكت عليكم مرة أخرى\”!
أخذ عادل يكرر هذا الأمر أكثر من مرة حتى اشتهر بين أهله وجيرانه والناس بأنه ولد كذاب، وذات مرة أراد أن يكرر فعل هذه الحيلة. فنزل البحر وبدأ يعوم. وفجأة ارتفعت الأمواج وأحس عادل بأنه سيغرق فعلا ودخل الماء في فمه فبدأ يصرخ ويقول: \”أنقذوني. أنقذوني. إني أغرق. إني أغرق. حقيقةً أغرق\” ولكن الناس لم يصدقوه هذه المرة وظنوا أنه يكذب ويمزح كالعادة مثل كل مرة فلم يتحرك أحد منهم لينقذه من الغرق رغم أن عادل كان لا يكذب هذه المرة.
خلصت القصة دي.
منذ عهد الرئيس المؤمن شبت في مصر الأزمات الطائفية والشحن والعنف ضد الأقباط واستمرت الأزمة حتى اليوم، ومن السبعينيات وحتى البطرسية حدثت مئات الحوادث الطائفية في مصر منها التعدي على الأقباط وكنائسهم وممتلكاتهم والكثير من حوادث القتل والحرق والتفجير والتهجير، وخضع الألوف من المعتادين للمحاكمة ولكن الغريب والمثير لعدم التصديق بقى إيه؟! أنه لم يتم الحكم على أحدهم في أي قضية \”أيوه فعلا ولا حكم يا عادل\”!
ولا ننسى إقتحام الأمن للكنائس الجديدة والتي بها تجديدات بحجة أنها غير مرخصة، أو للشروع في صيانة حمام بدون رخصة!
وضف إلى معلوماتك كمان الضغط على الأقباط وترهيبهم في أقسام الشرطة لإجبارهم على التصالح ولم الموضوع مع القتلة والإرهابيين.
ناهيك بقى ولاهيك عن استخدام الأمن للسلفيين على كل الصُعد القمعية، ولضغط وترهيب الجميع بهم وخصوصا الأقباط.
كل هذا وأكثر بكثير من التعسف والحيَل التي اعتادت عليها الشُرطة والحكومات والأنظمة السابقة ضد الأقباط في مصر منذ عقود.
عدم تصديق البعض، بل الكثير من الأقباط تصريحات الأمن في البطرسية ما كان إلا مخزون تراكُمي من الشك والخوف، وللعلم ذلك مبرر جدا، لأن صحيفة سوابق الأقباط مع الأمن عمرانة، وهذا ما جعل الأقباط والمصريين عموما لم يصدقوا اهتمام جهاز الأمن ولا معلوماته (مع إنها كانت صحيحة جدا هذه المرة) ولا سرعة تحركه من أجل الأقباط الذين اعتادوا ضياع حقوقهم ودمائهم.
وبس يا سيدي هذا هو البير وغطاه واللى عراه. مع إني صدقت كل كلام الرئيس في الجنازة معرفش ليه!
خلص المقال بس لسه القصة ماخلصتش.
حاضر يا عادل، هرمي لك عوامة المرة دي كمان، بس على الله تكون صادق!